"أهلا بهالطلة" لم تؤثر على القطاع العقاري بالشكل المتوقع هذا الصيف، ومن الأمور التي حدّت من المبيعات المتوقعة إضراب القطاع العام وتالياً أمانة السجلّ العقاري لأنّ الحقوق العينية العقارية لا تصبح نافذة إلا من تاريخ تسجيلها في السجل العقاري. ورغم انخفاض الأسعار بنسب كبيرة معدّلها 50 في المئة لم تشهد السوق ارتفاعات ملحوظة وخاصة في ظلّ الانهيار اللبناني وانسداد الأفق، الأمر الذي يبعد المستثمرين أكثر.
ويشهد القطاع العقاري الآن ركوداً لأنّ الطلب فيه بات مرتكزاً على الأفراد الذين مدخولهم بالدولار الأميركي، وضمن الإطار يقول رئيس نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان وليد موسى لـ"النهار" إنّه "في الفترة السابقة قبل عطلة الصيف شهد القطاع ركوداً كبيراً، أمّا اليوم مع عودة المغتربين فيبدو أنّ ثمة حركة محدودة من قبلهم لشراء العقارات في لبنان. وهذا لا يعني أنّ هناك عمليات عقارية واسعة، إلّا أنّه في فترة معيّنة قبل إقفال الدوائر الرسمية زادت العمليات، ولاحقاً أقفلت الدوائر الرسمية ولم تعد هناك إمكانية لإجراء العمليات العقارية".
ويشير موسى إلى أنّه "بعد الإضراب تحصل عمليات البيع لدى كتّاب العدل حيث يدفع الشاري العربون ويترك البائع سند الملكية لدى كتّاب العدل. ولاحظنا زيادة الرغبة في طلب العقارات، وحصلت بعض العمليات لكن الإضراب عطّل الحركة". ويرى موسى أنّ "الخبر الإيجابي هو أنّ المغترب اللبناني لا يزال يبدي اهتماماً في شراء العقارات في بلده".
من جهته، يقول الخبير العقاري ورئيس شركة "رامكو" العقارية رجا مكارم: "لم نلمس أيّ أثر لمجيء المغتربين إلى لبنان على صعيد تحريك السوق العقارية"، ويضيف في حديثه لـ"النهار": "تواصلت مع 10 مكاتب عقارية وأكدوا لي أنّه لا يوجد طلب يذكر من المغتربين والأمر يقتصر على الأسئلة الاستعلامية لا الأسئلة الجدية".
ويلفت مكارم إلى أنّ "الوضع اليوم في أزمة عميقة، والقطاع العقاري يسود فيه الضياع، وهذا الأمر ليس مستغرباً لأنّ البلد ضائع. وفي الوقت الحاضر هناك أزمة ثقة في البلد، فحتى الأشخاص الذين لديهم أموال ويمكنهم الشراء بأسعار مغرية لديهم تردّد، فالمستثمر يفضّل أن يوظف أمواله في أماكن مضمونة ومعروف مستقبلها وفي أيّ اتجاه تسير".
وعن الأسعار يشير موسى إلى أنّ "معدّل أسعار العقارات أصبح أقلّ بـ50 في المئة عن المستويات التي كانت عليها قبل عام 2019. فنسبة التراجع ترواح بين 30 في المئة و70 في المئة حسب المنطقة. وفي بعض المناطق لم تتراجع الأسعار عن الـ30 في المئة، أمّا في المناطق التي تتّكل النسبة الكبيرة من سكانها على مدخولها المحلي فانخفضت الأسعار نحو 70 في المئة". من جهته يوضح مكارم أنّ "الانخفاضات التي حصلت في القطاع العقاري تتفاوت بين منتج ومنتج آخر، فهناك فرق بين الشقة السكنية والأرض، وهناك فارق بين العقارات المعروضة من حيث مكان وجودها. والمالكون الحاليون مترددون في اتخاذ قرار البيع في ظلّ هذه الظروف. لذلك فإنّ الانخفاضات في الأسعار ترواح بين 30 و70 في المئة". ويتابع أنّ "الطلب انخفض هذا العام عمّا كان عليه السنة الماضية".
أمّا موسى فختم حديثه مطالباً بـ"إنشاء وزارة إسكان تضع خطة إسكان وتساعد من خلالها الشباب على أن يكون لديهم منازل، والإيجار يكون جزءاً من الخطة من خلال تأمين إيجارات بأسعار مقبولة في المدن".