اقترب موسم الأعياد في وقت تشتدّ فيه حدة التوترات على الحدود الجنوبية للبنان. فبعد موسمي صيف لاهبين من حيث الإيرادات والانتعاش الاقتصادي الذي قام على السياحة بالدرجة الأولى وقدوم المغتربين، جاءت الحرب في غزة وعلى الحدود الجنوبية في لبنان، لتخيّب توقعات موسم الأعياد خلال الشتاء في نهاية العام، محدثة خضّة في نفوس المستثمرين والمواطنين من مغتربين مقيمين.
في قطاع السفر الذي يظهر مؤشراً جلياً لحركة قدوم الوافدين خلال موسم الأعياد، يوضح رئيس نقابة مكاتب السياحة والسفر جان عبود لـ"النهار" أنّ مؤشر الملاءة في جميع الطائرات القادمة إلى لبنان خلال موسم الأعياد هو حوالي 80 في المئة، و"هذا الأمر طبيعي، فبقدر ما نقترب من الأعياد ترتفع هذه الملاءة".
ويتوقّع عبود أن تكون حركة القدوم إلى لبنان كبيرة، "إن لم تتطوّر الأوضاع العسكرية أكثر ممّا هي عليه الآن، وما دام مطار بيروت مفتوحاً".
وتظهر الحجوزات لموسم الأعياد حتى الساعة أنّ عدد اللبنانيين المغتربين القادمين كبير والرحلات ممتلئة إلى لبنان، بينما تنعدم السياحة الأوروبية وتظهر السياحة العربية خجلاً على عكس العادة في كل عام.
في بداية الحرب في غزة والتوترات في لبنان، شهد قطاع السفر إلغاء رحلات كبيرة كانت مرتقبة للشهرين الأخيرين من العام ومن ضمنهما موسم الأعياد، نتيجة خوف الناس من إقفال المطار، وبالتالي اضطرارهم للبقاء في لبنان لدرجة أنّ إلغاءات الحجوزات كان أكبر بكثير من الإصدارات، بينما الآن تعود الحجوزات إلى عهدها.
من جهته، يفيد رئيس تجمّع تجار الأشرفية طوني عيد لـ"النهار" أنّ التجار اشتروا بضائعهم منذ شهر أيلول تحضيراً للأعياد. وبعد صيف كان "ولعان"، "كنّا نتوقّع أن يكون موسم الأعياد شبيهاً بموسم الصيف من حيث الحركة الكبيرة، إلى أن بدأت الحرب في غزة والأحداث في لبنان وأثّرت على الأسواق مباشرة، بحيث تراجعت الحركة. لذلك، يحاول التجار تقديم تخفيضات في الفترة الحالية مثل البلاك فرايداي لتحريك السوق حالياً".
فمنذ بدء هذه الأحداث، أي منذ حوالي شهر ونصف، تراجعت الأسواق بنسبة حوالي 75 في المئة مقارنة بموسم العام الماضي. وفي حالات الاستقرار، تبدأ حركة الأعياد في الأسواق في آخر الأسبوع الأول من شهر كانون الأول، أمّا خلال الأزمات فتتأخر حركة الأعياد لكي تنطلق، لكن "مهما كان موسم العيد نشطاً فلن يعوّض خسائر القطاع التجاري"، بحسب عيد، و"رغم تمسّكنا بالتفاؤل، ليس هناك بوادر خير للأسواق والحركة التجارية خلال الأعياد".
في السياق نفسه، يقول نائب رئيس نقابة المطاعم والملاهي والمقاهي والباتيسري خالد نزهة لـ"النهار"، إنّه "إذا توسّعت الأحداث العسكرية في لبنان فسنكون أمام مشكلة كبرى في قطاع المطاعم". لكن التعويل هو على المغتربين الذين لا يتركون لبنان وإن كانوا هذا العام بأعداد أقلّ من الأعوام الماضية خلال موسم الأعياد".
وما لم تتوقّف الحرب لا يمكن أن تكون التوقّعات بالإيجابية المعتادة لكن حالياً نترقّب التطوّرات، بحسب نزهة. وعادة يأتي الوافدون ولا سيما المغتربون في منتصف الشهر المقبل لتمضية الأعياد في لبنان، وهم بالتأكيد آتون إذا توقّفت هذه الأحداث، لذلك، لا يزال أمامنا بعض الوقت للتفاؤل.
وبعد صيف ناجح بامتياز والحضور الكثيف لمؤسسات مطعمية جديدة وأخرى عديدة قدّمت نفسها بحلة جديدة بعد الإقفالات الكبيرة التي جرت نتيجة انفجار المرفأ والأزمة الاقتصادية وانتشار كورونا، وإذا ما تطوّرت الأحداث سلباً، فسيتكبّد قطاع المطاعم خسائر جديدة وإضافية خلال موسم الأعياد، بعد أن راهن على موسم الصيف وأنفق استثمارات في هذا القطاع.
من جانبه، يوضح نائب رئيس نقابة وكالات تأجير السيارات جيرار زوين في حديث لـ"النهار"، أنّه مع اندلاع الحرب في غزة وبدء التوترات على حدود لبنان أُلغي 40 حجزاً للسيارات في يوم واحد، كانت مقرّرة لموسم الأعياد، ونتحدّث عن خسارة بحوالي 50 إلى 60 ألف دولار.
ويصف زوين وضع قطاع تأجير السيارات خلال موسم الأعياد بـ"الكارثي" فقد غابت الحجوزات عنه نهائياً، فهو يعتمد بشكل أساسي على المغتربين وخصوصاً الذين يأتون من أستراليا وكندا والذين يمكثون في لبنان فترة أطول خلال مجيئهم.
وعادةً، تكون الحجوزات من منتصف الشهر المقبل حتى الأسبوع الأول من الشهر الأول من العام الجديد، لكن حتى الساعة، يغيب طلب استئجار السيارات.
كذلك، موظفو السفارات الأجنبية في لبنان، أعادوا سياراتهم المستأجَرة بعد طلب دولهم مغادرة لبنان.