بات البحث عن البدائل الأوفر من حيث فاتورة الطاقة هو الشغل الشاغل للبنانيين مع كل ارتفاع إضافي لأسعار الطاقة ومع كل موسم شتاء جديد. وآخر هذه الصيحات سخان المياه على الغاز، الجديد القديم. هو ليس اختراعاً جديداً إذ كان معتمَداً منذ الستينيات في لبنان، لكن مع الحاجة إلى توفير مصروف الكهرباء، عاد هذا السخان ليبرز في السوق اللبنانية كبديلٍ اقتصاديٍ خصوصاً على أبواب الشتاء، ولا سيما لمَن هو غير قادر على تركيب ألواح الطاقة الشمسية.
ما كلفة هذه الأجهزة وهل تركيبها في المنازل آمن؟
عبير، سيدة من الأشخاص الذين ركّبوا من هذا السخان في بيوتهم. تتحدّث كأنّها تروّج لهذه السلعة ذاكرة منافعها، من شدة حاجتها إلى توفيرها لفاتورة تسخين المياه. "بتنا نوفّر كثيراً مع هذا السخان وهناك فارق كبير بين تسخين المياه على الغاز وتسخينها على الكهرباء"، تقول عبير لـ"النهار".
وتتحدّث عن سهولة تشغيل هذا النظام لأنّه يجب عليك تشغيله فقط والدخول فوراً للاستحمام، وهو يسخن المياه بسرعة هائلة. لذلك، لا يستهلك الكثير من الطاقة، على عكس سخان الكهرباء الذي يستغرق حوالي ساعتين أو ثلاث لكي يسخّن المياه.
وفيما ركّبت عبير هذا السخان الشهر الماضي في بدايته، لم تحتج إلى تغيير قارورة الغاز هذا الشهر، وهي فرد من عائلة مكوَّنة من 5 أشخاص، "وهذا بحدّ ذاته توفير".
صاحب مؤسسة عازار للتجارة العامة جورج عازار، الذي يستورد هذه السخانات، يؤكّد أنّ الطلب عليها كبير ولا سيما مع بداية الشتاء، "الطلب كان كبيراً أيضاً منذ أوائل الصيف، وقد نفدت جميع الأجهزة من المؤسسة بسبب الطلب الهائل عليها"، يقول عازار.
ويتّجه الناس إلى هذا الخيار لأنّه أوفر من الكهرباء، فالسخان يحتاج إلى قارورة غاز واحدة تقريباً في الشهر، والأمر يتعلّق أيضاً بوتيرة الاستهلاك. فهذا الجهاز يسخّن 10 ليترات من المياه في دقيقة واحدة، وبالتالي، بحسب مصروف المياه يكون مصروف الغاز. وإذا ما احتسبنا معدّل تشغيل هذا الجهاز بحوالي ثلاث مرات في اليوم، يمكن أن تغطّي قارورة غاز واحدة استهلاك شهر واحد، وهي بالتالي توفّر مصروفاً كبيراً.
وتبدأ أسعار هذه السخانات من 140 دولاراً وصولاً إلى 350 دولاراً بحسب نوعيتها وبلد منشئها، وإذا ما كانت ذات علامة تجارية معروفة أم لا. فسعر الجهاز الصيني أو المصري حوالي 150 دولاراً، أمّا الألماني فسعره 350 دولاراً.
وهناك طريقتان لتشغيل هذا السخان، وفق عازار. الأولى عبر وصله ببطارية كهرباء، والثانية عبر وصله بالـ"قداحة". وتكون الطريقة الأولى طريقة أوتوماتيكية بحيث يدور بمجرد فتح المياه، أمّا الطريقة الثانية فهي طبعاً أرخص من البطارية.
وفيما كان الطلب الكبير على هذه الأجهزة مع بداية الصيف، خفّ الطلب خلال الصيف بسبب توجّه كثيرين إلى تركيب ألواح الطاقة الشمسية. لكن مع بداية فصل الشتاء، بحيث ينقص تخزين الشمس، عاود الناس التوجّه إلى سخانات المياه على الغاز، كحلّ أسرع وأوفر.
وبحسب عازار، فإنّ السنكري قادر على تركيب هذه الأجهزة إن كان ملمّاً بنظام تشغيلها وسلامتها لكن ليس جميع السنكريين قادرين على إنجاز هذه المهمة.
ويعتمد صاحب المؤسسة على تقنيّ أهّله بنفسه على جميع هذه الأنظمة لتركيبها لزبائنه. فهذا النظام، وفق عازار، يحتاج إلى عيارات معيّنة للغاز وللمياه، فـ"الأمر ليس معقَّداً لكنّه ليس بهذه السهولة كما يظنّ البعض، لكونه يحتاج إلى الانتباه إلى بعض الأمور الفنّية".
ويحتاج السخان المذكور إلى قارورة غاز خارجية توصَل به، وإلى إمداده بالمياه. ويُمنع منعاً باتاً وضعه وتركيبه في مكان مغلق، فهو مزوَّد بداخون يُخرج منه غاز الـCO السام وتنشّقه يؤدي إلى الموت، بحسب عازار. فالكثيرون لا يلتفتون إلى هذا التفصيل، ويرجعون بتركيبه إلى شخص عشوائي لكونه حلاً سريعاً.
ومن الشروط الأساسية لضمان سلامة الزبائن الذين يودّون تركيب هذا الجهاز، وجوب تركيب ساعة لقارورة الغاز، فالجهاز بحدّ ذاته مزوَّد بنظام أمان ينطفئ فوراً إذا تعطّل أيّ fuse بالسخان.
من جانبه، يفيد مصدر في الدفاع المدني بأنّ على التجار الذين يبيعون سخانات المياه التي تعمل على الغاز أن يكونوا مرخّصين لبيعها ومستوفين جميع شروط البيع، كما ينصح بعدم شراء أجهزة مجهولة المصدر. فوجود الغاز في المنزل عموماً ليس آمناً بالمطلق، ويستوجب مراعاة إرشادات عديدة، منعاً لحدوث كوارث.
ويؤكّد المصدر أنّ هناك مَن يركّب هذه الأجهزة في أماكن غير مرئية مثل "التتخيتة"، وبالتالي يشكّل ذلك الأمر خطراً إضافياً، إذ يجب أن توضع تحت مرأى الأعين للتحكّم بها كما يجب، إذ في حال أيّ تسرّب غاز، قد يتمكّن المرء من استدراكه.
والمطلوب، وفق المصدر، "رقابة من الوزارات المعنية للحفاظ على السلامة العامة، فالمباني السكنية تتضمّن أرواحاً عديدة".