ميرنا سرور
دفع الإعلان الروسي عن توقّف الضّخ عبر "نورد ستريم 1" إلى ارتفاع أسعار الغاز نحو مستويات قياسية، إلى جانب تكبيد الأسواق المالية خسائر ملحوظة، وتراجع قيمة اليورو.
تزامنًا، هرعت السلطات الأوروبية لإنقاذ القطاع الصناعيّ وحماية المواطنين من تكبّد أكلاف ضخمة لدفع فواتير الطاقة، بعد أن ارتفعت أسعار الغاز بـ400% تقريبًا.
قيسي لـ"النهار": سنشهد مزيدًا من الانخفاض بمستويات الإنتاج
وفي حديث لـ"النهار"، رأت الخبيرة في حوكمة النفط ديانا القيسي أننا "سنشهد مزيدًا من الانخفاض في مستوى الإنتاج الصناعيّ في أوروبا، خصوصًا مع تقديم ما نسمّيه الرزمة السادسة من العقوبات الأوروبية على روسيا، حيث من المنتظر أن تنخفض مثلاً التوقعات التجارية (Business Expectations) في ألمانيا بنحو غير مسبوق كما حصل في آذار الماضي".
وأشارت القيسي إلى أن "الإنتاج الصناعي كان قد انخفض أيضاً، ولكنه استعاد القليل من عافيته مع وجود بعض البدائل لما يتمّ استيراده من موادّ صناعية، غير أنّ حجم التبادل التجاريّ انخفض بشكل كبير، ويعود ذلك لسببين: الأوّل هو العقوبات الذاتيّة التي فرضتها الشركات الأوروبية على روسيا، ممّا قلّص حجم التداول التجاريّ، وثانيًا هناك العقوبات الأوروبية التي ساهمت من جهتها بانخفاض هذا التداول".
وتابعت: "إلى ذلك، هناك التضخّم الذي وصل إلى ٧.٥٪ في شهر آذار، والذي أثّر على القدرة الشرائية للأوروبيين، وبالتالي على الحركة الصناعيّة والإنتاجيّة".
بهذه الخطوات.. الحكومات الأوروبية تتأهّب للمواجهة
تستعدّ فنلندا لمنح 10 مليارات يورو كضمانات سيولة لشركات الطاقة، فيما ستقدّم السويد نحو 23 مليارًا للغاية نفسها.
ألمانيا من جهتها، إذ تعتبر أكثر من غيرها اعتمادًا على الغاز الروسيّ، أعلنت على لسان مستشارها أولاف شولتس أمس أنّها ستقدم نحو 64.7 مليار يورو لحماية الشركات والمنازل من معدّلات التضخم المرتفعة، إضافة لحزمة بمليارات الدولارات لدعم شركة الطاقة Uniper SE.
وقالت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارينا إن الخطة التي أعلنت عنها حكومتها تعتبر "ملاذًا أخيرًا" للشركات المهدّدة بالإقفال بسبب شحّ السيولة، حسبما ذكرت وكالة "رويترز". (https://www.reuters.com/business/energy/eu-races-help-industry-russian-gas-halt-rattles-markets-2022-09-05/ ).
وكانت بعض دول الاتحاد أعلنت عن خطط طوارئ ممّا قد يؤدّي إلى تقنين إمدادات الطاقة وتأجيج مخاوف الركود مع ارتفاع معدّلات التضخم وتحليق معدّلات الفائدة.
وتشير تقارير إلى أن عددًا كبيرًا من الصناعات في أوروبا، كالأسمدة والألمنيوم، بدأت بتقليص إنتاجها فعلاً، فيما ترزح صناعات التكنولوجيا التي تعاني أصلاً من نقص إمدادات الرقائق الإلكترونية تحت وطأة فواتير الطاقة العالية.
ماذا عن أسواق الشرق الأوسط؟
عن تأثير أزمة القطاع الصناعي الأوروبي على الشرق الأوسط، قالت القيسي: "بالنسبة للأسواق في الشرق الأوسط فإن حجم التأثير يعتمد بشكل أساسي على مدى جهوزية البلد، حيث إن الرزمة السادسة للعقوبات تحتّم البحث عن بدائل وعادة ما يتم البحث في المناطق الأقرب، أي الشرق الأوسط".
وفي حين لم تخفِ القيسي إمكانية وجود بعض التحديات التي تواجه الشرق الأوسط، على رأسها الجهوزية التقنية، رأت أنه إذا تمّ وضع استراتيجيات وخطط على مستوى إقليميّ، فستكون المنطقة أمام فرصٍ كبيرة.
تحذيرات متواصلة.. المجر: أوروبا قد تشهد وقف 40 % من صناعاتها
وحذّر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يوم أمس الأحد من أن أوروبا قد تشهد في الشتاء وقفاً لعمل 40% من صناعاتها بسبب أزمة الطاقة نتيجة العقوبات الغربية على روسيا، منتقدًا هذه العقوبات، ومعتبرًا أنها "كمن يطلق النار على قدمه"، وفقًا لما أوردته قناة "روسيا اليوم".
وأكّد أوربان أن بلاده ستعارض تمديد العقوبات ضد روسيا، ملقياً باللوم على الغرب في القتال واسع النطاق المستمرّ في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن التدخّل الغربي فيه يجعله "نزاعًا عالميًا". وأضاف: "أن النزاع في أوكرانيا قد يستمرّ حتى العام 2030، وستفقد أوكرانيا على إثره نصف أراضيها على الأقلّ".
بدوره، قال رئيس الرابطة الاتحادية لشركات الصناعة في ألمانيا "بي دي آي" زيغفريد روسمان في تصريح إن أسعار الطاقة المرتفعة بشدّة وضعت قطاع الصناعة أمام مشكلات جوهرية.
إلى ذلك، كشفت نتائج استطلاع أن واحدة من كلّ عشر شركات صناعية متوسطة في ألمانيا اضطرت إلى قطع أو تقليص إنتاجها بسبب أسعار الطاقة المرتفعة.
وكانت وكالة الأنباء الإيطالية "أنسا" قد أشارت إلى التقرير الذي أصدرته "ستاندرد آند بورز" بشأن مرافق الخدمات في أوروبا، وجاء فيه أن إغلاق خطّ الغاز الروسي "نورد ستريم1" إلى أجل غير مسمّى يفاقم الضغط على شركات الطاقة في ما يتعلّق بالأسعار وإمدادات الغاز والكهرباء.
ويشير التقرير كذلك إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يؤجّج السّخط بشأن الجهة التي يتعيّن عليها أن تتحمّل هذا العبء المالي الشديد.