النهار

المباني المقاوِمة للزلازل في لبنان بين المعايير والكلفة والأمر الواقع!
فرح نصور
المصدر: "النهار"
المباني المقاوِمة للزلازل في لبنان بين المعايير والكلفة والأمر الواقع!
شبابيك بيروت المهشّمة بعد انفجار المرفأ (نبيل إسماعيل).
A+   A-
فتح الزلزال المدمِّر الذي ضرب سوريا وتركيا، وتأثّر لبنان بارتداداته، النقاش حول الأبنية المقاوِمة للزلازل في لبنان، لاسيّما مع التوقّعات العلميّة التي تنبّأت بوقوع زلازل وهزّات متكرّرة في الشرق الأوسط. فما مدى قابليّة المباني المنشأة حديثاً في لبنان على تحمّل الزلازل، وما هي معايير وكفاءة وكلفة الأبنية المقاوِمة للزلازل؟ 
 
ينصّ مرسوم السلامة العامّة الصادر عام 2005، على إلزامية أن تُشيَّد جميع المباني بعد هذا التاريخ بشكل مطابقٍ للسلامة العامة، ومن ضمنها، مقاومة الزلازل. ومن المفترض أن تكون الأبنية الجديدة مقاوِمة للزلازل حتى 6.5 درجات، فعلمياً، الزلزال، وفق أستاذ الإنشاءات في كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية المهندس الدكتور خير الدين غلاييني. 
 
وبينما توصي الدراسات بوجوب أن تحمي هذه التقنيات من الزلازل حتى الـ 6.5 درجات على مقياس ريختر، وألّا يقع أي ضحايا خلاله، يرى غلاييني أنّه يجب إعادة النظر في "الزلزال المعياري" ورفعه (وهو الزلزال الذي على أساسه يُعدّ تصميم المبنى في لبنان)، كون كما يُتوقّع، فإنّ المنطقة مهدَّدة بحدوث زلازل عديدة، خصوصاً بعد ما شهدته تركيا وسوريا من زلازل وارتدادات عاشها لبنان.

إلى ذلك،تبلغ الكلفة الإضافية لتأسيس بناء مقاوِم للزلازل، نحو 30 في المئة على الجزء الإنشائيّ من المبنى، وفق غلاييني. ولا يمكن الاستحصال على رخصة بناء إن لم يتضمّن المشروع دراسة وخرائط تنفيذية لمقاومة الزلازل.

نظرياً هذا الأمر يجب يُطبَّق، لكن يعود الأمر إلى ضمير المقاولين وتجّار البناء ومراقبة المعنيين لتطبيق المرسوم خلال مرحلة تنفيذ البناء وليس خلال الاستحصال على الرخصة، بحسب ما يوضح غلاييني. لذا، من المفترض أن تكون كلّ المباني الجديدة، وفق هذا المرسوم، مطابِقة لمقاومة الزلازل.

إضافة إلى أهمية صيانة الأعمدة والأساسات بعد وقوع أي زلزال أمر في غاية الأهمية. فمن الضروري ترصّد الوقت الذي يستغرقه الزلزال وليس قوّته فقط. فالقوّة إذا ما ضربناها بالوقت، تعطينا الطاقة، أي كلّما استمرّ الزلزال لوقت أطول، كلّما كانت طاقته أقوى، وبذلك يتعب المبنى، ولن يكون قادراً على مقاومة زلزال ثانٍ، على ما يقول غلاييني. فالمبنى لن يقاوم بالكفاءة نفسها إذا ما شعد زلزالاً آخر، إلّا في حال تمّت صيانته بعد وقوع الزلزال الأوّل.  
 
الأبنية الجديدة محصّنة إلى حدّ ما 
 
طُبِّق مرسوم السلامة العامة في البناء وتولّت نقابة الهندسة الإشراف على تطبيقه، وفق نقيب المقاولين مارون الحلو في حديثه لـ"النهار". ويقدّر نسبة المباني التي طبّقت المرسوم بما يقارب الـ 20 في المئة من العمران في لبنان، أي أنّ كلّ ما سواها يشكّل نحو ما يقارب الـ 80 في المئة من العمران.
 
 أمّا بالنسبة إلى الأبنيّة القديمة، والتي شُيّدت قبل تاريخ إصدار المرسوم، فكان مهندسوها وخصوصاً في الأبنية المرتفعة، يعتمدون تقنية مقاوِمة للزلازل بمبادرة فردية غير إلزامية. لذا، "يمكن اعتبار أنّ كلّ العمران بعد هذا التاريخ محميّ مبدئياً من الزلازل إلى مرحلة معينة"، في رأي الحلو الذي يضيف أنّ "الباطون عادة، يحمي من الزلازل حتى درجه 5 أو 6 درجات على مقياس ريختر.
 
وفيما يمكن لأصحاب الأبنية القديمة، تدعيمها وحمايتها ضدّ الهزات والزلازل، يرى الحلو أنّ كلفة التدعيم لا تفوق كلفة البناء، لكنّها تبقى كلفة باهظة. تقنياً الأمر صعب، إلّا أنّه ليس مستحيلاً، إذ يمكن تدعيم الأعمدة والجدران الموجودة فوق الأرض، من دون القدرة على تدعيم الأساسات، علماً أن تقنية مقاومة الزلازل تبدأ من الأساسات وصعوداً في المبنى كلّه.

اقرأ في النهار Premium