يمرّ لبنان بانهيار اقتصادي غير مسبوق ويبدو أن لا نهاية له. لكن القطاع الخاص، الذي لطالما اعتمد عليه البلد، قادر ومستعدّ لأخذ زمام المبادرة في إعادة لبنان إلى المسار الصحيح لتحقيق التعافي السريع والازدهار والتميّز والانفتاح على العالم.
لهذه الغاية، أقامت "شبكة القطاع الخاص اللبناني"، منتدى The Network، تحت شعار "Save today build tomorrow"، للإعلان عن الشروط المطلوبة والتي توافق عليها المعنيّون في القطاع، لإنقاذ القطاع ونموّه، بمشاركة أصحاب الأعمال والمديرين التنفيذيين للشركات الخاصة.
شارك في المنتدى أصحاب مؤسسات ومستثمرون وخبراء ماليون واقتصاديون وأعضاء في نقابات وجمعيات ومنظّمات محلية تُعنى بالقطاع الخاص. لكن المشاركة الأبرز في هذا المنتدى كانت لنواب "التغيير". فهم، بمعظمهم، أصحاب مؤسسات ومستثمرون، أي أنّهم معنيّون بشكل أساسي في تأمين مطالب هذا المنتدى، ومن ناحية أخرى، لتبادل الركائز المطلوبة معهم، ورفع الصوت أمامهم وإيداعهم هذه الحلول العلمية والجادة، كونهم أصبحوا في مراكز القرار. كذلك، شارك نواب "تقليديّون" أيضاً في المنتدى، كونهم أصحاب شركات ومستثمرون وأصحاب رؤوس أموال.
عشرة نقاط شكّلت ركائز إنقاذ القطاع الخاص ونموّه، شرحها أعضاء الشبكة المتحدّثون في المنتدى. فالقطاع الذي يشكّل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني، وأحد مصادر التمويل الأساسية لإيرادات الدول، طالب بالآتي: الأمن الاقتصادي، العدالة، الاقتصاد الشرعي، التعافي المالي، الدولة اللامركزية الحديثة، الأمن الغذائي، المنتجات المحلية، الرعاية الصحية، بناء القدرات، والاستدامة. وتخلّل العرض مداخلات من وجوه بارزة في مجالات عديدة في الفن والإعلام والقانون والتجارة والإبداع، لمشاركة تجارب لبنانيين ناجحة.
تصوير حسام شبارو
كان من المفترض أن يُقام هذا المنتدى قبل الانتخابات. إلّا أنّ إرجاءه إلى ما بعد هذا الاستحقاق هدف إلى إيصال رسالة انطلاقة جديدة ورفع المطالب المذكورة إلى نواب البرلمان الجدد، بحسب أحد أعضاء "شبكة القطاع الخاص اللبناني"، هادي نحاس، "فالأمل كبير بتعاونهم، وبِهم".
انطلاقة هذه الشبكة كانت بمبادرة فردية من مجموعة رجال وسيدات أعمال بعد انتفاضة 17 تشرين، أي بعد بدء انهيار الاقتصاد، وانعكاس ذلك على القطاع الخاص. توسّعت الشبكة لتضمّ معظم الجمعيات والمنظمات المحلية التي تعنى بالقطاع الخاص، وتأسّست منذ سنة لتوحيد الجهود وخلق نوع من "لوبي اقتصادي" يحدّ من تدهور القطاع أكثر، في ظل الأزمة الراهنة.
من جانبه، وفي حديثه لـ"النهار"، يؤكّد ريكاردو حصري، أحد المتحدثين في المنتدى وأحد أعضاء الشبكة، ورئيس "شبكة الشركات العائلية"، والذي تولّى الحديث عن شرط "التعافي المالي" لإعادة بناء القطاع الخاص، أنّ "أهمية المنتدى، خصوصا بعد الانتخابات، هو رسالة من القطاع الخاص إلى جميع المعنيّين فيه من مستثمرين ومستفيدين ومسؤولين جدد وقدامى، لأن يسمعوا مطالبنا، فهذا القطاع لا ينمو من دون أرضية صلبة".
تصوير حسام شبارو
لا قطاع عام من دون القطاع الخاص، برأي حصري، فالقطاع الخاص يدخل الإيرادات للدولة، و"لا يمكن استعادة اقتصادنا من دون هذه النقاط الـ 10 مهما فعلنا". فهي ركائز تمثّل حلولاً موجودة وهناك قدرة على تنفيذها. والمشهد اختلف اليوم، "في الماضي كان المعنيّون في الدولة يقرّرون ونحن نتلقّى تداعيات هذه القرارات، لكن لن نقبل بعد الآن أن نتلقى قرارات من دون أن نكون مشاركين فيها"، بحسب حصري. وتمنى مع "نهج التغيير" الذي بدأ يسري، "أن نعمل سوية على إنقاذ بلدنا الذي لا يمكن أن يقوم إلّا بقطاعيه العام والخاص".
النائب المنتخب وضاح الصادق، وفي حديثه لـ"النهار"، خلال مشاركته في المنتدى، يؤكّد أنّ مشاركته تعنيه على المستوى الشخصي بالدرجة الأولى، فهو آتٍ من القطاع الخاص وقد "بدأنا اجتماعاتنا السياسية قبل 17 تشرين كقطاع خاص، من أصحاب مؤسسات وأعمال، وانطلقنا لنكون مجموعة سياسية واستمرينا، ومعظم مجموعتنا اليوم تضمّ أشخاصاً من القطاع الخاص. لذلك، هذا المنتدى اليوم كلّفني تمثيله في المجلس النيابي، ولن نرفع هذه المطالب فقط إنّما سنقاتل من أجلها، وأنا سأدخل إلى المجلس لتمثيل هذا القطاع فهو أساس في بناء البلد، ولبنان اعتمد عليه لفترة طويلة لتمويل جميع القطاعات لا سيما القطاع العام الذي يعاني الكثير، ودورنا اليوم كنواب إقرار خطة لحماية القطاع الخاص ونموّه".
تصوير حسام شبارو
أمّا رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي، شارل عربيد، وخلال مشاركته في المنتدى، تحدّث لـ"النهار" عن أنّ "تشارك الأفكار مفيد جداً خصوصاً في حالة الركود التي نعيشها، وهو بداية للقاءات أخرى ينتج عنها حلولاً بتضافر جهود الجميع، خصوصاً وأنّ للمتحدّثين تجارب ناجحة في هذا القطاع، لكن الأهم أن يُترجم هذا العمل بسياسات واضحة بالشقين الاقتصادي – الاجتماعي".
كذلك، تواجدت نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي، في المنتدى، وأكّدت لـ "النهار" أنّه يجب البحث في تقوية دور القطاع الخاص في ظل الوضع الصعب الراهن، فالبلد لا يزال يتّكئ على هذا القطاع، و"السبل موجودة طالما الإرادة موجودة، ونحن جميعنا مع نواب التغيير وندعمهم لإنقاذ البلد من الغرق، والأمل موجود". وبرأيها، قيام هذا المنتدى بعد الانتخابات "يدلّ على عزيمتنا على الاستمرار كقطاع خاص، فجميع أعضاء الشبكة يعملون على مخطط لتحسينه".
تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو