النهار

شركات تحكمها الزبائنية في قطاع توزيع الكهرباء... وخامسة في البقاع؟
رولى راشد
المصدر: "النهار"
شركات تحكمها الزبائنية في قطاع توزيع الكهرباء... وخامسة في البقاع؟
تعبيرية.
A+   A-
منذ أن أدخلت مؤسسة كهرباء لبنان شركات مقدّمي الخدمات إلى قطاع التوزيع في العام 2012 لم تسلم هذه الخطوة من الانتقادات والاتهامات بالمحاصصة والزبائنية، خصوصاً أن وراء كلّ هذه الشركات التي أصبح عددها اليوم أربعاً سياسيين فصلّوا سلّة المنافع على قياسهم، وهو الأمر الذي أثبتته السنوات الماضية وكشفتها معايير معظم التوظيف. 
 
بالأمس القريب، انتشرت معلومات حول توقيف شركة KVA بعدما تمّ، بناءً لتكليف النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، ختم أبواب الشركة بالشمع الأحمر، وذلك بسبب التلاعب بالعدّادات، كما جرى توقيف مدير الشركة ومدير الجباية، ثمّ ما لبث في 24 آب أن أصدر قراراً آخر بفضّ هذه الأختام.
 
سبق عملية التوقيف والقرار القضائي استياء عارم ومواقف مندّدة بأداء الشركة في منطقة البقاع وبعلبك الهرمل، حيث ارتفعت أصوات الفاعليات رافضة إصدارات الفواتير التي سلّمتها الشركة مع اتهامها بالتلاعب بالعدادات.
 
بمعزل عن دقّة المعلومات عن تجاوزات الشركة، فسّرت مصادر معنيّة بشؤون الكهرباء لـ"النهار" هذه الهمروجة "بنوايا مسبقة لدى بعض أصحاب النفوذ في البقاع بإدخال شركة أخرى على خطّ مقدّمي الخدمات، بعد تزايد الشكاوى ضد الـKVA بإهمال المنطقة على صعيد الصيانة ودقّة الجباية لصالح خدمة منطقة بيروت الإدارية، التي هي ضمن نطاق عملها أيضاً، إلى جانب تأخّرها في تسليم ما حصّلته من جباية إلى كهرباء لبنان، علماً بأنّ هذه هي حال الشركات الثلاث الأخرى".
 
تجدر الإشارة إلى سابقة حصلت في منطقة الجنوب منذ سنوات، عندما اضطرت شركة NEUC إلى الانسحاب بفعل موجة استياء من أدائها، ليتمّ استبدالها بشركة أحمد مراد، مقابل استمرار الأولى في منطقة الشياح وجبل لبنان الجنوبي.
 
وفي موضوع التلاعب بالعدادات تؤكّد المصادر "أن القانون ذو الرقم 462 العائد إلى شهر أيلول 2002، والذي ينظّم قطاع الكهرباء، ينّص في المادة 32 على أن مهام التوزيع تشمل تجهيز وتمديد شبكات التوتر المتوسط والمنخفض الهوائية والمطمورة، وتجهيز محطات التوزيع من أبنية المشتركين والإنارة العامة، واستعمال أجهزة متطوّرة للتعداد والقراءة عن بُعد وتنظيم الفواتير، ممّا يعني أنّ عمليّة إصدار الفواتير محصورة بمؤسّسة كهرباء لبنان، التي تقوم بتسجيلها وطباعة الفواتير بأسماء المشتركين وتسليمها للشركات بحسب توزيعها المناطقي ليقوم بعدها الجباة بجباية الفواتير".
 
 
وهذا دفع نقابة عمّال كهرباء لبنان إلى المطالبة في أكثر من مناسبة بعدم التجديد لهذه الشركات، مذكّرة بأنّه "توجد مديريّات متخصّصة في مؤسّسة كهرباء لبنان، يكفي تعزيزها بالموارد البشرية (مهندسون – فنيون – إداريون) بتكلفة أقلّ بكثير من تكلفة هذه العقود.
 
وللتذكير، الشركات الخاصة التي تم تلزيمها قطاع التوزيع هي:
- BUS في منطقة جبل لبنان الشمالي ومحافظة الشمال.
- KVA في بيروت ومحافظة البقاع وبعلبك – الهرمل.
- NEUC في جبل لبنان الجنوبي ومحافظة الجنوب. واستلمت بعدها شركة "مراد للصناعة والتجارة والمقاولات"، من دون أيّ مناقصة جديدة.
 
في 12 كانون الأول 2022، أصدر مصرف لبنان تعميماً لمؤسّسة كهرباء لبنان بضرورة تحويل أموال الجباية "الفريش" إلى المصرف، إن أرادت الاستفادة من دولار "صيرفة" لشراء الفيول ودفع رواتب العمال، والاستفادة بنسبة 20 في المئة إضافة من قيمة المبلغ".
 
ولكن اللافت أن شركات مقدّمي الخدمات لم تلتزم بتنفيذ العقد الموقّع مع كهرباء لبنان منذ العام 2012 بتحويل أموال الجباية "الفريش" يوميّاً إلى حسابات المؤسّسة.
 
وإن كان الهدف من التعميم يُلزم شركات مقدّمي الخدمات بتنفيذ العقد الموقَّع، وتحويل "الفريش" لصالح كهرباء لبنان، فإنّ المؤسّسة لم تلاقيه بأيّ إجراء، ولم تُشكّل لجنة استلام خاصّة لبعض مهام مشروع مقدّمي خدمات التوزيع عطفاً على المذكّرة الإدارية ذات الرقم 33 تاريخ 20/4/2012.
 
في الواقع، إنّ مؤسّسة كهرباء لبنان هي مؤسّسة عامة، وسيّدة نفسها. وكلّ القرارات يجب أن تصدر عن مجلس إدارتها. وبالتالي، تخضع للمساءلة عن كلّ أنواع التقصير. فهي تتنصّل من مسؤوليتها عن مراقبة مقدّمي الخدمات، وتصحيح أدائهم، بالرغم من وجود أكثر من ألف صفحة تسجّل عيوب العقد في أساسه وفي تنفيذه، وجّهتها الرّقابة الذاتيّة إلى التفتيش المركزيّ الذي لم يحرّك ساكنًا، كما أن عدم اكتراث المؤسّسة تُرجم بتواطؤ مع وزارة الطاقة ومن خلفهما.
 
لقد استفاد مقدّمو الخدمات حتى تاريخه بأكثر من مليار ونصف مليار دولار أميركي، من دون أن تكون خدماتهم بالمستوى المطلوب. والمهزلة الأخيرة كانت في موافقة مجلس الوزراء على إعطاء المؤسسة سلفة بقيمة ٣٠٠ مليون دولار، نصفها للمحروقات، ونصفها الآخر لمشغّلي المعامل ومقدّمي الخدمات بدل أن يكون مصدر التدفّق النقديّ من الجباية.
 
تقصير "كهرباء لبنان"
المؤسسة عاجزة ومقصّرة بفعل خضوعها للضغوطات، ومشكلاتها متنوّعة وموزّعة بين:
 
- النقص الهائل في الكادر البشري بعد منع التوظيف وتجميد قرار تثبيت المياومين منذ سنوات، علماً بأن المبالغ المدفوعة من المؤسّسة إلى الشركات تفوق بكثير أجور التوظيف وملء الشواغر في الدوائر. فبعدما كان عدد الموظّفين والعمّال بحدود الـ5 آلاف أصبح بحدود الـ1320.
 
- التقصير الكبير في وقف حملات نزع التعليق وإزالة التعدّيات عن الشبكة في كلّ المناطق، وذلك لعدم قدرة القوى الأمنية على المؤازرة من جهة، وبسبب تقليص دوامات العمّال في المؤسّسة بفعل ارتفاع أجور النقل وما يترتّب على الحضور اليوميّ من جهة أخرى.
 
- تخبّط الإدارة في إيجاد الآلية لتحويل أموال الجباية من الليرة اللبنانية إلى الدولار، مع تمنّع مصرف لبنان عن التدّخل، ممّا يعرقل تسديد المتوجّبات وسائر النفقات التي هي بالدولار.
 
هذا، وللسنة الثالثة بعد انفجار 4 آب المشؤوم لم تتمكّن المؤسّسة من إعادة ترميم وتجهيز مبناها المركزيّ الذي أصيب بأضرار جسيمة؛ وحتى تاريخه لم يتمّ إطلاق المناقصة، في مقابل عدم إعلان أيّ عارض عن رغبته في تبنّي هذا الالتزام بعدما تمّ تحضير دفتر الشروط. وهنا تتراكم علامات الاستفهام حول مصير المؤسّسة.
 
ومن المعلوم أن عقد كهرباء لبنان مع شركات مقدّمي الخدمات تضمّن الشروط الآتية:
 
- تحسين الجباية، وخفض الهدر الفنّي وغير الفنيّ (السرقة) الحاصل، والبالغ أكثر من 50 في المئة، ممّا يشكّل مصدراً أساسياً للنزيف الماديّ، وتراكماً للديون في القطاع، مقارنة بالمعدّل العالميّ، والذي هو بحدود الـ12 في المئة.
- زيادة إيرادات المؤسّسة بمعدّل سنويّ يصل إلى 300 مليون دولار، إضافة إلى زيادة في الأصول تزيد قيمتها عن 380 مليون دولار في نهاية المشروع.
- المساواة بين اللبنانيين والمناطق في الجباية، ومنع التعدّي بوساطة النظام الذكيّ.
- تأمين المرونة في أنظمة الدّفع والتعريفات الليليّة المخفّضة، ممّا يوفّر كثيراً في المصاريف الاستثمارية لإنتاج ونقل الكهرباء وتكلفتها على المواطن اللبناني.
- التحكّم بالشبكة ومراقبتها وإمكان الحدّ من الاستعمال الكهربائيّ، وترشيد استهلاك الطاقة لتوفير تغذية أكبر للمناطق، لا سيّما في أوقات الذروة.
- إصلاح قطاع التوزيع ورفع قيمته المادية وأصوله الجديدة مع تأهيل وصيانة الأصول القائمة.
- تطوير شبكات التوزيع وتوسعة قدراتها بما يتناسب وزيادة الطلب على أسس علمية وهندسية.
- استعمال أساليب متطوّرة في إدارة الصيانة والتعامل مع الحالات الطارئة وسرعة إعادة التغذية.
- تحديد مواقع الأعطال واستنتاج أسبابها واقتراح الحلول المناسبة استناداً إلى مكالمات الزبائن الواردة على الخطّ السّاخن لخدمة الزبائن.
- تحديث التعامل مع خدمات الزبائن وحاجات المواطنين وفق معايير الجودة المعتمدة عالمياً عبر مكننة معاملات الزبائن، مثل معاملات التغذية والاشتراكات.
- إصلاح أوضاع العاملين والمساهمة في إيجاد الحلول العادلة للعمال غبّ الطلب والجباية وفقاً لعقود عمل خاضعة لقانون العمل اللبناني تلبي تطلّعاتهم المستقبليّة.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium