بعد دخول البشرية العالم الرقمي وتحوّل الكرة الأرضية إلى قرية كونية صغيرة، تحول الفضاء السيبراني إلى منصة هائلة من التفاعل والتبادل الحضاري والثقافي، والتواصل الاجتماعي والإنساني، الذي أغنى البشرية ودفعها الى تطوير آليات استخدام التكنولوجيا الرقمية في الأنشطة والأعمال التجارية والاقتصادية.
وبناءً على ذلك برزت ضرورة قصوى للتنبه من عصابات دولية محترفة، استغلت هذا الفضاء المفتوح للقيام بأفعال مشبوهة وجرائم مالية خطيرة، فشرعت لتنفيذ عمليات نصب واحتيال في مختلف دول العالم، أهمّها قرصنة الحسابات المصرفية، الاحتيال والابتزاز المالي، انتهاك الخصوصيات والحقوق، وسرقة الملكيات الفكرية والصناعية، بالإضافة إلى ترويج المخدرات وبيعها، والاتجار بالبشر، وغيرها من الأنشطة السوداء التي وجدت في الفضاء الإلكتروني المساحة الآمنة لممارسة أنواع النصب والاحتيال ومخالفة القانون.
من هنا بدأت المؤسسات والشركات الكبرى، وخصوصاً العابرة أنشطتها وأعمالها للدول والقارات، بتحسس ضرورة نشر الوعي وثقافة الحذر والاحتياط من الوقوع في شرك تلك العصابات، واللجوء إلى الأجهزة الأمنية والقضائية لمقاضاتها، وعدم التستر عليها أو الخوف منها، حرصاً على عدم الغرق أكثر في حبائلها.
وفي "إطار الأسبوع العالمي للتوعية ضد الاحتيال الذي يمتد من 12 الجاري إلى 18 منه، أطلقت شركة OMT بالتعاون مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي حملة توعية بعنوان "لا تقع ضحية الاحتيال: احم نفسك"، بغية تسليط الضوء على أبرز الأساليب والعلامات الاحتيالية التي ينبغي معرفتها، تفادياً لوقوعهم ضحية الاحتيال".
ثمة وسائل احتيال متعددة ومتنوعة يشير إليها رئيس شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي العميد جوزيف مسلّم الذي يؤكد أنها تزداد حالياً في ظل الاوضاع المالية والاقتصادية التي يعانيها اللبنانيون، ولكن أخطرها رواجاً حالياً العروض المغرية عن نقل مهاجرين براً وبحراً بطرق غير شرعية، وخصوصاً من الجنسية السورية، الى خارج لبنان، إذ تنتحل بعض العصابات صفة شركة سفر شرعية، فتستوفي من ضحاياها مبالغ كبيرة بحجة إجراء الأوراق اللازمة لسفرهم. وقد سُجّلت حالات احتيال عدة تصل الى حد الخطف والتعذيب حتى يستسلم الضحية ويدفع مبلغاً يصل إلى ما بين 5 آلاف و10 آلاف دولار، أو طلب فدية من أهل الضحية بعد تصويرها أثناء التعذيب.
تتم عمليات الاحتيال غالباً عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من التطبيقات والمواقع الإلكترونية. عناوين عدة يشير إليها مسلّم في موضوع الاحتيال المالي، إذ يُحذِّر من التسوّق المقنَّع، وطلبات التوظيف في لبنان وخارجه مع رواتب مرتفعة بالدولار، وتأمين تأشيرات سفر، واليانصيب/ الجوائز، والعملات المشفرة، بالإضافة الى عمليات احتيال أخرى مثل بيع وشراء العملات خارج محال الصيرفة، واستخدام اسم مستعار لجمعيات إنسانية معروفة، وإيهام ضحايا بوجود سيارات بأسعار مغرية جداً بعيداً عن العاصمة بهدف سلبهم، والدولار المجمد بمبالغ تصل الى مئات آلاف الدولارات، وهذا من أخطر أنواع الاحتيال، خصوصاً أنه لا وجود لدولارات مجمدة، إضافة الى الدولار الاسود الذي يعمد مروّجوه الى إقناع ضحاياهم بطرق ذكيّة للوقوع في شباكهم.
وفق مسلم فإن ثمة عمليات احتيالية، تصيب مغتربين أو رجال أعمال في الخارج، حيث يوهم أحد أفراد العصابات ضحيته بإمكان إرسال مبالغ مالية مباشرة لذويه، وبعد الدفع يكتشف ذوو الضحية أن الأموال مزيّفة.
أما الابتزاز المالي الإلكتروني الذي يتعرّض له الشباب والشابات والذي قد يستمر أحياناً لسنوات خوفاً من الفضيحة، فهو من الجرائم التي ينبه مسلّم جداً الى مخاطرها، خصوصاً أنها دفعت بعض ضحاياها الى الانتحار، وقد سُجّل ما بين 500 و600 حالة ابتزاز في 2023، ولكن الأرقام برأي مسلِّم لا تعكس الواقع الحقيقي، خصوصاً عندما يسود التستر عن علاقات وأنشطة جنسية والخضوع للابتزاز المالي خوفاً من التشهير.
وفيما تتكل القوى الامنية على شكاوى الضحايا لمتابعة أفراد العصابات والمتورطين معهم، يؤكد مسلم أنه من خلال التحقيق في شكوى واحدة يمكن اكتشاف الكثير من الضحايا، ومواقع العصابات، مع الإشارة الى أن القوى الأمنية تتعاون مع الانتربول الدولي إذا تطلّب الأمر ذلك.
تهدف الحملة الى نشر التوعية لدى الزبائن حول عمليات الاحتيال الممكن تعرّضهم لها تفادياً لوقوعهم في شباكها. ويشير رئيس مجلس إدارة شركة OMT توفيق معوض الى ثلاث نقاط أساسية، على زبون OMT التنبه لها جيداً، وأخذ الحيطة والحذر، قبل الإقدام على تنفيذ أي عملية تحويل مالي:
– عدم تحويل الأموال إلى شخص لا يعرفه ولم يقابله شخصياً.
– عدم تحويل الأموال لحالة طارئة قبل التحقق منها.
– عدم مشاركة تفاصيل التحويل المالي مع أي طرف ثالث غير صاحب العلاقة.
وفي ظل تطور العالم الرقمي، من البديهي أن يزداد عدد ضحايا الاحتيال، وانطلاقاً من ذلك يؤكد معوض ضرورة تنبيه الزبائن إلى المخاطر، وخلق توعية أكبر لديهم حول السلوك الآمن لإجراء تحويلات مالية، مشيراً الى أن الشركة تقوم بحملات توعية إعلامية للوصول قدر الإمكان إلى أكبر شريحة من المواطنين للفت انتباههم إلى أبرز العلامات الاحتيالية التي يجب الاحتراز منها، وكيفية تفادي الوقوع ضحيتها.
وبما أن OMT تحرص على تطبيق أعلى معايير الامتثال، شدد معوض على أن الشركة تجري باستمرار دورات تدريبية توعوية للوكلاء وفريق العمل حول أحدث عمليات الاحتيال لحماية الزبائن من فخ الاحتيال.
ونوّه معوض بدور قوى الأمن الداخلي وتفانيها في حماية المواطنين ونشاطها في زيادة الوعي حول مخاطر الاحتيال المالي.