النهار

التقرير الجنائي بالأرقام... الهندسات المالية والتحويلات "التي تفتقد الشفافية"
المصدر: "النهار"
التقرير الجنائي بالأرقام... الهندسات المالية والتحويلات "التي تفتقد الشفافية"
أرشيفية.
A+   A-

أصدرت "ألفاريز أند مارسال" تقريرها المنتظر حول التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. التقرير يتألّف من 332 صفحة، مدعَّم بالتواريخ والأرقام، ويقدّم التقرير تقييماً ووصفاً لممارسات المصرف المركزي، دون التركيز على علاقته التاريخية مع الحكومات المتعاقبة.

وحمل التقرير الأبواب الأساسية التالية: مالية مصرف لبنان، احتياطات النقد الأجنبي لدى مصرف لبنان، الهندسة المالية، الوضع المالي لمصرف لبنان، الشفافية، حسابات المصرف المركزي مع البنوك التجارية والمؤسسات المالية، النفقات، رواتب الموظفين...

 

يذكر التقرير أنّ العملات الأجنبية في مصرف لبنان تراجعت بنسبة كبيرة في الفترة ما بين 2015 حتى 2020. خلالها، انتقل مصرف لبنان من فائض العملة الأجنبية البالغ 10.7 تريليونات ليرة لبنانية (7.2 مليارات دولار أميركي) في نهاية عام 2015 إلى عجز بلغ 76.4 تريليون ليرة أي 50.7 مليار دولار أميركي في نهاية عام 2020، وانخفضت الأصول بالعملات الأجنبية بنسبة 18 في المئة. علاوة على ذلك، تدهورت جودة الأصول. وانخفضت الأصول بالعملات الأجنبية المحتفظ بها في الخارج من 35.8 مليار دولار أميركي في عام 2015 إلى 18.4 مليار دولار أميركي في عام 2020.

كانت نسبة كبيرة ومتزايدة من الأصول المقوَّمة بالعملات الأجنبية أصولاً محلية، أي إنّ المبالغ المستحَقة على المقيمين اللبنانيين، هي من شركة لبنانية أو بنك، أو من الحكومة اللبنانية.

باستثناء الأصول بالعملات الأجنبية المحلية، العجز في احتياطيات العملات الأجنبية، منذ 31 كانون الثاني 2020 ارتفع إلى 71.9 مليار دولار أميركي. وبالنظر إلى الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 البالغ 31.2 مليار دولار أميركي، "هذا يعادل ما قيمته حوالي 230 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي".

وبناءً على سعر الصرف الرسمي البالغ 1،507.5 ليرات لبنانية للدولار الأميركي، في عام 2020، بلغ العجز 108 تريليونات ليرة لبنانية. وفي نهاية عام 2020، كان سعر الصرف في السوق حوالي 100000 ليرة لبنانية للدولار الأميركي، ومنذ ذلك الحين أصبح سعر صرف الليرة اللبنانية يتدهور.

في أواخر التسعينيات أصبح الدولار العملة الأساسية في لبنان واعتمدت الدولة استراتيجيات عديدة لزيادة الدولارات في النظام المصرفي اللبناني. وكانت واحدة من هذه الاستراتيجيات "الهندسة المالية" التي وفّرها مصرف لبنان عام 2015.

في إطار الهندسات المالية، كان مخطّط الدولة استخدام تدفقات Paris Il والإيرادات لخصخصة بعض المرافق التابعة الحكومة لحذف جزء من ديونها. واتفقت الحكومة مع البنوك التجارية على خفض الفائدة على ديونها. وألغى مصرف لبنان 1.8 مليار دولار من الخزينة مقابل الذهب، واستُبدلت حيازات مصرف لبنان الباقية من الديون الحكومية البالغة 1.8 مليار دولار أميركي بسندات اليوروبوندز لمدة 15 عاماً.

واعتباراً من عام 2003، قام مصرف لبنان بتأجيل مصروفات الفائدة والخسارة الناتجة عن خصم شهادات الإيداع خلال الفترة من تاريخ التأجيل إلى نهاية عام 2017، ثم مدّد الفترة خلال عام 2008 إلى عام2037 وخلال 2015 إلى 2050. 

‏وفي شهر آب 2019، نشر صندوق النقد الدولي تقريراً فصّل فيه عدد التأثيرات السلبية التي تؤثر على الوضع المالي لمصرف لبنان، وتضمّنت التباطؤ في الحركة الاقتصادية وتراجع العائدات الضريبية عن عام 2018، وتراجع النموّ، وتراجع احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية.

‏وأثبتت الهندسة المالية عدم فعالياتها، وفي أيلول 2019 بدأت البنوك بتقنين الدولارات بشكل غير رسمي. في المرحلة الأولى من الهندسة المالية، كانت "المقايضة مع العمولة"، إذ شكلت العمولات غير القانونية قيمة 111 مليون دولار من حساب بالبنك المركزي بين 2015 و2020.

‏في المرحلة الثانية من الهندسة المالية، كانت القروض التي منحها مصرف لبنان، والتي بلغت قيمتها 15 تريليون ليرة.

وبين عامي 2002 و2015، حوّل مصرف لبنان لشركة "فوري"، شركة أجنبية مسجَّلة يُزعم أنّها مملوكة لرجا سلامة شقيق رياض سلامة، مبلغاً بقيمة 333 مليون دولار من بنك HSBC. ‏ 

وتوصّل التقرير إلى إثبات تحويل حوالة 107,000,000 دولار من حساب مصرفي واحد إلى سبعة حسابات مصرفية منها إلى مصرف سويسري وستة مصارف لبنانية. وقام المصرف المركزي بتحويل مبلغ إجمالي حوالي 99,000,000 دولار إلى أشخاص مجهولين بين 22 نيسان 2015 و9 أيلول 2019، تعود إلى ستة مصارف لبنانية. ‏ ‏وكانت الإيداعات توضع بقبول جزئي من المجلس المركزي لمصرف لبنان، أمّا قيمة التحويلات ووجهاتها، فكان يقرّرها الحاكم فقط.

وأظهر التدقيق في حسابات الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، تحويلات من حساباته في المصرف المركزي إلى حسابات باسمه في مصارف سويسرية. وسجّلت حسابات الحاكم ما مجموعه حوالي 99,000,000 دولار بمعدّل 16,000,005 دولار سحوبات بالسنة، 103,000,000 دولار إيداعات.

‏كذلك، أصول المصرف المركزي المرتبطة بالمصارف التجارية والمؤسسات المالية، كانت مقدّمة على هيئة قروض لهذه البنوك والمؤسسات. وخمسة بنوك تجارية استفادت من القروض المرتفعة التي وفّرها مصرف لبنان منذ عام 2017 وهي بنك عودة، بنك لبنان والمهجر، بنك بيبلوس، بنك ميد، وبنك سوسيتيه جنيرال.

 

هذه المصاريف استفادت من التسهيلات التي كان يقدّمها مصرف لبنان، وهي المصارف التي احتلّت النسبة الأكبر من الإيداعات بالعملة اللبنانية والأجنبية لدى مصرف لبنان. ‏واستفادت هذه المصارف من الهندسة المالية عبر هذه القروض.

وقد غابت الشفافية في حسابات مصرف لبنان، بحسب التقرير، بحيث لم تُظهر ميزانيته أي خسائر، إذ كانت تسجّل بحسب ما وصف التقرير في "الحوض". ولم ينشر المركزي للعلن أي معلومات ما بين عامي 2015 و2020، ولا سيما حول الأرباح والخسائر.

وتضمّن التقرير أسماء أشخاص ومؤسسات وجمعيات، استفادوا من دعم مالي يفوق 100000 دولار بين عامي 2015 و2020.

 

اقرأ في النهار Premium