النهار

18 مليون ليرة للحد الأدنى للأجر أمام لجنة المؤشر الثلثاء والمنح المدرسية ما بين 4 و12 مليون
رولى راشد
المصدر: "النهار"
18 مليون ليرة للحد الأدنى للأجر أمام لجنة المؤشر الثلثاء والمنح المدرسية ما بين 4 و12 مليون
تعبيرية.
A+   A-
مع التسريبات عن اتفاق لرفع الحدّ الأدنى للأجر في القطاع الخاصّ، يرافقه قرار بزيادات على الراتب قبل الأعياد، في إطار لململة الشارع، وكسب الحكومة رضى الطبقة العمالية، سيُعقد اجتماع لجنة المؤشر غداً الثلثاء، في الوقت الذي تبقى الأرقام مدار جدل، لا سيّما أن الهيئات الاقتصادية تتسلّح بتأثّر الحركة التجارية والسياحية، وبفرملة النمو الاقتصادي نتيجة حرب غزّة، وبواقع الساحة اللبنانية المفتوحة على احتمال توسّع قاعدة الاشتباك إلى حرب شاملة.

52 مليون ليرة هي تكاليف معيشة الأسرة اللبنانية المتقشّفة شهرياً، أيّ ما يعادل 582 دولاراً في القرية، و71 مليون ليرة، أي 794 دولاراً في المدينة، وفق دراسة حديثة مفصّلة للدوليّة للمعلومات. هذا دون احتساب التكلفة الصحيّة التي تفوق قدرة معظم اللبنانيين من الطبقة المتوسّطة، بعدما لامست أوضاعها الطبقة الفقيرة.

الزيادات التي أقرّها مجلس الوزراء أخيراً للقطاع العام أوجدت خللاً، ونسفت معايير العدالة الاجتماعية بين القطاعين العام والخاصّ، وإن لم تفِ جميع العاملين في القطاع العام جميع حقوقهم، بالرغم من أن القطاع الخاص يُعتبر المصدر الرئيسيّ لتمويل نفقاته.

الاتحاد العمالي، الذي يتمسّك بحدّ أدنى يبلغ 52 مليون ليرة، يكشف عن رفض الهيئات الاقتصادية بالمطلق هذا الرقم خلال الحوار معها، إذ تُطالب باعتماد رقم الـ15 مليون ليرة، لا سيّما بعد رفع بدل النقل اليوميّ إلى 450 ألف ليرة ليُصبح 10 ملايين و800 ألف ليرة، أي أكثر من الحدّ الأدنى للأجور، وهو 9 ملايين ليرة، أمام امتحان قريب في تحصيل حقوق العمال، بعدما سلّف وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم الهيئات الوقت الكافي لاتخاذ القرار بشأن الزيادة .

وفي المعلومات المتوافرة، إن الاجتماع الذي حصل الأسبوع الماضي في السرايا الحكومية، برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحضور كلّ من وزير العمل مصطفى بيرم ورئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير ورئيس الاتحاد العمالي العام بشاره الأسمر، تداول بعدّة أرقام للحدّ الأدنى، بدءاً من الـ20 إلى الـ30 مليون ليرة. لكنّه في إطار تقريب وجهات النظر، طُرح الرقم 18 مليون ليرة في المرحلة الأولى كحدّ أدنى.

ماذا يقول رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشاره الأسمر عن نتيجة المفاوضات الأخيرة بين طرفي الإنتاج؟
يوضح الأسمر لـ"النهار" أنه خلال اجتماع لجنة مؤشر غلاء المعيشة هذا الثلثاء سيتمّ الاتفاق على اعتماد مبلغ 18 مليون ليرة للحدّ الأدنى للأجور، على أن تحدد نسبة غلاء المعيشة. صحيح أننا لم نتوصل إلى تفاهم حول الرقم 52 مليون ليرة الذي قدّمناه بناء لدراستنا، ولكن سنواصل التفاوض من أجل رفع الرقم فور استقرار الأوضاع الأمنية وهدوء الجبهات. وفي غضون ذلك، نجحنا في مضاعفة المنح المدرسيّة إلى 4 ملايين ليرة في التعليم الرسميّ، وإلى 12 مليون ليرة في التعليم الخاصّ عن كلّ تلميذ حتى 3 أولاد".

بكداش

في هذا السياق، يقول نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش لـ"النهار": "ما من رقم محدّد حتى تاريخه، ونحن بانتظار أن تتوضح جميع الأرقام خلال اجتماع لجنة المؤشر نهار الثلثاء. وبالنسبة لزيادة غلاء المعيشة على الشطور فإنه لم يعد مطروحاً. ولكن ستتم مناقشة الموضوع خلال اجتماع لجنة المؤشر المقبل، لا سيّما أن الضمان الاجتماعي كان يفرض زيادة النسبة الجديدة التي يتمّ إقرارها على الشطور في الراتب؛ فإن كانت الزيادة 9 ملايين، ليُصبح الحدّ الأدنى 18 مليون ليرة، تكون الزيادة على الشطور 9 ملايين ليرة.
ولكن ما يهمّنا كأصحاب عمل معرفة حجم استفادة العمال من هذه الزيادات. الخلاف في السابق لم يكن أبداً على الحدّ الأدنى بل حول كيفية التحقق من جدوى رفعه، مع ما يمكن أن يحصل عليه العامل من تقديمات طبية واستشفائية إلى جانب انعكاسه على تعويض نهاية الخدمة.
لقد فهمنا من الضمان الاجتماعي في اجتماعنا الأخير معه أنه بدأ بتسديد نسبة 50% من فواتير الطبابة والأدوية، وأكثر من ذلك لأدويّة الجينيريك والصناعة المحلية. وإذ قال إنه يقوم بتسديد نسبة 50% لفاتورة الاستشفاء أيضاً، تبيّن أن ذلك يتمّ على أساس سعر الـ15 الف ليرة للدولار. وهذا لا يناسبنا أبداً، لأنه إذا اتفقنا على مبلغ الـ18 مليون، فيهمّنا بالمقابل أن تعود التقديمات الصحية وغيرها للعمال إلى ما كانت عليه في العام 2019. وبالنسبة لموضوع الزيادات على المنح المدرسية، فمن المبكر تحديدها، لأنّها تتعلّق بالعام الدراسي 2024- 2025.
وهذا سيتمّ تحديده في اجتماع لجنة المؤشر التي يعود لها القرار، مع ضمّها عدّة أفرقاء من الضمان، من إدارة الإحصاء المركزي، ومن الجامعات، إلى جانب وزارة العمل وممثلي أصحاب العمل والعمّال."

ولكن تناولَ الزيادات على الحدّ الأدنى والأجر في القطاع الخاص شأنٌ، والمذكّرة التي أصدرها المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، محمد كركي، وقضى بموجبها بتعديل الحدّ الأقصى للكسب الخاضع للحسومات لفرع ضمان المرض والأمومة، ليصبح ٤٥ مليون ليرة، أي خمسة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور، شأن آخر يضغط على أصحاب العمل.

يلفت بكداش إلى "أن تطبيقها دخل حيّز التنفيذ فيما على الصندوق إلغاء التعميم الذي قضى بموجبه الطلب إلى جميع المديريات والمكاتب الإقليمية والمحلية إحالة المؤسّسات، التي تتقدّم بتصاريح أجور أو تصاريح استخدام أو ترك، تتضمّن أجوراً أقلّ من عشرين مليون ليرة لبنانية شهرياً، إلى مديرية التفتيش والمراقبة، لأنّ الأرقام ستتغيّر، ولم يعد لها أي جدوى".

في ضوء هذه المعطيات، يبدو أنه مع كل حديث عن زيادة في الأجور، تسير الأمور على منوال "حتى لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم"، فالمطالب تُطاع بقدر المستطاع، علماً بأنه في علم الاقتصاد، الزيادة في الرواتب وتحسينها ترفع من حجم الاستهلاك.

اقرأ في النهار Premium