قد يؤدّي تصعيد الحرب بين إسرائيل و"حماس" إلى مزيد من الضغوط على إمدادات النفط والغاز العالمية، التي تعطّلت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وفق ما أفاد خبراء.
في الوقت الراهن، ارتفعت أسعار الذهب الأسود بشكل طفيف نسبياً نتيجة النزاع. وارتفع خام المؤشر الأوروبي برنت نحو 10 في المئة، ونظيره الأميركي نحو 9 في المئة. وتبلغ الأسعار نحو 90 دولاراً للبرميل، وهي لا تزال بعيدة عن مستوياتها التاريخية.
ويقول المحلّل في بنك "يونيكريديت إدواردو كامبانيلا" إنّ "إسرائيل ليست منتِجاً للنفط، ولا توجد بنية تحتية دولية كبرى للنفط بالقرب من قطاع غزة".
مع ذلك، يبقى المستثمرون في حالة ترقّب، "لإدراكهم المخاطر الكامنة في الشرق الأوسط بالنسبة للإمدادات العالمية"، وفق ما ما يؤكّد المحلّل في "إس بي آي إي إم" ستيفن إينيس.
يتمثّل أحد المخاطر الرئيسية بالنسبة لسوق الطاقة في التدخّل المباشر لإيران، العضو في مجموعة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، والتي شهدت تضرّر إنتاجها وصادراتها بسبب سنوات من العقوبات الدولية. لكن خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، زاد إنتاجها وسط اشتباه في قيامها بتهريب النفط إلى السوق.
في الإطار، يقول المحلّل في "دي إن بي" هيلج اندريه مارتينسن لوكالة "فرانس برس" إنّ تدفّق الذهب الأسود أثبت أنّه حاسم في احتواء الأسعار في سياق ارتفاع الطلب ونقص العرض، معتبراً أنّ هذا هو السبب وراء "غضّ الطرف من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن".
من جهته، يشير إدواردو كامبانيلا إلى أنه حتّى لو بقيت طهران بعيدة عن النزاع، فإنّ "الغرب قد يقرّر تشديد العقوبات عليها أو ببساطة تطبيق العقوبات الحالية بشكل أكثر فاعلية".
ويمكن أن تردّ طهران عن طريق إغلاق مضيق هرمز الذي يُعَدّ منطقة عبور النفط الأكثر أهمية في العالم، حيث يبلغ التدفّق اليومي للنفط أكثر من 17 مليون برميل، وفق شركة "سيب" للأبحاث، أو 30 في المئة من إجمالي النفط الذي يُنقَل بحراً.
وقال كامبانيلا إنّ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فقط لديهما خطوط أنابيب لشحن النفط الخام خارج الخليج، من دون المرور عبر مضيق هرمز.
يتمثّل السيناريو الأسوأ، الذي يُعَدّ غير محتمل ولكنّه ليس مستحيلاً وفق المحلّلين، في أنّه في حالة تشديد العقوبات، فإنّ إيران ستنتقم بمهاجمة منشآت النفط السعودية، أحد المنتجين والمصدّرين الرئيسيين في العالم، وفق ما قال كامبانيلا.
في أيلول، استهدفت هجمات البنية التحتية النفطية في المملكة العربية السعودية وكانت كافية لخفض إنتاج البلاد إلى النصف موقتاً ليقفز سعر خام برنت بنسبة 20 في المئة تقريباً في يوم واحد. وقد أعلن الحوثيون اليمنيون مسؤوليّتهم عن هذه الهجمات.
يُشير الخبراء إلى الصدمات النفطية السابقة، الأولى قبل خمسين عاماً في أعقاب الحظر الذي فرضته منظمة أوبك على حلفاء إسرائيل في خضم حرب يوم الغفران، ثم الصدمة الثانية في العام 1979، في أعقاب الثورة الإيرانية. فقد قفزت أسعار النفط الخام في غضون بضعة أشهر، ممّا أدى إلى إضعاف الاقتصادات المتقدمة.
اجتياز فصل الشتاء
في ما يتعلّق بالغاز، تبدو العواقب أسرع. ففي منتصف تشرين الأول، ارتفع سعر الغاز عبر منصة تداول عقود الغاز الهولندية (تي تي إف)، وهي المؤشر الأوروبي للغاز الطبيعي، بمقدار الثلث مقارنة بما كان عليه قبل الهجوم في السابع من تشرين الأول.
بالنسبة لستيفن إينيس، فإنّ الحرب "تهدّد بشكل خطير سوق الغاز الطبيعي الإقليمي ويمكن أن يكون لها تأثير على إمدادات الغاز الطبيعي المسال".
بدوره، يقول جيوفاني ستونوفو من "يو بي إس" إنّه "على الرغم من أنّ المخزونات الأوروبية ممتلئة تقريباً، إلّا أنّها ليست كافية لتجاوز فصل الشتاء إذا توقفت جميع الواردات".
في هذه الأثناء، أوقفت شركة "شيفرون" الأميركية العملاقة أنشطتها في منصة تمار، بناءً على تعليمات من السلطات الإسرائيلية. ويمثّل هذا الحقل "نحو 1,5 في المئة من إمدادات الغاز الطبيعي المُسال في العالم"، وفقاً لإينيس، كما يزوّد السوق الداخلية بشكل أساسي، ثمّ مصر والأردن.
وستكون العواقب أكثر إثارة للقلق في حال أُغلق حقل ليفياثان، أكبر حقل للغاز في إسرائيل، وفق ما يقول المحلّلون الذين يشيرون إلى ارتفاع الأسعار في بداية الحرب في أوكرانيا، إلى 345 يورو لكلّ ميغاوات/ساعة، وهو رقم قياسي.