النهار

تداعيات رفع الدعم الكلّي عن المحروقات: عودة الطوابير مع كل تغيير في سعر الصرف!
المصدر: "النهار"
تداعيات رفع الدعم الكلّي عن المحروقات: عودة الطوابير مع كل تغيير في سعر الصرف!
طوالبير البنزين.
A+   A-
في نهاية حزيران 2021 بدأ مصرف لبنان بتمويل استيراد المحروقات وفق سعر 3,900 ليرة للدولار بدلا من السعر الرسمي الأساسي 1507.5، حيث يقوم مصرف لبنان بتوفير 85% من القيمة الإجمالية لكلفة الاستيراد وفق سعر 3,900 فيما يؤمّن المستوردون البقية من السوق الموازية وفق سعر الصرف السائد فيه، فارتفعت أسعار المحروقات نحو 35%. وفي آب 2021، أعلن مصرف لبنان تمويل 100% من كلفة استيراد المحروقات وفق سعر صرف 8 آلاف ليرة للدولار بدلا من 3,900 ليرة، فارتفعت أسعار المحروقات 67% للبنزين 98 أوكتان، 66% للبنزين 95 أوكتان، 50% للغاز المنزلي و73% للمازوت. ثم تحولت القاعدة بدءا من 15/11/2021 إلى تأمين %10 من الدولار الاميركي من السوق الموازية و90% وفق سعر صرف منصة "صيرفة". واستمرت هذه القاعدة لغاية 10/12/2021 وبعدها تحولت إلى تأمين 15% من الدولار الأميركي من السوق الموازية و85% وفق سعر صرف منصة "صيرفة". أما في منتصف آب الحالي، فتحولت المعادلة إلى توفير مصرف لبنان الدولارات للمستوردين وفق القاعدة الآتية: 70% وفق منصة "صيرفة" و30% وفق سعر الصرف في السوق الموازية، فارتفعت أسعار المحروقات على رغم انخفاض سعر برميل النفط عالميا، وأحدث ذلك ضغوطا كبيرة على سعر الصرف الذي تجاوز الـ 34 ألف ليرة بعد فترة استقرار نسبي عند الـ30 ألفاً. وفي 22 آب الجاري، تغيرت النسب لتصبح كالآتي: 45% وفق سعر منصة "صيرفة" و55% وفق سعر صرف السوق الموازية.

كيف يتم تسعير صفائح المحروقات؟ وفق دراسة "مركز إشراق للدراسات" فإن أسعار المحروقات في لبنان تتحدد بناء على جدول تركيب أسعار مبيع المحروقات الذي يصدر أسبوعيًا عن وزارة الطاقة، ويتكون السعر النهائي للمحروقات من مجموع عناصر محلية وعناصر خارجية: العناصر المحلية هي عبارة عن العناصر المسعّرة بالليرة اللبنانية وفقا لسعر منصة "صيرفة" والعناصر التي تتحكم وزارة الطاقة بها مثل رسوم الجمارك، وحصة متعهدي النقل، وعمولة مراكز التوزيع، والضريبة على القيمة المضافة. أما العناصر الخارجية فهي عبارة عن العناصر المسعّرة بعملة الليرة اللبنانية وفقا لسعر منصة "صيرفة" 55% وسعر السوق الموازية 45% والتي لا يمكن لوزارة الطاقة التحكم بها، وهي ثمن البضاعة الذي يتحدد بناء على متوسط 4 أسابيع للأسعار العالمية (Platt’S).

ومن أجل توضيح آثار رفع دعم المحروقات بالكامل على تغير الأسعار، تستعين الدراسة بجدول تركيب الأسعار الصادر بتاريخ 22/08/2022، حيث بلغ السعر النهائي لمبيع 20 ليترًا من صنف البنزين 95 أوكتان 591,000 ل.ل وذلك وفقا للآتي:

العناصر المحلية (التسعير بعملة الليرة اللبنانية وفقا لسعر منصة "صيرفة" 26,900)، ربح المحطة: 25ألف ليرة، ربح متعهد النقل: 11,880 ليرة. قيمة الرسوم الجمركية: 5,060، الضريبة على القيمة المضافة: 58,567.

أما العناصر الخارجية أو ثمن البضاعة المستوردة: 55% من ثمن البضاعة وهو الجزء المسعر بعملة الليرة اللبنانية وفقا لسعر الدولار وفق منصة "صيرفة" (26,900) = 247,234 ليرة، %45 من ثمن البضاعة وهو الجزء المسعر بعملة الليرة اللبنانية وفقا لسعر الدولار في السوق الموازية (نحو 34,000) = 243,259 ليرة.

في حال تم الرفع الكامل للدعم عن المحروقات وأصبح توفير الدولارات يتم عن طريق سعر صرف السوق الموازية، فإن جميع العناصر أعلاه لن تتأثر قيمتها باستثناء الـ 55% من ثمن البضاعة، وهو الجزء المسعر بعملة الليرة اللبنانية، وفقا لسعر الدولار وفق منصة "صيرفة" (26,900) أي 247.234 ليرة، والتي ستصبح قيمتها بعملة الليرة اللبنانية وفقا لسعر الدولار في السوق الموازية نحو 312,489 ليرة أي بزيادة 65,255 ليرة، إضافة الى زيادة الضريبة على القيمة المضافة 11% من قيمة هذه الزيادة، وتاليا تصبح الزيادة الاجمالية نحو 72,433 ليرة.
وفق الباحث الاقتصادي ومدير "مركز إشراق للدراسات" الدكتور أيمن عمر، فإن "ما يحدث الآن من ضجة إعلامية حول رفع الدعم الكلي وتأثيره على أسعار المحروقات قد فات أوانه، فقد سبق السيف العذل لأن هذه الأسعار ارتفعت ارتفاعا قياسيا حتى قبل رفع الدعم الكلي حيث ازدادت منذ بداية الأزمة حتى الآن 2360% أي نحو 24 ضعفاً. ومع رفع الدعم الكلي وعلى فرضية ثبات سعر الصرف الحالي، بالعودة إلى الدراسة التي قمنا بها في مركز إشراق للدراسات، فإن سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان سيزداد 72,433 ليرة فقط أي بزيادة 12.5% فحسب عن السعر الحالي".

بَيد ان المشكلة الأساسية في رأي عمر تكمن في تداعيات القرار على سعر صرف الليرة مقابل الدولار حيث "سنشهد مزيدا من الانهيار في سعر الصرف ومن دون سقف محدد له، يحدثه سببان: الأول تضاعف الطلب على الدولار لتأمين الأموال اللازمة للاستيراد، وخصوصا في ظل غياب حلول ناجعة من السلطات المسؤولة، والثاني اشتداد الأزمة السياسية مع اقتراب بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبلاد. ونحن هنا أمام سيناريوين: تحديد كمية المحروقات المسموح باستيرادها من أجل خفض الطلب على الدولار، مما يعني عودة الطوابير وظهور الاحتكارات والغالونات وارتفاعا كبيرا في الأسعار، وإما ترك الأمور على حالها وهو المرجح وتداعيات ذلك السلبية على سعر الصرف".

كما يتوقع عمر أن نشهد "اختلالات كبيرة في سوق المحروقات كلما حدثت اختلالات في سعر الصرف، ونضيف إليها عنصرا جديدا متحكما في سوق المحروقات هم المضاربون بالدولار وقدرتهم عندها على التلاعب بسوق المحروقات، وبخاصة إذا اتفقوا عليها مع بعض تجار المحروقات".



الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium