النهار

الجانب الآخر لمقاطعة البضائع الأجنبيّة… مَن المتضرّر الأول؟ (فيديو)
فرح نصور
المصدر: "النهار"
الجانب الآخر لمقاطعة البضائع الأجنبيّة… مَن المتضرّر الأول؟ (فيديو)
تعبيرية.
A+   A-

انتشرت ظاهرة مقاطعة المنتجات الأجنبية "الداعمة لإسرائيل"، في العديد من أسواق الدول العربية وبعض الأوروبية، في موقف تضامن مع الشعب الفلسطيني ضد الحرب الدائرة في غزة.

واتخذت المقاطعة منحىً شعبياً وإقبالاً واسعاً، بحيث بتنا نرى لوائح منتجات أجنبية تنتشر على منصّات التواصل الاجتماعي، تزعم أنّ جميعها يدعم إسرائيل، ومن جانب آخر رأينا سلسلة مطاعم عالمية شهيرة فارغة من زوّارها في بعض الدول العربية. 

يُظهر هذا المشهد جانباً واحداً من المقاطعة. جانب عاطفي ورغبة من الشعوب بمساندة أهالي غزة بأي سبيل كان. لكنّ للمقاطعة جانباً اقتصادياً آخر، لا بدّ من الإضاءة عليه، حول أنواع عقود تراخيص الامتياز وكيفية توزيع الأرباح والملكية. وتبقى أسئلة عديدة أساسية: هل بإمكان المستهلك التمييز بين المنتَج الداعم لإسرائيل من سواه؟ ومَن المتضرّر الأكبر من هذه المقاطعة، هل هو المستثمر المحلي أم العلامة التجارية الأجنبية؟

 

في حديث لـ"النهار"، يجزم العضو والاستشاري في جمعية تراخيص الامتياز، طوني نعمة، بأنّ "المستهلك لا يمكنه التفرقة بين المنتَج الذي تعطي مقاطعته نتيجة إيجابية على العلامة التجارية الأجنبية وبين المنتَج الذي تؤدّي مقاطعته إلى نتائج سلبية على الاقتصاد المحلي".

 

هناك أنواع عدة من عقود تراخيص الامتياز، بحسب نعمة. عقود تفرض مبلغاً "مقطوعاً" من المستثمر المحلي لقاء فترة استثماره وتزويده بالمعرفة اللازمة. وعقود أخرى تقسّم هذا المبلغ إلى عدة مراحل، كتسديد شهري أو سنوي، أو مبلغ من رقم الأعمال. لكن "معظم عقود تراخيص الامتياز تستوفي مبلغاً من رقم الأعمال لا من الأرباح، لكن العائدات التي تذهب إلى مانح العلامة التجارية هي عائدات ضئيلة جداً مقابل العائدات التي تذهب إلى الحائز ترخيص الامتياز".

 

ويشدد نعمة على أنّ "الحائز ترخيص الامتياز هو مستثمر محلي مستقل، لا يبرم أيّ عقد شراكة مع العلامة التجارية، فالاستثمار هذا هو من أمواله الشخصية، بالتالي هو ليس شريكاً في العلامة ولا يملك أي حصة فيها". 

 

وتغيّر النظام العالمي الذي تعتمده الشركات الأجنبية في عقود تراخيص الامتياز، إذ تطوّرت أشكال هذه العقود في السنوات العشر الماضية. فسابقاً، وفق نعمة، ولا سيما في ما يتعلق بقطاع المطاعم، كان مانح العلامة يُلزِم حائزها بشراء البضاعة منه. لكن بهدف إزالة عامل المنافسة، سهّل المانح للحائز مسألة التوريد، بحيث سمح له بالتزوّد ببضاعة من بلده (بلد المستثمر المحلي)، شرط أن تتمتّع هذه البضاعة بالمعايير العالمية نفسها التي تعتمدها العلامة التجارية، "وهذا ما يحدث في لبنان"، يوضح نعمة.

 

لذلك، أصبحت كمّية البضائع التي تستوردها العلامات التجارية الأجنبية في لبنان قليلة جداً، و"أصبحنا الآن في حركة اقتصادية داخلية، وأي مقاطعة لهذه العلامات في لبنان تؤثّر سلباً على مصانع محلية تورّد لهذه العلامات في لبنان". وهذا المبدأ بات ينطبق على جميع الدول العربية لا على لبنان فقط.

ولكون اللبناني رائداً في جودة الصناعات الغذائية بمعايير عالمية، "أصبحنا في لبنان قادرين على التوريد لحائزين العلامات التجارية الأجنبية نفسها في الدول العربية، منتجات أولية مصنَّعة من لبنان". لذلك، يؤكّد نعمة أنّ "المقاطعة عموماً مضرّة، وأوّل المتضررين منها هو الحائز ترخيص الامتياز، أي المستثمر اللبناني، ومعه العامل الموظف اللبناني في هذه المؤسسات".

وتفيد الأرقام أنّه إن اجتمعت كل الدول العربية ومعها تركيا، وقاطعت "ستاربكس"، فستشكل جميع وحدات هذا المقهى في هذه الدول 5 في المئة فقط من فروع العلامة التجارية هذه في العالم.

في السياق نفسه، تفيد الخبيرة الاقتصادية الدكتورة سمر عادل في حديثها لـ"النهار" أنّ "المتضرّر الأكبر من هذه المقاطعة هو المستثمر المحلي"، فالشركات الأجنبية هذه هي شركات متعددة الجنسيات وموجودة في جميع الدول، والسوق المصرية مثلاً، رغم ضخامتها، هي حلقة صغيرة من حلقات الدول حيث تنتشر هذه المنتجات، بالتالي، المقاطعة لم تتم في جميع دول العالم بل في بعض الدول، رغم تأثّر أصحاب العلامات التجارية هذه لكن بشكل محدود.

وترى عادل أنّ "المستهلك المقاطِع وضع جميع المنتجات الأجنبية في سلة واحدة وقاطعها، لكن لا يمكنه التمييز بين المنتجات الداعمة لإسرائيل من سواها"، فهناك منتجات دخلت تحت بند المقاطعة فيما ليس من المفترض أن تدخل تحته لأنّ مقاطعتها له تؤثّر على الاقتصاد الكلي. ففي مصر مثلاً، تم تسريح حوالي 30 في المئة من الموظفين في الشركات هذه، ما يؤدي إلى تضخّم في الأسعار وارتفاع في نسب البطالة، بالتالي أزمات اقتصادية واجتماعية إضافية.

 

اقرأ في النهار Premium