النهار

"بشرى غير سارّة للقطاع العام"... وتشريع الضرورة بمفعول موقت!
كارلا سماحة
المصدر: "النهار"
"بشرى غير سارّة للقطاع العام"... وتشريع الضرورة بمفعول موقت!
الجلسة التشريعية الأخيرة.
A+   A-
لم يصل مسؤولو البلد حتى الساعة إلى معرفة كيفية اتخاذ قرارات مسؤولة، بعيداً عن قاعدة "تشريع الضرورة"، التي باتت واضحة أنها تأتي استخفافاً بعقول اللبنانيين الذين لم يحصلوا بعد على أدنى حقوقهم ومقوّمات عيشهم.
 
فبعد أسابيع من النقاش، وقّع مجلس الوزراء الأسبوع الماضي الزيادات والمساعدات الموقتة للعاملين في القطاع العام والمتقاعدين وبدل النقل للموظفين، عبر فتح اعتمادات مالية لتلك المساعدات، ولكن كلّ شيء أصبح في هذا البلد "موقتاً".
 
ففي حين يصوّر مجلس الوزراء قرار زيادة مداخيل الموظفين بـ7 أضعاف، منذ اندلاع الأزمة المالية في لبنان، بأنه إنجازٌ كبير، يتجاهل المجلس "نفسه" أخطاء الماضي وكلّ السياسات التي أدخلتنا في تضخّم غير مسبوق، وفي مزيد من التدهور، بعد أن فاقت نسبة التضخم 37 ضعفاً، في ظل موازنة "غائبة عن السّمع".
 
رحلة الموازنة طويلة
هذا الإقرار تشوبه موانع حملها 29 نائباً، رفضوا جلسة التشريع بسبب عشوائية القرارات، من بينهم عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب جورج عقيص، الذي أكد لـ"النهار" أنه لا يمكن "دستورياً" عقد جلسات تشريع في ظل الفراغ الرئاسي وتفسيراً للمادة 75 من الدستور اللبناني.
 
واعتبر أن مشاركة "القوات" في الجلسات السابقة جاءت حين لم يكن نهج الفراغ حاصلاً بعد، على عكس ما يحصل اليوم حين أصبح عادة مستمرّة.
قانوناً، هذا التشريع يفتح اعتمادات على موازنة لم تقرّ بعد، "والفتوى التي تقول إنه يمكن فتح اعتمادات بهذه الطريقة في موازنة لم تقرّ بناءً على المادة 12 من الموازنة هو أمر خاطئ"، وفق ما أكد عقيص، خصوصاً أن مصادر التمويل الفعلية لهذه الاعتمادات غائبة، بالرغم من أنه قيل إنّها من وزارة الأشغال، ممّا يحمّل القطاع العام عبئاً إضافياً. (المادة 12 من الموازنة: "لا تفتح الاعتمادات إلا ضمن نطاق الموازنات المذكورة في المادة 6. غير أنه يجوز بصورة استثنائية فتح اعتماد في موازنة ما قبل تصديقها شرط أن يدوّن فيها". المادة 6 من الموازنة: تتألف موازنة الدولة من الموازنة العامة، وموازنات ملحقة وموازنات استثنائية. تحدث الموازنات الملحقة والموازنات الاستثنائية بقوانين خاصة، وتطبّق عليها أحكام هذا القانون، إلا إذا تضمّنت الأحكام الخاصّة بها نصوصاً مخالفة").
 
ولفت عقيص إلى أن رحلة الموازنة طويلة في داخل لجنة المال، ولا تأتي "بكبسة زرّ"، ولن تحصل في المدى القريب، بالرغم من إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن "موازنة 2023 جاهزة".
 
ومقابل عدم دستورية الجلسات المنعقدة، أمّن النواب النصاب، وشرّعوا "الأمور الملحّة" - على حدّ تعبيرهم - لعودة الموظفين إلى العمل، بالرغم من أن كلّ هذه الخطوات "ما دون المستوى، ولا تواكب حال سعر الصرف الحقيقي وفقدان القدرة الشرائية"، وفق ما أعلن عضو تكتل "لبنان القوي" النائب آلان عون لـ"النهار".
 
واعتبر أن الإيرادات التي تمّت إضافتها على الدولار الجمركي سمحت بإضافة الإيرادات على القطاع العام، إلا أنها لا تحلّ مكان الموازنة التي تحتاج إلى "انسجام" والعمل بوضوح لكي تقرّ.
 
وبين إيرادات وزارة الأشغال والجمارك، تضيع البوصلة وتغيب الحقيقة. فمن أين تمّ فتح الإيرادات حقيقة؟
 
بشرى سارة للقطاع العام؟!
السؤال أجاب عنه الأكاديمي والخبير الاقتصادي د. بيار خوري، الذي أكد أن تمويل الأجور أتى عبر قرارات عشوائية بينما هو يحتاج فقط إلى موازنة منتجة.
 
وأضاف لـ"النهار" أن فتح اعتمادات من خلال طبع الأموال هو أمر في غاية الخطورة، مؤكداً أنه لا يمكن معالجة معضلة رواتب القطاع العام من المعيار الأخلاقي، إنما من معيار الاقتصاد الوطني والسياسات التي تؤدي إلى خلق حلّ مستدام للموظفين، ومن خلال تحويل هذه الموازنة إلى منتجة لحصول نمو دائم، على عكس ما يحصل في لبنان في ظل غياب خطة النهوض الاقتصادية.
فرفع الأجور في ظل دولة غير منتجة يزيد التضخم ويزداد الخوف من عودة تفلّت سعر الصرف الذي يُحدث فجوة داخلية، مع غياب المركزيّ واستبداله بصيرفة، فـ"على ماذا نراهن؟"، يسأل خوري، معتبراً أنه يجب استبدال عناوين "بشرى سارة للقطاع العام" بـ"التفنيصة عليه".
 
واعتبر أن النتيجة ستبقى نفسها حتى لو أقرّت الموازنة في ظلّ غياب العقل "الاقتصادي" والخطط المنتجة التي تُعنى بالنمو.
 
تذكير بالزيادات
- أربعة أضعاف الراتب الذي يتقاضاه موظفو الملاك في القطاع العام والمتعاقدون والأجراء لديه، على أن لا يقلّ هذا التعويض الموقت عن ثمانية ملايين ليرة شهرياً.
 
- ثلاثة أضعاف الراتب الأساسي ومتمّماته الذي تتقاضاه الأسلاك العسكرية، على أن لا يقلّ هذا التعويض الموقت عن سبعة ملايين ليرة لبنانية شهرياً.
 
- ثلاثة أضعاف المعاش التقاعدي للمتقاعدين في جميع الأسلاك الذين يستفيدون من معاش تقاعديّ (على أن يتم احتساب معاش العسكري المتقاعد على أساس المعاش بالإضافة إلى كامل المتمّمات).
 
- يضاعف بدل الساعة أو البدل الشهري المقطوع لمقدّمي الخدمات الفنيّة، وكذلك بدل ساعة التعليم للمتعاقدين مع الجامعة اللبنانية والمتعاقدين بالسّاعة في المعهد الوطني العالي للموسيقى.
 
- يضاف 50 في المئة على بدل الساعة للمتعاقدين في التعليم الأساسي والتعليم المتوسط والتعليم الثانوي والتعليم المهني والتقني والتعليم الزراعي الفني الرسمي.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium