"يحظر على جميع مستخدمي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وخصوصا المديرين ورؤساء المصالح والدوائر والمكاتب، الإتصال أو التواصل أو الإستقبال أو إعطاء أي معلومات لأي عضو من أعضاء مجلس الإدارة مهما كانت صفته وذلك تحت طائلة المساءلة المسلكية المشددة". هذا التعميم الصادر عن المدير العام للضمان محمد كركي تحت الرقم 2157 تاريخ 1/11/2022، استند فيه الى نظام صلاحيات المدير العام ولكن "بشكل مجتزأ" وفق ما ورد في كتاب عضوَي مجلس الادارة رفيق سلامة وفضل الله شريف الموجّه الى كركي اعتراضا على مضمون التعميم. فأحكام المادة الأولى من نظام صلاحيات المدير العام تنص على الآتي:"المدير العام هو الرئيس المباشر في نطاق القوانين والأنظمة لجميع الدوائر وجميع الموظفين التابعين له، ويقوم بتأمين سير الأعمال في أمانة سر صندوق الضمان تحت إشراف مجلس الإدارة". كما تنص المادة 4 التي استند اليها كركي ايضا على الآتي:"للمدير العام وحده السلطة على مستخدمي الصندوق، وهو الوحيد المؤهل في نطاق الأنظمة العامة للمستخدمين لاتخاذ القرارات ذات الطابع الفردي التي تقتضيها إدارة شؤون المستخدمين".
التعميم استفز ايضا نائب رئيس مجلس الادارة غازي يحيى الذي اعتبر أن "تعميم المدير العام مخالف لأحكام قانون الضمان وأنظمته المرعية الإجراء لما فيه من تعطيل لمرفق عام بجهازه الأساسي والذي يتمثل بالسلطة التقريرية، أي جهاز مجلس الإدارة. كما أنه يشوبه خطأ جسيم سنداً للفقرة الأولى من البند الخامس من المادة الخامسة من قانون الضمان الاجتماعي، وكذلك مخالفة صريحة للمادة الرقم 1 من النظام الرقم 3 (صلاحيات المدير العام) بحيث يعمل المدير العام تحت إشراف مجلس الإدارة وليس العكس". واذ اعتبر أن "رئيس مجلس الإدارة مؤتمن على المجلس، ويتولى تطبيقاً للقوانين متابعة تنفيذ قرارات مجلس الإدارة"، خلص يحيى الى اعتبار "هذا التعميم منعدم الوجود لمخالفته الصريحة قانون الضمان الإجتماعي وأنظمته المرعية الإجراء مع ما يؤدي ذلك إلى نتائج ومفاعيل قانونية".
وعزت مصادر في مجلس ادارة الضمان خلفيات التعميم إلى تلميحات لبعض أعضاء مجلس الإدارة في الجلسات عن "الفوضى الحاصلة في المديرية الإدارية حيال مشتريات المازوت والورق والحبر وتشغيل الطابعات حيث تم الشراء والاستلام من الاشخاص أنفسهم، وهم من رتب صغيرة وفي بعض الاحيان زوج وزوجة، اضافة الى عقود تشغيل وتوظيف تتم خلافا للاصول وعلى مسؤولية المدير العام. كما ان إعطاء السلفات لا يتم وفقا لأحكام النظام المالي من حيث إعطاء السلفة ومتابعتها وأصول تسديدها، عدا عن استعمال سيارات المؤسسة من دون اوامر مهمة ومراقبة العدّاد". أما "الصدمة" التي لم يتحملها المدير العام، وفق ما تقول المصادر، فهي "إسقاط موازنة 2022، فيما الدفع على أساس القاعدة الاثني عشرية التي أصبحت عاجزة عن تلبية حاجات الادارة كونها تدفع على اساس موازنة العام 2018 المدققة اصولا. والخلاف الجوهري والاساسي بين مجلس الإدارة، وخصوصا مندوبي العمال مع المدير العام، هو على مخالفة القانون والمراسيم لجهة المساهمة مع المضمونين في اسعار فاتورة الدواء".
والى بيان يحيى وجّه سلامة وشريف كتابا الى كركي حذراه فيه من أن التعميم يخالف قانون الضمان الإجتماعي وأنظمته المرعية الإجراء شكلا ومضمونا. واستندا الى مواد في قانون الضمان الاجتماعي تؤكد أن "من حق مجلس الإدارة وأعضائه الإطلاع على كل المعلومات المتعلقة بسير أعمال الصندوق الإدارية والمالية"، كما أن من صلاحية مجلس الإدارة، من دون المدير العام، "أن يقرر إبلاغ هذه المعلومات للجمهور وطريقة نشرها ليطّلع عليها المضمونون وأرباب العمل، الأمر الذي يجعل التعميم موضوع البحث مخالفاً لأحكام المادة الثالثة من نظام صلاحيات المدير العام".
وإذ أكدا أن التعميم الذي تضمّن حظرا شاملا وحازما لكل اتصال أو تواصل أو إستقبال لأعضاء مجلس الإدارة مهما كانت صفتهم "يشكل إنتهاكا صريحا للحرية الشخصية للموظفين التي هي في حمى القانون"، اعتبرا أن "آثار هذا التعميم تطاول بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، أعضاء مجلس الإدارة وتسيء إلى موقعهم في قيادة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، مما يجعل هذا التعميم تجاوزا صارخا لصلاحيات المدير العام المحدّدة في قانون الضمان الإجتماعي".
ولفت الكتاب الى أن المادة الأولى من صلاحيات المدير العام جعلته يقوم بتأمين سير الأعمال في أمانة سر صندوق الضمان الإجتماعي تحت إشراف مجلس الإدارة، ويكون التعميم موضوع البحث صادراً في هذا المجال عن جهة غير صالحة.
وخلص الى أن المدير العام لأمانة سر الصندوق، في إصداره التعميم، "يكون قد خالف الأحكام القانونية والنظامية وتجاوز صلاحياته، وتاليا يعتبر باطلا بطلانا مطلقا وغير موجود لمخالفته الأحكام القانونية والنظامية المرعية الإجراء، ولصدوره عن جهة غير صالحة".
ولفت الكتاب نظر المدير العام لأمانة سر الصندوق إلى "ضرورة التقيّد بالأحكام القانونية والنظامية التي ترعى تنظيم الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي من دون تجاوز أو إهمال لما لهذا الفعل من انعكاسات سلبية على ديمومة المؤسسة واستقرارها".