مع استفحال الأزمة وارتفاع سعر الدولار غير المسبوق، ومعه أسعار الخدمات كافة والمحروقات، وفي ظلّ تراجع العمل الإنمائيّ لدى البلديات بسبب عجزها عن تغطية نفقاتها وإنجاز خدماتها المطلوبة بسبب فارق أسعار الصرف ومداخيلها التي لا تزال بالليرة اللبنانية، تتزوّد البلديات بتبرّعات أبنائها من مغتربين ومقيمين لجرف الثلوج المتراكمة على الطرقات العامة في البلدة.
أمّا الطرقات الداخلية الفرعية المؤدّية إلى المؤسسات السياحية في مناطق السياحة الشتوية في المناطق الجبلية، فقد تُرك لأصحابها فتحها على نفقاتهم الخاصّة، فهذه العمليات تفوق ميزانيات البلديات كافة. وبات أصحاب المؤسسات السياحية من شاليهات ومطاعم وغيرها، في معضلة كسب الموسم السنوي، وإنفاق ما يجنونه على المازوت للتدفئة واستئجار الجرافات لعدم خسارة الزبائن.
ترفع ميراي هاشم، صاحبة إحدى المؤسّسات السياحية، الصوت عالياً علّها تنقذ موسمها السنوي. فهي في حين فتحت مشروعها قبيل الأزمة مباشرة، واجهت صعوبات من أجل الاستمرار، وتضطرّ حاليّاً إلى دفع تكلفة فتح الطريق المؤدية إلى مؤسّستها السياحيه من مالها الخاص.
وفيما مؤسستها عبارة عن 6 bungalows فقط، وإيجار الليلة الواحدة منها 150 دولاراً، تضطرّ إلى دفع 100 دولار للجرافة لتفتح لها الطريق ليصل الزبون.
"فالزبون يصل منتظراً أن يرى طريقاً مفتوحة، ولا يمكنني أن ألغي حجزاً منذ شهر، بسبب الثلوج، وأُضطرّ إلى الإنفاق من مالي كيلا أخسر الزبون، وبذلك، ربحي يتبخّر، خصوصاً مع ارتفاع كلفة المازوت الذي لا بدّ منه لتدفئة الغرف"، تعبّر ميراي. فبالنسبة إليها، هذا هو الموسم الوحيد الذي ننتظره كلّ عام، وتسأل: "أيّ جهة في الدولة يمكنها أن تتحرّك لإنقاذ الموسم السياحيّ؟".
في هذا السياق، يوضح رئيس لجنة الإعلام في بلدية كفردبيان وليد بعينو لـ"النهار" أنّ المؤسسات السياحية كافة في المنطقة تولّت أمر فتح الطرقات المؤدية إليها، وتنفق هذه المصاريف على نفقتها الخاصة لإزاحة الثلوج، فهي تتعاقد سنوياً مع جرافات خاصة لفتح طرقاتها الفرعية، منذ بدء الأزمة الاقتصادية، المؤسسات السياحية في المنطقة تشهد إقبالاً كثيفاً، وتسعّر خدماتها كما كانت تسعّر قبل الأزمة، فإذاً هي قادرة على تحمّل تكلفة جرف الطرقات المؤدية إليها لتستقبل زبائنها، وفق بعينو. بينما المؤسسات العاجزة عن تمويل فتح طرقاتها، تساعدها البلدية دون أدنى شكّ.
وتقوم البلدية بتأمين فتح الطرقات العامة والطرقات الفرعية داخل كفردبيان والطرقات السكنية، لكنّها عاجزة عن فتح كلّ الطرق السياحية، فالأزمة الاقتصادية فرضت على البلديات نمطاً جديداً من الجرف.
وفيما تجرف بلدية كفردبيان الطرقات العامة خلال العواصف بشكل دائم، تجرف الطرقات الفرعية بعد انحسار العاصفة، إلّا في حالات الطوارئ الاستثنائية، فمداخيل البلديات لا تزال تُحتسب بالليرة اللبنانية وعلى السعر الرسمي، فيما يرتفع سعر المحروقات بشكل جنوني. وإذا ما جرفنا لمدة يومين، نكون قد أنفقنا ميزانية البلدية لمدة شهر، بحسب بعينو.
ويشير إلى أنّ بلدية كفردبيان تؤمّن المازوت لجرّافات وزارة الأشغال وآليات الصليب الأحمر والدفاع المدني وقوى الأمن الداخلي لفتح الطرقات العامة، وتصلّح سيارات قوى الأمن الداخلي لتتحرّك في نطاق البلدة.
رئيس بلدية تنورين منير طربيه وفي حديثه لـ"النهار"، يؤكّد أنّ البلدية تقوم بأعمال فتح الطرقات الفرعية بتمويل من المقتدرين من أهالي البلدة الذين أخذوا على عاتقهم هذا الأمر.
الأمر سيان في بلدية بشرّي، حيث تعتمد البلدية على التبرّعات الآتية من الاغتراب اللبناني لفتح الطرقات الداخلية في البلدة، و"نحن لا نعتمد على البلدية لأنّ البلدية مفلسة كسائر البلديات"، يؤكّد رئيس بلدية بشري فريدي كيروز في حديث لـ"النهار".
وفي منطقة الأرز التابعة للبلدة، حيث تتمركز المؤسسات السياحية في المنطقة، "لا إمكانية للبلدية لفتح الطرقات للمؤسسات هذه". فإضافة إلى الإمكانيات اللوجستية المحدودة لدى البلدية لفتح الطرقات نظراً إلى كمية الثلوج الكثيفة على المرتفعات في الأرز، فإنّ ضعف إمكانات البلدية المادية يحول دون إتمام هذه العمليات أيضاً.
لذا، وبحسب كيروز، تتولّى النائب ستريدا جعجع تزويد وزارة الأشغال بالمازوت المطلوب لتشغيل جرافات الوزارة، إلى جانب صيانتها، لفتح الطرقات في منطقة الأرز للمؤسسات السياحية.