أعلنت إدارة الجامعة الأميركية في بيروت، استيفاء الأقساط بالدولار الفريش ابتداءً من فصل الخريف المقبل 2022-2023، لتصبح الجامعة الثانية بعد الـLAU التي تسعّر أقساطها بالدولار الفريش، أي ببساطة وعلى سبيل المثال، الطالب الذي كان قسطه السنوي 30 مليون ليرة، سيترتب عليه في العام الدراسي المقبل دفعه بواقع 500 الى 600 مليون ليرة.
لا شك في أن الانهيار الاقتصادي وفقدان العملة الوطنية قيمتها أثّرا بشكل مباشر على الجامعات، إلا أنها أيضاً أرهقت كاهل الأهل الذين باتوا يعانون الأمرّين لتعليم أبنائهم في الجامعات الخاصة. فكيف يمكن للأهل الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة أن يسددوا الأقساط بالدولار؟ أليس من قانون يحمي ويردع؟ أم أن التعليم بات حكراً على الأغنياء؟ ماذا لو حذت الجامعات الخاصة الأخرى حذوهما؟ لا شك في ان التعليم العالي في لبنان بات في خطر خاصة وأنَّ الصف الأقل كلفة في الجامعة تصل تكلفته إلى ألفي دولار تقريباً، أي سيضطر الطالب إلى دفع 20 ألف دولار سنوياً للحصول على شهادةٍ جامعية.
في الرسالة التي وجهها رئيس الجامعة الاميركية فضلو خوري إلى الطلّاب، برّر القرار باضطرار الجامعة استيفاء الأقساط بنفس العملة التي تدفع فيها تكاليفها، مشيراً إلى أن مجموع خسائر الجامعة بلغ 134 مليون دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة، واستنزفت جميع صناديق الطوارئ المدّخرة.
في المقابل، أعلنت الجامعة أنّها ستغطّي 40% من الأقساط لمعظم الطلاب في العام الدراسي المقبل عبر المنح الماليّة، و20% في العام الذي يليه. ولم تتطرّق إلى تعديل أو تحسين رواتب الأساتذة والعمّال في الجامعة في رسالتها، علماً أن الجامعات الخاصة تعهّدت في حزيران 2020، مع بدء تفاقم الأزمة المالية، أمام وزير التربية والتعليم العالي بعدم رفع أقساطها. وفي كانون الأول من العام نفسه، رفع مجلس التعليم العالي توصية باعتماد الجامعات سعر الصرف الرسمي أي 1507.5 ليرة لبنانية.
لكن أين دور وزارة التربية التي يرى الطلاب أنها الغائب الاكبر؟
مصادر تربوية تؤكد لـ"المركزية" ان قانون تنظيم الجامعات الخاصة لا ينص على أي بند يتعلق بالاقساط أو بأي عملة يجب التعامل، فقط قانون النقد والتسليف يتطرق الى التسديد بالعملة الوطنية، او ما يُعرف بـ"السعر الانتقالي القانوني". فعندما وضع قانون تنظيم التعليم العالي الخاص عام 2014 لم يكن لبنان يعاني من مشكلة الدولار والليرة.
وتشير المصادر الى ان المرجع في حال حصول نزاع بين الطالب والجامعة هو قانون النقد والتسليف. فإذا طالبت الجامعة الطالب بتسديد متوجباته بالدولار وقام برفع دعوى، يُحكم له بالتسديد بالعملة اللبنانية على السعر الرسمي، مؤكدة ان مجلس التعليم العالي تواصل مع الجامعات في بداية الازمة، عندما بدأ الحديث عن التسديد بالدولار ورفع الاقساط، وأبدت حينها استعدادها للتعاون وعدم رفع الاقساط، لكنها ما لبثت لاحقا أن أعربت عن عدم قدرتها على الاستمرار، فإما ان تلجأ الى الاقفال واما ان تستوفي جزءا من القسط باللولار، لأن الاساتذة بدأوا يهاجرون، حتى اساتذة المدارس يهاجرون إن لم تدفع لهم إدارة المدرسة ما يرضيهم.
وتجزم المصادر ان لا نص في قانون الجامعات يتناول الاقساط خلافا للمدارس الخاصة، حيث القانون 515 ينظم الموازنات المدرسية، بل ينص فقط على أن تكون الجامعة متمولة وقادرة على الاستمرار ولا تنكسر في وسط الطريق وتشتت معها الطلاب، لافتة الى ان وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي رفع الصوت وتحدث مع الجامعات التي اعتبرت في النهاية انها لا يمكن أن تستمر في ظل هذه الازمة التي تتفاقم يوماً بعد يوم. فقد باتت تتكلف مئات الملايين من الليرات لا بل المليارات ثمناً للمازوت فقط، وفي النهاية من لا يمكنه من الطلاب الاستمرار فلينتقل الى جامعة اقل كلفة وإلا فلا خيار أمام الجامعة سوى الإقفال.
لكن ماذا لو كرت السبحة وقررت الجامعات الخاصة الاخرى تقاضي أقساطها بالدولار؟ ما سيكون مصير الطلاب، خاصة من ذوي الطبقة الوسطى الذين لا يملكون الدولار لتسديد الاقساط، ورواتبهم ما زالت بالليرة اللبنانية؟ وهل سيبقى منهم من يرتادها للتعلم؟