بعد أشهر من الأخذ والرد حول إقرار الدولار الجمركي، أُقرّ الأخير، وبدأ الناس يضربون أخماساً بأسداس ليحتسبوا معظم السلع التي يشترونها. وفيما شهدت الأسواق سابقاً ارتفاعاً في الطلب على السيارات، للاستفادة من جمرك 1500 لدى التداول في القانون منذ أشهر، خفّت هذه الوتيرة حالياً، فـ"اللي اشترى اشترى قبل الآن".
هل هي الفرصة المناسبة حالياً للاستفادة من الجمرك وفق سعر 1500 لشراء سيارة؟ وماذا عن ضبط التلاعب برسوم الجمرك؟
"حركة تسجيل السيارات ناشطة جداً منذ بداية الصيف، وليس منذ إقرار الدولار الجمركي، إذ هناك تهافت على شراء أرقام السيارات، لأنّ أسعارها سترتفع بموجب ما أُقرّ في الموازنة، لا سيما الأرقام المميزة، لكنّ ارتفاعها لن يواكب الدولار الجمركي إنّما قد يتضاعف 3 مرات"، هذا ما تورده رئيسة هيئة إدارة السّير، المهندسة هدى سلوم.
وفي حديثها لـ"النهار"، عن تسجيل السيارات، تفيد سلوم بأنّه "لن يزيد رسم التسجيل للسيارات التي دخلت إلى لبنان بشهادة جمركية قبل صدور الموازنة، ولن يلحقها زيادة بالتسجيل، فلدى دخول قانون الموازنة حيّز التنفيذ، وارتفاع الدولار الجمركيّ بموجبها، يتمّ إصدار شهادة جمركية جديدة برسوم جديدة على سعر 15 ألف ليرة". لكنّ السيارة التي دخلت قبل تطبيق الدولار الجمركي لن ترتفع رسومها "إلا أن الناس لا يدركون هذا الأمر، لذلك يهرع الجميع لإنجاز معاملاتهم في النافعة قبل تطبيق القانون الجديد".
وعن تغيير الرسوم الجمركية، تؤكّد سلوم أنّه "حتى الآن، لا يمكن تحديد هذا الأمر، لأنّه يعود إلى الجمارك، فقيمة السيارة ورسومها ستختلف"، إذ ليس واضحاً حتى الساعة، إن كانت الرسوم ستُضرب بـ10 أضعاف لتواكب سعر 15 ألف ليرة! وهل سيلحق الدولار الجمركي قيمة السيارة ورسومها أم سيلحق رسومها فقط؟
آلية احتساب الرسوم في النافعة هي كالآتي: القيمة الجمركية زائدة الرسوم، يضاف عليها 15 في المئة، لنحظى بتسعيرة تسجيل السيارة. وتعادل نحو 5 في المئة من التسعيرة رسوم التسجيل.
لكن ألا يسمح ذلك للتجار بالتلاعب بالتواريخ؟ برأي سلوم "لن يستطيع التجار التلاعب بالتواريخ، فالشهادات الجمركية تحمل تواريخ مكتوبة، وكل هذه المعاملات ممكننة مع الجمارك، وتسعيرة السيارات والرسوم مرتبطة بالشهادة الجمركية، أي أنّه لن يرتفع الرسم إلّا عند دخول سيارات جديدة بعد نشر قانون الموازنة". حينها، يرتفع سعرها بموجب شهادتها الجمركية لدى الجمارك، وتلقائياً ترتفع الأسعار في النافعة. فالمعَارض التي استوردت، وتعرض سياراتها حالياً، لن ترتفع رسومها الجمركية بعد العمل بالدولار الجمركي. ولكلّ سيارة رسم يختلف باختلاف شهادتها الجمركية.
هل يتهافت الناس على شراء السيارات قبل تطبيق الدولار الجمركي؟
في حديثه لـ"النهار"، يشير نقيب مستوردي السيارات المستعمَلة، إيلي قزي، إلى أنّ ليس هناك تهافت على شراء السيارات حالياً بعد إقرار الدولار الجمركي على 15 ألف ليرة، "فمَن اشترى ليستفيد قبل إقرار هذا القانون، اشترى منذ أن بدأ الحديث عنه، أي منذ أشهر، والأسواق ضعيفة جداً حالياً، وهناك جمود بالطلب، حتى أنّ النافعة لا تفتح أبوابها دائماً".
وأكّد حصول زيادة في الرسوم الجمركية مع العمل بالدولار الجمركي، فالسيارة -مثلاً - التي كان جمركها 7 ملايين و200 ألف ليرة، سيُصبح 64 مليون و200 ألف ليرة.
ويؤكّد قزي أنّ جمرك السيارات المستعمَلة أعلى من جمرك السيارات الجديدة، لأنها تلتزم بكتاب "بلو بوك" الآتي من الولايات المتحدة، والذي تُسعَّر السيارات المستعمَلة في لبنان بموجبه.
وتُفيد مصادر جمركية لـ"النهار" بأنّه "حالياً وأخيراً، ليس هناك أي استيراد للسيارات، والبواخر التي تشحن هذه السيارات فارغة منها، إلّا أنّ الاستيراد كان في أوجه لدى بدء التداول برفع الدولار الجمركيّ إلى 20 ألف في الأسابيع الماضية".
نستنتج إذن أنّ السيّارات المستورَدة شُحنت، وتمّ نخزينها، حتى إقرار الدولار الجمركي. ولا شكّ في أنّ القانون يضبط نظرياً بالوثائق والتواريخ التجار وجشعهم، وهذا لا ينسحب فقط على المواد الغذائية والسلع، إنّما أيضاً على السيارات، فجملة "شاريها على 1500، ستصبح شاريها على جمرك 15000".
ولكم أن تتخيّلوا فوضى الأسعار التي ستختلط بانعكاسات الدولار الرسمي 15 ألف بعد إقراره أواخر الشهر الآتي، وهنا "ستضيع الطاسة"، وضبط التلاعب سيُصبح حلماً.