النهار

توصيات صندوق النقد لمساعدة لبنان على إصلاح نظامه الضريبي
المصدر: "النهار"
توصيات صندوق النقد لمساعدة لبنان على إصلاح نظامه الضريبي
صندوق النقد.
A+   A-
بناء على طلب نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، أجرت بعثة من صندوق النقد الدولي بين 12 و23 أيلول من العام الماضي دراسة لمساعدة لبنان على إصلاح نظامه الضريبي. وقد التقت البعثة عددا من المسؤولين المحليين والشخصيّات الإقتصاديّة، ومن ثمّ رفعت سلسلة من التوصيات الفوريّة وأخرى على المديين القصير والمتوسط.

وخلصت البعثة الى أن "مجموعة الأزمات التي عصفت بلبنان أخيرا (التخلف عن دفع الدين السيادي، تدهور سعر صرف العملة المحليّة وانفجار مرفأ بيروت وانكماش إقتصادي بنسبة 48%) أدّت إلى تراجع نسبة الإيرادات الضريبية من الناتج المحلي الإجمالي من 15.5% قبل الأزمة إلى مستوى 6.6% في العام 2021 (وهو أدنى مستوى لها منذ نهاية الحرب الأهليّة). في هذا السياق، أشار صندوق النقد إلى انّ مستويات الإيرادات الضريبيّة من الناتج المحلّي الإجمالي كانت بالأصل منخفضة قبل الأزمة (15.1% خلال الفترة الممتدّة بين عاميّ 2010 و2019) وخصوصا عند مقارنتها بأقرانه (متوسّط 18.2%) وبالدول الناشئة والنامية (16.5%) والبلدان ذات الدخل المتوسّط الأعلى (17.5%). ولفت الى أنّه في حال غياب الإصلاحات فإنّ مستويات الإيرادات الضريبيّة من الناتج المحلّي الإجمالي ستتابع انخفاضها، علما أنّ الأزمة أحدثت تغييراً في بنية الإيرادات الضريبيّة مع تراجع الإيرادات من الضرائب على الفوائد من نسبة 17% من إجمالي الإيرادات في العام 2019 إلى ما يقارب الصفر (تماشياً مع الإنخفاض الكبير في مستويات الفوائد) وانخفاض نسبة رسوم الإستهلاك والضريبة على القيمة المضافة نتيجة التقييم الخاطئ للقاعدة الضريبيّة.

في ضوء ما تقدّم اعتبرت بعثة الصندوق التي ورد تقريرها في النشرة الاسبوعية لبنك الاعتماد اللبناني أنّ إعادة هيكلة النظام الضريبي أساسيّة لعكس الإنخفاض في الإيرادات الضريبيّة، كما تشكّل مدماكاً من الإصلاحات الإقتصاديّة المطلوبة في لبنان.

ومعلوم أنه تم تقسيم توصيات صندوق النقد على 3 مهل زمنيّة (فوري، قصير ومتوسط).

على الصعيد الفوري، اعتبر صندوق النقد أن تصحيح سعر الصرف المعتمد لاحتساب الضريبة على القيمة المضافة ورسوم الإستهلاك والضرائب الجمركية يعدّ من الأولويات بحيث خسر لبنان إيرادات ضريبيّة نسبتها 4.8% من الناتج المحلّي الإجمالي مع اعتماد سعر الصرف الرسمي عند 1،507.5 ليرات لبنانيّة لكل دولار بدلاً من اعتماد سعر صرف 38 الف ليرة لكل دولار. بناء على ذلك، أوصى صندوق النقد باعتماد مؤشّر (كسعر صيرفة) قريب بدرجة معقولة من سعر الصرف في السوق السوداء ويقترب من هذا السعر بشكل تدريجي، ناصحا بتصحيح الضرائب وآخذا في الإعتبار نسب التضخّم المرتفعة وخصوصا رسوم الإستهلاك على المحروقات والضريبة على القيمة المضافة والضرائب على الدخل، بحيث بلغت خسائر الإيرادات الضريبية من جرّاء عدم إجراء هذه التعديلات نسبة 0.8% من الناتج المحلّي الإجمالي (أيّ أنّ الخسائر ستبلغ 5.6% من الناتج المحلّي عند الأخذ في الإعتبار الخسائر من عدم تعديل سعر الصرف). أمام هذا الواقع، أوصى صندوق النقد بإعادة النظر بالمعاملة التفضيليّة المتعلّقة بالضريبة على عائدات رأس المال عبر إلغاء الإعفاءات الضريبيّة على ضريبة الإقتطاع المفروضة على توزيعات أنصبة الأرباح من الشركات القابضة وشركات "الأوفشور" وعلى الأرباح الرأسماليّة من مبيعات الأسهم في الشركات المساهمة وتلك الناجمة عن بيع العقارات المخصّصة لأغراض غير سكنيّة. كذلك طالب صندوق النقد بفرض ضريبة أملاك مبنيّة على العقارات الشاغرة.

أمّا بالنسبة الى الإجراءات على المدى القصير، فقد أوصت البعثة بتعديل الضريبة على القيمة المضافة (مع أخذ حماية الفقراء في الإعتبار) وذلك بناءً على التجربة الناجحة باستحداث هذه الضريبة في العام 2002، مع الإشارة أيضاً إلى أنّ رفع هذه الضريبة هو من الإجراءات القليلة التي يمكنها تأمين إيرادات ضريبيّة بنسبة 1% من الناتج المحلّي الإجمالي. ودائماً في الإطار عينه، فقد شدّد صندوق النقد على ضرورة توسيع القاعدة الضريبيّة عبر حصر الإستثناءات وخفض حالات ردّ الضريبة وإلغاء نظام ردّ الضريبة للسيّاح. في السياق عينه، وبحسب صندوق النقد فإنّ تحسين فعاليّة الضريبة على القيمة المضافة بحدّ ذاته (من دون زيادة الضريبة) ستنجم عنه إيرادات ضريبيّة إضافيّة بقيمة 1.7% من الناتج المحلّي الإجمالي (بناءً على تقديرات محافظة من قِبل الصندوق) فيما ستنتج عن زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنقطة واحدة (من دون تحسين فعاليّة الضريبة) إيرادات ضريبيّة إضافيّة بنسبة 0.37% من الناتج المحلّي الإجمالي. وقد نصحت بعثة صندوق النقد برفع رسوم الإستهلاك على المحروقات بشكل تدريجي من 10 سنتات في العام 2023 إلى 25 سنتا في العام 2025 ما سيرفع نسبة الإيرادات الضريبّية من الناتج المحلّي الإجمالي بـ1.5% إلى 3.0%. في هذا السياق، أشار الصندوق إلى أنّ مساهمة رسوم الإستهلاك من الناتج المحلّي الإجمالي هي في مسار إنحداري بحيث انخفضت من 2.3% في العام 2011 إلى 1.5% في العام 2019 و0.5% في العام 2021. وأضافت البعثة أنّ زيادة رسوم الإستهلاك على المحروقات ستخفّف الأعباء الإقتصاديّة )بنسبة 1.0-3.0% من الناتج المحلّي الإجمالي) الناجمة عن التلوّث (إنخفاض الإنتاجيّة، أعباء الإستشفاء، الوفيات المبكرة، ألخ...) كما سيحدّ من العجز في ميزان المدفوعات (شكلّت واردات الوقود نسبة 8% إلى 25% من الناتج المحلّي الإجمالي خلال العقد المنصرم). وقد نصحت البعثة أيضاً بسدّ الثغرات المرتبطة بضريبة الدخل على الشركات (الشركات القابضة وشركات "الأوفشور") وضريبة الدخل على الأفراد وعلى أصحاب المهن (أطبّاء ومحامين ومهندسين). في السياق، إعتبر فريق صندوق النقد أنّ رفع السريّة المصرفيّة ضروري لتحسين الإلتزام الضريبي.

أخيراً، وعلى صعيد المدى المتوسّط، فقد أوصى فريق صندوق النقد بتحديث قانون الضريبة على الدخل بشكل يضمن الحياد الضريبي ويحدّ من التهرّب الضريبي ويدرس التحفيزات الضريبية.



اقرأ في النهار Premium