النهار

"سوق الطيّب" يطلق "أهلاً"... مشاريع في المناطق لاقتصاد منتج
فرح نصور
المصدر: "النهار"
"سوق الطيّب" يطلق "أهلاً"... مشاريع في المناطق لاقتصاد منتج
كمال مزوّق.
A+   A-

أطلق "سوق الطيّب"، بالشراكة مع منظمة "اليونيسف" وبتمويل من الدولتين الفرنسية والأسترالية، مشروع "أهلاً"، وهو نهج جديد للسياحة المحلية والإنتاجية، عبر مشاريع تعتمد على الاقتصاد المنتِج من خلال تأسيس شبكة "المطبخ" (مطاعم منزلية)، "البيت" (بيوت ضيافة) و"الدكان" (محالّ لبيع المنتجات الزراعية). وتهدف هذه المشاريع، إلى إنشاء أعمال مستدامة ومحلية توفّر فرص العمل للشباب والنساء والأسر داخل مجتمعاتهم، تلبية لتزايد الطلب في قطاع السياحة الزراعية، ودعماً لهؤلاء للنساء وأولادهم.

 

المشاريع أُنشئت برؤية وتطوير "سوق الطيب"، لكنّها مملوكة من قِبل المنتجين والطهاة وصغار المزارعين في جميع أنحاء لبنان. وما يميّز مشروع "أهلاً" عن باقي المشاريع المستدامة التي قام بها "سوق الطيب"، هي أنّه "ينتج مشاريع تنموية اجتماعية صغيرة في مختلف المناطق لتشغيل أهلها"، بحسب ما يورد مؤسِّس "سوق الطيب"، كمال مزوّق في حديثه لـ"النهار".

 

ففي عام 2019، مع حلول الأزمة الاقتصادية في لبنان، وجد مزوّق أنّ نموذج "سوق الطيب" في المدينة، لم يعد يتلاءم مع ظروف الناس الاقتصادية بحيث تراجعت قدرتهم الشرائية وتراجع مدخول الكثيرين. لذلك، و"للتأقلم مع هذا الواقع الجديد، كان لا بدّ من التوجّه نحو الاقتصاد المنتِج وتجزئة الإنتاج عبر إفراز مشاريع صغيرة إنتاجية في أساسها، فبدلاً من أن تطهو السيدة في "سوق الطيب" فقط ارتأينا إيجاد مشروع خاص بها تديره هي وتستفيد منه"، يقول مزوَّق.

 

وبحسب مزوّق، يتطلّب كل مشروع تدريب أكثر من ثلاثين شخصاً، بحيث سيعمل فيه على الأقلّ عشرة أشخاص، فمن الضروري إيجاد فرص عمل لا فقط تطوير مشاريع لأصحاب هذه المؤسسات. وتتّسم هذه المشاريع الثلاثة بميزة مشتركة وهي  الحفاظ على الإنتاج المحلي والمطبخ اللبناني بقالب عصري بهدف الاستدامة.

وسيواكب مزوّق العمل في هذه المشاريع بعد افتتاحها في الأيام القليلة المقبلة، لمراقبة جودة منتجاتها ونوعيتها، وتعزيز تسويقها عبر تأسيس خريطة لجميع فروع "أهلاً"، بحيث يمكن للناس الرجوع إليها عندما يريدون قضاء يوم ترفيهي وسياحي في البلد.

 

ويندرج تحت مشروع "أهلاً" (المتفرع من "سوق الطيب")، في المرحلة الأولى، ثلاثة مشاريع صغيرة: "مطبخ جورجينا"، "مطبخ فادي"، و"صاج ريما". وفي المرحلة الثانية التي ستنتهي في حزيران من العام المقبل، ستُفتتح سبعة مشاريع جديدة من نفس الهوية وبنفس المفهوم، جميعها ضمن مشروع "أهلاً". ومن المرتقَب أن يزيد عدد هذه المشاريع من بيوت ودكاكين ومطابخ "أهلاً".

وفيما ستُفتتح المشاريع الثلاثة تباعاً في 30 تشرين الثاني و1 و2 كانون الأول، نتعرّف إلى أصحاب هذه المشاريع في لمحة عن كلّ منهم.

 
 

أهلاً – مطبخ جورجينا

درست جورجينا البايع علم النفس لكنّها لم تعمل في هذا المجال، بل فضّلت التوجّه إلى عالم الطبخ الذي تحبّه، متأثّرة بمحيط عائلتها الذي يدور في هذا الفلك، و"كان هدفي أن أثبت كياني كامرأة في هذا المجتمع"، تقول لـ"النهار".

بعد سنوات من العمل في "سوق الطيب"، الذي فتح لها فرصة الطهو للمناسبات والسفر إلى الخارج في تعاونات لتوريد الطعام، واستطاعت تعليم أولادها الشباب الثلاثة في واحدة من أهم الجامعات، وبعدما اختبرت أحيانًا خدمة بعض الزبائن في حديقة بيت العائلة، أصبحت جورجينا، الملقّبة بملكة الكبّة، اليوم صاحبة مشروع عائلي هو "مطبخ جورجينا" في كفردلقوس-زغرتا، حيث تستعد لاستقبال الزبائن بحرفية الضيافة في جلسة لا تُنسى، إذ أعيد تصميم مطبخها لاستقبال المزيد من الزبائن. 

ويتعاون جاد ابن جورجينا معها في عملها، إذ يشاركها الشغف بالطعام، وبات لجورجينا فريق من أكثر من 7 من أفراد عائلتها يعملون معها في مشروعها.

 

أهلاً – مطبخ فادي

كان فادي عزيز يعمل في مجال التصميم وابتكار العلامات التجارية ما بين عالم افتراضي ومكاتب مغلقة. لكن في لحظة مجنونة، قرّر تغيير مسار حياته والانطلاق في الطبيعة. تحوّل إلى زراعة الزعتر البلدي، وابتكر خلطات فريدة منه، وأشرك زوجته وأولاده في العمل ليصبح مشروعاً عائلياً، وشارك في "سوق الطيب" منذ سنوات وبات من المشهورين فيه. 

View this post on Instagram

A post shared by Home of Zaatar (@thegoodthymes)

في حديثه لـ"النهار"، يورد فادي أنّ مشروعه تحوّل إلى مشروع "رسمي" بموظفين ثابتين ولائحة طعام وتجربة متكاملة يمكن أن يعيشها الزبون طيلة فصلي الربيع والصيف لا على الموعد كما في السابق، إذ كان استقبال الزبائن سابقاً موسمياً وليس مستداماً. كذلك، شكل الجسلة والأرض الزراعية سيتغيّران لناحية الضيافة وشكل استقبال الضيوف وخدمتهم، إذ أصبح داخل "أرض الزعتر" لدى فادي في كفرحونة-جزين، مطبخ حيث تطهو النساء مع كامل التجهيزات لاستقبال الضيوف، وفريق عمل من عائلته وأفراد آخرين. 

 

أهلاً – صاج ريما

بدأت ريما مسعود عملها بإعداد مناقيش الصاج مع "سوق الطيب" منذ عام 2004. مذّاك، اشتهرت بمناقيشها ويقصدها أحياناً بعض الزبائن إلى قريتها الرملية-عاليه، لتذوّق منتجاتها.  

وفيما تبيع ريما أيضاً المنتجات التي تزرعها صيفاً في أرضها، تؤكّد أنّه "كان للصاج الفضل الأكبر في حياتي، فمن هذا العمل استطعت إكمال تعليم أولادي في المدارس والجامعات، فتجربتي مع "سوق الطيب" غيّرت معيشتي ومعيشة عائلتي تماماً، فعمل زوجي السابق لم يكن كافياً وحده"، تروي ريما لـ"النهار".

 

اليوم، أتاح مشروع "أهلاً" الفرصة لريما لاستضافة الزبائن في منزل العائلة. وحوّلت جزءاً منه إلى بيت للصاج حيث تقدّم للزبائن تجربة صاج كاملة، بمساعدة أبنائها وزوجها وأختها رائدة، وعدد من شباب وشابات القرية تم توظيفهم ليكونوا جزءاً من مشروع ريما.

لكنّها لن تترك "سوق الطيب" بتاتاً، فهو "الأمل والمفتاح لحياتي"، تفيد ريما، "لكن مشروعي الجديد سيحرّك السياحة في قريتي ويفتح فرص عمل فيها ويصرّف إنتاج بعض المنتجين". وتضيف أنّ "نحن كسيّدات ريفيات، بحاجة لأن نعيش الاستقلالية وأن ننتج، وما دامت صحّتنا تساعدنا، فعلينا الاعتماد على أنفسنا". 

 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium