النهار

طوابير ذهب وحقائب فيها آلاف الدولارات... ماذا يحصل أمام محال الصاغة؟
كميل بو روفايل
المصدر: "النهار"
طوابير ذهب وحقائب فيها آلاف الدولارات... ماذا يحصل أمام محال الصاغة؟
سيدة في محل مجوهرات (تصوير حسام شبارو).
A+   A-
كان سيعتبر مشهداً طبيعياً في لبنان لو كان الطابور أمام فرن أو محطة محروقات أو مركز لبيع الغاز، لكن أن تكون الطوابير أمام محالّ الصّاغة وتجّار الذهب، فهذا مشهد غير مألوف!

حصل ذلك بعد الانخفاض الكبير في سعر الذهب، وبعد أن تجاوز سعر "الأونصة" عتبة الـ2000 دولار مع تأزّم الحرب الروسيّة على أوكرانيا، لكن بعد استقراره منذ أيّار عند هامش الـ1800 دولار؛ وقد عاد وانخفض في الأسبوع الأوّل من تموز إلى نحو 1763 دولاراً، وواصل انخفاضه ليصل إلى 1703 دولارات في تموز. ويُتداول اليوم (الإثنين 18 تموز) عند نحو 1715 دولاراً للأونصة الواحدة، ممّا دفع الكثيرين إلى اللجوء لشراء الذهب، في وقت حرّك السوق وجود المغتربين في لبنان خلال موسم الصيف، إضافة إلى أنّ كثيرين من أصحاب الأعمال باتت مداخيلهم بالدولار مع توسّع دولرة الاقتصاد.
 


اشترت ناديا (30 عاماً) الذهب بعد تراجع سعره، وفي المرّة الأولى دفعت نحو 51 مليوناً و800 ألف ليرة لبنانية مقابل الأونصة الواحدة، ثمّ في المرة الثانية دفعت 1760 دولاراً.
حصل ذلك في الأيّام الـ20 الماضية التي تراجعت خلالها أسعار الذهب، وفق ما قالت ناديا لـ"النهار"، وتابعت أنّها الآن أيضاً تريد شراء أونصة ثالثة، مشيرة إلى أنّه بعد تراجع سعرها بهذا الشكل الكبير لم يعد هناك كمّيات في المحالّ. وقد طلبت أونصة لكنّها لا تعلم ما إذا كان الصّائغ سيسلّمها إيّاها، أو أنّ المصدر لم يعد يسلّمه. بالإضافة إلى ذلك، دفعت ثمن القطعة العادية المزخرفة في المرة الأولى 400 دولار، وفي المرة الثانية 14 مليون ليرة.

ليست المرة الأولى التي تشتري فيها ناديا ذهباً بعد تراجع سعره، فعندما يكون في حوزتها مبلغاً متوافراً، تشتري به ذهباً، حتى في الأوقات التي لا يكون هناك تراجعات في السّعر، لأنها تشعر بأنّ الذهب استثمار للمستقبل أفضل من أيّ عملة ورقيّة، وفق وصفها. وهذه المرّة اشترت الذهب لأنّ سعره تراجع، وتتوقّع أن يعود ويرتفع لأنه تجاوز الـ2000 دولار خلال هذا العام. وفي السنوات السابقة حافظ الدولار على مستوياته المرتفعة.

جاء تراجع سعر الذهب عالمياً مع زيادة مستويات التضخم، حيث لم تسلم منه الولايات المتحدة الأميركية، فارتفع المستوى فيها إلى أعلى درجاته منذ 42 عاماً، ممّا دفع البنك الفيدرالي الأميركي إلى رفع مستويات الفائدة للجم التضخّم الحاصل نتيجة الحرب الروسيّة على أوكرنيا، ونتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والمحروقات. هذا الأمر أدّى أيضاً إلى ارتفاع الطلب على سندات الدولار التي باتت تدرّ عائداً أكبر من السابق، ونتيجة ذلك انخفض الذهب الذي لا يدرّ عائداً في وجه الدولار.

يوضح رئيس نقابة تجّار الذهب والمجوهرات نعيم رزق في حديث لـ"النهار" بأنّ "الأونصة والليرة تصنعان عادة من السبيكة التي تكون كيلوغراماً، وعيارها 24 قيراطاً، ونستوردها تحديداً من سويسرا، والآن زاد الطلب على الأونصات وعلى الليرات، وسبب ذلك انخفاض سعر الذهب".

يصف رزق الطلب بأنّه "كبير جدّاً على الذهب، ومن يطلب اليوم يستلم بعد يومين أو ثلاثة أيّام، فالطلب الآن بات أكثر من الذهب المتوافر في الأسواق"، معتبراً أنّ "الصناعة اللبنانية مطلوبة لأنّها مميزة، ويرتفع الطلب عليها خلال هذا الموسم، والمغترب اللبناني يحرّك السوق".

ويشير رزق إلى أنّ "ما ساهم في تحريك السوق بشكل أساسيّ هو الانخفاض الكبير في سعر الذهب، بالإضافة إلى عامل وجود المغترب في لبنان خلال الصيف".

هل يتمّ التلاعب بجودة وعيارات الذهب في لبنان؟
المصدر الأساسي للذهب في لبنان هو سويسرا. في بعض الأحيان نشتري الأونصات مباشرة من هناك - وفق رزق - الذي شرح بأنّ "الأونصات السويسرية طلبها قليل، لأنّ عمولتها مرتفعة، وتزيد عن الـ60 دولاراً، في حين الأونصة الوطنية عمولتها أقلّ، وهي بين 10 دولارات و15 دولاراً في الظروف الطبيعية؛ ومع ارتفاع الطلب أصبحت الآن بين 30 و35 دولاراً للأونصة الواحدة الوطنية".

ويشدّد على أنّ "العيارات في الصناعة اللبنانية سليمة، وهي مطلوبة لأنّ الجميع أكيد من هذا الأمر، ووزارة الاقتصاد ونحن كنقابة نبلّغ فوراً عن المتلاعبين ونلاحقهم، لذلك كلّ الذهب في لبنان عياراته صحيحة".

المشهد لدى الصّاغة
لدى الصائغ حسام يونس، صاحب مجوهرات يونس، الطلب كبير جدّاً، وزاد بشكل ضخم في الفترة الأخيرة. يقول يونس لـ"النهار" إنّ الأونصة قبل ظهر اليوم كان سعرها 1719 دولاراً، ولكن في لبنان هناك ثلاثة مصادر تعطي المحالّ المعدن الخام، وبسبب كثرة الطلب رفعت هذه المصادر العمولة".

وتابع أنّ "الليرة الآن سعرها الحقيقيّ يجب أن يكون 394 دولاراً، لكننا نستلمها بـ405 دولارات، فالعمولة عليها ارتفعت بسبب الطلب المرتفع".

ويلفت إلى أنّ "الطلب على الأونصات والليرات لا يوصف، فيوميّاً لا نبيع أقلّ من 100 ليرة ذهب، و50 أونصة. ولكن لا نتمكّن دائماً من تلبية زبائننا. وفي حال استطعنا تأمين طلبات الزبائن فذلك من خلال دفع عمولات مرتفعة، فيظن الزبون أنّها تعود إلينا، إلّا أنّ هذه النسبة المرتفعة تعود إلى التجار الكبار".

وعن الزحمة يشير إلى أنّه "كي نتمكّن من تنظيم البيع نحدّد موعداً لكلّ زبون لشراء طلبه".

وعن كيفيّة تأمين الذهب في ظلّ هذا الطلب الكبير، يشرح يونس بأنّه "يكون علينا الوقوف في طابور تاجر، لا يتعامل مع زبائن، إنما فقط مع تجار، فنقف في طابور مشابه لطابور الخبز والبنزين لمدّة ساعة أو ساعتين تحت أشعة شمس تموز، وفي حوزتنا مبلغ كبير، حدّه الأدنى 50 ألف دولار، مع ما يستتبع ذلك من خطر على حياتنا في سبيل تلبية الزبائن بأونصة أو ليرة نربح بها ما بين الـ5 دولارات والـ10 دولارات".

[email protected]
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium