تروّج التطبيقات السياحيّة، كغيرها من أيّ توجّه أو "تريند" يظهر في لبنان. العديد منها متشابه من حيث الأهداف والخدمات، وسط زحمة في سوق هذه التطبيقات التي بدأت تبرز في السنوات القليلة الماضية. وتتزايد حاليّاً، مع الطلب على السياحة الداخلية، وغياب دليل رسميّ عملي. لذلك، أخد شبان على عاتقهم هذه المهمّة، عبر قالب التطبيقات الحديث، وأكّدوا أنّ الفرص في لبنان لا تزال موجودة.
كريستيان المر، 30 عاماً، صاحب تطبيق "Jedo" السياحيّ، بدأ التحضير لتطبيقه عام 2019 وأطلقه في منتصف عام 2020، "حينها لم يكن سوق التطبيقات السياحية منتشراً كما اليوم"، يقول المرّ في حديثه لـ"النهار".
بحكم عمله، كان المرّ يتنقّل بين دول عديدة، ولدى زيارته لبنان في الإجازات، وبسبب مواجهته صعوبة في إيجاد أماكن للترفيه والسياحة، إلى جانب غياب المصداقية لدى التطبيقات القليلة التي كانت موجودة حينها، قرّر إطلاق تطبيق سياحيّ بمعايير عالية، فهو متخصّص بالـ human computer interaction. ومع بداية العام الماضي، التمس المرّ الإقبال الكبير على تطبيقه. ويؤكّد أنّ "أعداد المستخدمين يتزايد، ونحن من التطبيقات القليلة الرائدة في سوق لبنان، وحاجة اللبنانيين كبيرة لاستكشاف بلدهم". ويهدف إلى الجمع بين أصحاب المصلحة في قطاع السياحة، ويضمّ أكثر من 2000 معلم سياحيّ في جميع أنحاء لبنان، ويتيح للمستخدم الاختيار من بين البرامج المصمَّمة مسبقاً (للسياحة الدينية والثقافية والتراثية) من الخبراء المحليين، إلى جانب دليل على الشواطئ والمسابح والمطاعم وغيرها.
وبحسب أرقامه، 70 في المئة من مستخدمي التطبيق هم من داخل لبنان، من ضمنهم سيّاح يحمّلون التطبيق لدى وصولهم إلى لبنان. لكن "لا يزال الوعي تجاه استخدام التطبيقات للسياحة قليل جدّاً، وهي مشكلة نواجهها في السوق اللبنانيّ، كون استخدام التطبيقات عامّة في الحياة اليومية لم يدخل بعد بقوّة في ثقافة اللبنانيين، لكنّنا مستمرّون في هذا التوجّه لأنّ السوق اللبنانيّ بحاجة إلى هذه الخدمات".
من صفحة المصوِّر كميل الريّس.
تطبيق سياحيّ آخر باسم "Kazderni" أطلقه عبد بوشية، 33 عاماً، وصديقه في أوائل العام الماضي. عبد الآتي من عالم المال والبنوك، وبعد عودته من الخليج حيث عمل لمدّة خمسة أعوام، "اكتشف قيمة لبنان السوقية والفرص المهدورة فيه"، يقول في حديثه لـ "النهار".
كان هذا الاكتشاف بالتزامن مع عمله كمرشد سياحيّ، فهو شغوف بهذا المجال. وفي ظلّ جائحة كورونا، تبلورت فكرة ضرورة تعزيز السياحة الداخلية بسبب عدم التمكّن من السفر نتيجة القيود العالمية المفروضة آنذاك. هنا، انطلق عبد في رحلته السياحية في لبنان، واكتشف المناطق والمطاعم وبيوت الضيافة، وهنا، "كان لا بدّ من تنظيم السياحة في لبنان والمضي بتثبيت هذه الفكرة"، وفق بوشية، ويضيف أنّ "كانت بداية التطبيق هنا".
ويوفّر هذا التطبيق خدمات سياحية متنوعة لاسيّما تقديم دليل للمواصلات وللمطاعم الأصيلة وغير المعروفة وبيوت الضيافة بجميع مستوياتها، والنشاطات التي يمكن القيام بها في كلّ منطقة، وجولات ثقافية على امتداد لبنان.
بوشية الذي كان ولا يزال مدوّناً سياحيّاً، استفاد من صفحته على منصّات التواصل ومن مدوّنين آخرين للترويج للتطبيق. وفي غضون حوالي السّنة ونصف السّنة، يؤكّد أنّ التطبيق تجاوز الـ 250 ألف تحميل. وبينما استخدام التطبيقات لتسيير الحياة اليومية أمر غير رائج بشكل واسع في لبنان، يرى أنّ "عانينا من هذه المشكلة في بادئ إطلاقنا للتطبيق، وكنّا نتواصل مع أصحاب المؤسسات السياحية ولا يعيروننا أيّ اهتمام". لكن الآن، تغيّر الوضع مع تجربة المستخدم السهلة التي يوفّرها التطبيق، ما يدفع المستخدم إلى استخدامه.
من صفحة المصوِّر كميل الريّس.
وفيما أنّ هذا التطبيق مجانيّ، يوضح بوشية أنّ هناك مصدرين لتسجيل الأرباح. أوّلها الباقات التي يقدّمها للمؤسسات السياحية الراغبة إبراز نفسها أكثر من غيرها في منطقتها عبر التطبيق. أمّا المصدر الثاني فهو حصّة التطبيق من الصفقات التي تتمّ عبره، فمثلاً أيّ شخص يقصد بيت ضيافة ما عبر التطبيق، تذهب نسبة من سعر الليلة كربح للتطبيق.
وفي الحديث عن سوق التطبيقات السياحية، يرى بوشية أنّ هناك منافسة مرحَّباً بها طبعاً، لكنّ خورزميات الهاتف الذكي تظهر أنّ تطبيقنا هو الأول في قطاع السياحة في لبنان، إذ حلّينا مشكلة اجتماعية واقتصادية في البلد". وأبرم بوشية الاتفاق الأول مع مستثمِر خارجيّ لتوسيع نشاط التطبيق في الدول العربية.
"نعم هناك فرص في لبنان"، بحسب بوشية و"القدرات هائلة، لكن يبقى التفرّد هو العنوان الأساسي"، فشريكه بالتطبيق أيضاً ترك الولايات المتحدة الأميركية وآمن بالفرص الموجودة في لبنان.
تطبيق سياحي آخر، "What now" يُعنى فقط بالحياة الليلية وأماكن السهر على أنواعها في لبنان. إيلي عطوله، 30 عاماً، أحد مؤسسي التطبيق الثلاثة، يتحدّث لـ"النهار" أنّ كان من المفترض إطلاقه في العام 2019 قبل انتفاضة 17 تشرين. وبسبب التحرّكات، تأجّل إطلاقه حتّى أواخر العام الماضي.
يسهّل التطبيق على الفرد إيجاد نوع السهرة وفقاً لنوع الموسيقى التي يريدها وفي المنطقة التي يرغب في التوجّه إليها، وحفلات المغنيين، ويضمّ ما بين 600 حانة وملهى ليلي، "بأقلّ من دقيقة، بدلاً من البحث المطوَّل في صفحات مواقع التواصل الاجتماعيّ، ففي زمننا الحاليّ، باتت التطبيقات توفّر وقتاً وجهداً على المستخدمين"، يقول عطوله.
وانطلق التطبيق من حاجة الناس، من مقيمين وسيّاح، إلى دليل للسهر فالحياة الليلية في لبنان جزء أساسيّ من سياحته، "ونحن حالياً التطبيق الوحيد في لبنان الذي يُعنى بأماكن السهر والحياة الليلية" على حدّ تعبير عطوله. وفيما عمر التطبيق حالياً ستّة أشهر، حتى الآن يستخدمه حوالي 25000 شخص، بحسب عطوله، الذي ينوي التوسّع بخدمات التطبيق عبر إضافة خدمة حجز بطاقات السهرات والحفلات. ولاحقاً سيتمكّن المستخدِّم من حجز الطاولات عبر التطبيق أيضاً.
من صفحة المصوِّر كميل الريّس.