سجّلت الحركة السياحية نسبة إشغال لافتة في المؤسسات السياحية في فترة عيدي الفصح والفطر، مع حديث المعنيين عن أرقام مبشّرة سجلتها حجوزات الطيران والفنادق لفترة الصيف.
في السياق، كشف الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي لـ"النهار" أن نسبة الإشغال في فترات الأعياد وصلت إلى 70% في الفنادق خصوصاً في المناطق الساحلية، مشيراً إلى أن معظم الوافدين كانوا بنسبة 80% من اللبنانيين المغتربين. ولفت بيروتي إلى أن البلد شهد إقبالاً كثيفاً من العراق والدول الأوروبية مشيراً إلى الحركة الثقافية التي أُعيدت تدريجاً بفعل الوافدين من الأسواق الأوروبية في موسمي الربيع والخريف ولا سيّما المتقاعدين منهم. وتوقع بيروتي ازدياد الحركة السياحية في الأعوام المقبلة وارتفاع نسبة الحجوزات في حال التوصل لاستقرار سياسي في البلد.
"القطاع يقاتل باللحم الحيّ"، وفق وصف بيروتي، إذ لا يخلو من بعض المشاكل التي تواجهه وسط غياب أي خطة اقتصادية جدية من جانب الدولة التي لا تتعاطى، بمسؤولية تجاهه أو تجاه الوطن والمواطن. فالدولة كما بات من المعلوم، "مفلسة"، ولا يهمّها سوى إدخال الأموال إلى خزينتها دون أي مبادرة تسمح ولو بالحدّ الأدنى تأمين الكهرباء للقطاع، وفق ما يشير بيروتي.
أما في ما يتعلق بنسبة الحجوزات في موسم الصيف، أعلن بيروتي أنها وصلت لغاية الآن في شهري الذروة أي تموز وآب، إلى حدود 50 و60% لافتاً إلى تفاوتها تبعاً للمناطق.
ولفت بيروتي إلى أن الخدمات المقدّمة في العام السابق بأفضل المستويات وأرخص الأسعار هي عوامل ساعدت في جذب السياح هذا العام أيضاً من كافة أنحاء العالم إلى جانب اللبنانيين الوافدين من الوطن العربي الذين يتخطى عددهم 450 ألفا، مشيراً إلى أن الفنادق وكذلك المطاعم لا تزال الأرخص في المنطقة مقارنة مع عام 2018.
من جانبه، رأى رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان بيار الأشقر أن فترات الأعياد اقتصرت على السياحة المحلية بسبب غياب العطل الرسمية في البلدان العربية والأفريقية لافتاً في حديثه لـ"النهار" إلى أن المطاعم والمقاهي كانت محجوزة بأكملها فيما الحركة نشطت في الفنادق والشقق المفروشة في عطل نهاية الأسبوع. لكن لم تبلغ نسبة الحركة السياحية في لبنان عموماً، وفق الأشقر، معدلها الطبيعي، إذ راوحت بين 40 و50% فيما سجلت في العاصمة بيروت نسبة وصلت إلى حدود 65%.
وأكد الأشقر مجيء معظم الوافدين من العراق ومصر والأردن، مشيراً إلى تدنّي نسبة القادمين من مصر مقارنة مع السابق من جرّاء اعتماد بلادهم "الكابيتال كونترول" وسط الغياب اللافت للسائح الخليجي.
في الوقت الذي تبشر فيه الأرقام بصيف واعد في لبنان، يتوقع الأشقر قدوم آلاف اللبنانيين العاملين في البلدان العربية والإفريقية وسائر بلدان الانتشار وتحسّن الحركة مقارنة مع العام السابق نتيجة لبعض الإعلانات التحفيزية التي تقوم بها الجمعيات لجذب السياح. وتابع الأشقر أن نسبة الحركة المتوقعة مقبولة إذ ما زالت المطاعم والفنادق اللبنانية تقدّم أفضل الأسعار بأقل من 40 و50% مقارنة مع سائر البلدان التي زادت أسعارها من جرّاء التضخم العالمي.
وأوضح الأشقر أن أسعار الغرف في الفنادق تتفاوت تبعاً لتصنيفاتها من جهة والمواسم من جهة أخرى مشيراً إلى تفاوت أسعارها في الفندق عينه.
ولكن الوضع كان مختلفاً بالنسبة للشقق المفروشة، إذ اعتبر رئيس نقابة أصحاب الشقق المفروشة في لبنان زياد اللبان أن نسبة إشغال الشقق في فترة الأعياد كانت خجولة، مشيراً إلى أن الأردنيين شكلوا النسبة الأكبر من شاغلي الشقق المفروشة. وتوقع اللبان ازدياد حركة التشغيل في موسم الصيف. ولفت إلى أن الحركة تبقى رهن الظروف السياسية، آملاً التوصّل إلى انتخاب رئيس للجمهورية واستقرار الوضعين السياسي والاقتصادي.
بالنسبة لحجوزات الطيران، لفت نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود لـ"النهار" إلى أن لبنان شهد حركة سياحية لافتة في موسم الأعياد أفضل بنسبة 20 إلى 30% من عام 2022، لافتاً الى تركز وجود العراقيين في منطقة الحمراء فيما عجت منطقة جونيه ولا سيّما كازينو لبنان بالأردنيين وتوزع المصريون بين المناطق. وتزامناً مع إدخال القطاع بعض الإيرادات إلى خزينة الدولة خلال موسم الأعياد، رأى عبود، بالأرقام، دخول 300 ألف زائر لبنان، شكّل العرب نسبة 32% منهم.
وفي بيان أصدره أكد عبود أن "عام 2023 يشهد دفعاً إيجابياً كبيراً لناحية أعداد القادمين الى لبنان"، كاشفاً عن أن "التقديرات الأولية تؤكد قدوم أكثر من مليون ونصف مليون سائح خلال الصيف الى لبنان بعدما استقبلنا العام الماضي حوالي مليون و200 ألف سائح".
وقال عبود "كل المؤشرات تؤكد أن لبنان أمام صيف واعد الى أقصى حد، فهناك حجوزات كثيرة الى لبنان من كل الوجهات. كما تتميز هذه السنة بحجوزات مهمة خصوصاً بعدما فتحت شركة طيران الشرق الأوسط "الميدل إيست" خط بيروت - مدريد، حيث هناك الكثير من اللبنانيين القادمين من البرازيل وأميركا الجنوبية وكندا بالإضافة الى اللبنانيين العاملين في أفريقيا والخليج سيأتون عبر هذا الخط".
واعتبر أن "ما يميز هذا الموسم ارتفاع نسبة السياح من العرب والأوروبيين اللبنانيين القادمين من قارات بعيدة جداً"، مشيراً إلى أن "هناك حالياً حوالي 55 شركة طيران عاملة في مطار بيروت وأن كثافة الحجوزات تشير إلى إمكانية ارتفاع هذا العدد إلى 66 شركة طيران".
وتوقع عبود أن تكون أعداد القادمين الى مطار بيروت مرتفعة جداً، مشيراً الى أنه من خلال الحجوزات ومواعيد شركات الطيران، يتضح أنه حتى الآن هناك نسبة ملاءة في شركات الطيران القادمة الى لبنان تراوح بين 85% و90%، ومن المؤكد ستصل هذه النسب الى 100% خلال الفترة المقبلة".