النهار

"مشروع رأس الخيمة" رافعة سياحية للنمو الاقتصادي غير النفطي في الإمارات
باولا عطية
المصدر: النهار
يعتبر مشروع رأس الخيمة إحدى المبادرات الاقتصادية والتنموية المهمة في إمارة رأس الخيمة، إحدى الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو وجهة استثمارية وسياحية رئيسية في المنطقة.
"مشروع رأس الخيمة" رافعة سياحية للنمو الاقتصادي غير النفطي في الإمارات
مشروع رأس الخيمة
A+   A-

يعتبر مشروع رأس الخيمة إحدى المبادرات الاقتصادية والتنموية المهمة في إمارة رأس الخيمة، إحدى الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو وجهة استثمارية وسياحية رئيسية في المنطقة.

وتسعى إمارة رأس الخيمة من خلال مشروعاتها المختلفة إلى تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين.

ولتسليط الضوء أكثر على أهمية هذا المشروع الاقتصادية والسياحية، وعلى المميزات التي تجعل منه رافعةً تنمويةً فاعلة، تحاور صحيفة "النهار" راكي فيليبس، الرئيس التنفيذي لهيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة، وتبحث معه في أدق تفاصيل هذا المشروع.

 



ما هي العوامل الرئيسية التي ساهمت في تحقيق هذا النجاح؟

يعود نجاحنا المستمر إلى خطة تنمية متكاملة، تشمل الاستثمار في البنية التحتية السياحية، والمبادرات الهادفة لاستقطاب المزيد من الزوار إلى إمارة رأس الخيمة، وتطوير منظومة قائمة على الاستدامة.

في الإمارة حالياً 53 منشأة تضم 8000 غرفة من أجل تلبية احتياجات وتطلعات المسافرين من جميع الفئات. وتتنوّع بين منتجعات شاطئية فاخرة ومنتجعات عائلية شاملة بأسعار مقبولة، إضافة إلى أكبر منتجع "هامبتون" من سلسلة هيلتون في العالم. ونعمل على جذب الزوار إلى الإمارة بإطلاق مبادرات استراتيجية للترويج لرأس الخيمة، وبشراكاتنا المميزة مع شركات الرحلات السياحية الرائدة، ومشاركاتنا في معارض السفر، وإلى جانب الحملات الترويجية.

لا بد من الإشارة هنا إلى أن سهولة الوصول إلى الإمارة تساهم في تعزيز جاذبيتها وشهرتها، حيث تتميز الإمارات بموقعها الجغرافي الاستراتيجي بين الشرق والغرب، وبصفتها موطناً لأكبر عدد من المطارات الدولية القريبة من أوروبا وآسيا وأفريقيا، ما يتيح لأكثر من ملياري شخص فرصة الوصول إليها عبر رحلات جوية لا تستغرق أكثر من أربع ساعات.

وتقع الإمارة التي تشتهر بطبيعتها الرائعة وتنوعها البيئي على بعد 45 دقيقة فقط من مطار دبي الدولي براً، وتحتضن أيضاً مطار رأس الخيمة الدولي الذي يخضع حالياً لأكبر توسعة.

ما هي أهدافكم الطموحة لتحقيق نمو مستدام في رأس الخيمة؟ هل هناك أسواق مستهدفة محددة يتم التركيز عليها؟

تأتي الهند في صدارة الأسواق المستهدفة، إذ شهدت نمواً بنسبة 20 في المئة في عدد الزوار في العام الماضي. لذا، محور تركيزنا الآن هو الاستفادة من الفرص والإمكانيات التي تقدمها الهند كسوق سياحية، خصوصاً في قطاع حفلات الزفاف الذي شهدت إيراداته زيادة ملحوظة بنسبة 103 في المئة في عام 2023.

كما توفر الصين وشرق آسيا فرص نمو كبيرة، حيث سجل عدد الزوار الصينيين زيادة نسبتها 94 في المئة في عام 2023، وارتفاعاً بنسبة 97 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأول من عام 2024.

ومتوقعٌ أن يزيد مشروع "وين جزيرة المرجان" الذي يجري العمل عليه حالياً، عدد الزيارات السياحية من الصين، لتضاهي بذلك رأس الخيمة منطقة ماكاو الصينية أهميةً على مستوى محفظة منتجعات "وين ريزورتس" العالمية.

كما نوجه أولوياتنا نحو فرنسا التي شهدت زيادة في عدد الزوار بنسبة 12.6 في المئة على أساس سنوي خلال نيسان (أبريل) الماضي، إضافة إلى الأسواق الناشئة مثل الدول الاسكندنافية، ودول البِنِلوكس، ودول شرق أوروبا.



كيف تخططون لجذب مجموعة واسعة من السيّاح؟

سنكشف قريباً عن سلسلة من الخدمات الترفيهية الجديدة، التي تمزج بين المغامرة والوعي البيئي، ومنها "أجنحة جيس"، أول موقع مخصص للطيران الشراعي في المنطقة من أعلى جبل جيس، إضافة إلى وجهة المغامرات "فيا فيراتا"، وهي رحلة ترفيهية جديدة لتسلق الصخور، كما سنوفّر أيضاً مسارات جديدة لتسلق الجبال. وفي العام المقبل، سنفتتح "سيج" التابع لمجموعة "مانتيس"، وهي وجهة جبلية مستدامة تضم 70 كوخاً فاخراً وتوفر أنشطة ومغامرات متنوعة ومبتكرة برفقة مرشدين متخصصين.

وكنّا قد أعلنا مؤخراً عن شراكة مع هيئة رأس الخيمة للمواصلات وشركة سكاي بورتس إنفراستركتشر الرائدة في مجال توفير البنية التحتية لقطاع النقل الجوي المتطور وتشغيل مطارات طائرات الإقلاع والهبوط العمودي، لإطلاق أول نظام تاكسي طائر كهربائي بتقنية الإقلاع والهبوط العمودي بحلول عام 2027. وهذا سيوفر بدوره وسيلة نقل سريعة ومريحة لا تصدر أي انبعاثات مضرة بالمناخ، وتربط الوجهات السياحية والمعالم الشهيرة في الإمارة بعضها ببعض.



ما هي مبادراتكم المستقبلية لتطوير المشهد السياحي في رأس الخيمة؟

نعمل حالياً على تطوير العديد من المشاريع في رأس الخيمة، أبرزها خطتنا لمضاعفة عدد الفنادق في الإمارة. ويجري العمل في هذا الإطار على إنشاء أكثر من 7٫000 غرفة تابعة لمختلف العلامات التجارية العالمية، مثل فنادق نوبو، وفنادق دبليو، وجي دبليو ماريوت، ولو ميريديان، وميلينيوم، ونيكي بيتش ومنتجع وين المتكامل والذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات، إذ يمتد على مساحة 250٫000 متر مربع تقريباً على جزيرة المرجان.

وسيضم هذا المنتجع 1,524 غرفة وجناحاً وفيلا فاخرة، إضافة إلى مجموعة متنوعة من الخيارات والميزات الترفيهية، ومنطقة ألعاب، و22 مطعماً، ونوادٍ صحية مبتكرة، ومركز تسوق فاخر، ومركز فعاليات حديث، ومسرحٍ لاستضافة عروض فنية فريدة.

كما نخطط لافتتاح العديد من المشاريع خلال العام المقبل، منها منتجع ويستن الذي سيضم 257 غرفة، وفندق روف جزيرة المرجان الشاطئي العصري الذي سيضم 441 غرفة تلبي احتياجات المسافرين ذوي الميزانية المحدودة، ونعمل على تنويع عروضنا من خلال افتتاح "سيج لودج" التابع لمجموعة "مانتيس"، كما ذكرنا آنفاً.



كيف تساهم مشاريعكم في الارتقاء بمسيرة التنمية الشاملة وتنويع اقتصاد رأس الخيمة؟

باعتبار السياحة القطاع الأسرع نمواً بالإمارة، فإنها تساهم حالياً بنسبة 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث نهدف إلى زيادة هذه النسبة إلى الثلث بحلول عام 2030. ويكتسب هذا النمو أهمية ومكانة خاصتين في اقتصاد متنوع مثل اقتصاد رأس الخيمة، حيث لا تتجاوز مساهمة أي قطاع 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويشكل قطاع التصنيع نحو 30 في المئة، يليه الشحن والأعمال في مناطق رأس الخيمة الاقتصادية "راكز" ومن ثم السياحة.

يتيح توسع قطاع السياحة في الإمارة توفير فرص عمل عديدة ضمن مجموعة متنوعة من المجالات مثل الضيافة والخدمات والإدارة والإشراف، ما يعزّز معدلات التوظيف ويسهم أيضاً في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وفي ظل الزيادة المتوقعة في عدد الزوار إلى 3.5 ملايين زائر بحلول عام 2030، ستحتاج الإمارة إلى نحو 7٫000 موظف جديد في مجال السياحة لتلبية هذا النمو. كما سيحتاج "وين جزيرة المرجان" وحده إلى 6٫000 موظف.

إضافة إلى ذلك، سيزيد الطلب الذي حفزته التطورات السياحية الحاجة إلى تطوير البنية التحتية، وهذا يحفز الاستثمارات في شبكات النقل والخدمات والمرافق العامة.

وتساهم تلك التحسينات في الارتقاء بجودة حياة السكان، وتمهد الطريق أيضاً لتحقيق تقدم اقتصادي مستدام على المدى الطويل. إضافة إلى ذلك، تجذب التطورات السياحية الاستثمارات الأجنبية، وتعزز ريادة الأعمال، وتدعم الشركات المحلية، ما يؤدي إلى التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية.



كيف تساهم مشاريعكم في تحقيق التنويع الاقتصادي لدولة الإمارات؟

تؤدي مشاريعنا السياحية دوراً مهماً في تنويع اقتصاد دولة الإمارات وتحقيق هدفها المتمثل في مساهمة السياحة بمبلغ 122 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2031. فهذه المشاريع تخلق فرص عمل ومصادر دخل جديدة، وذلك ضمن إطار تطوير النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.

إذا أخذنا منتجع "وين جزيرة المرجان" مثالاً، فإن هذا المنتجع يعتبر أكبر استثمار أجنبي مباشر في رأس الخيمة بقيمة 3.9 مليارات دولار، ما يؤكد أهميته على صعيد دفع عجلة التنويع الاقتصادي لدولة الإمارات.

والاستثمار في هذا المشروع يساهم في تطوير البنية التحتية بمستوى عالمي في المنتجع نفسه والقطاعات المرتبطة به. فعلى سبيل المثال، توسيع مطار رأس الخيمة لاستيعاب التدفق المتوقع للزوار الجدد لدولة الإمارات من جميع أنحاء العالم بهدف الإقامة في المنتجع، يؤدي بدوره إلى تعزيز التبادل الثقافي وزيادة التقارب بين الثقافات المختلفة، وسيفتح فرصاً للتجارة والاستثمار والشراكات خارج قطاع السياحة، ما سيسهم في تحسين التنويع الاقتصادي ومرونته في دولة الإمارات.

وعلى سبيل المثال، لمنتجع وين جزيرة المرجان دور مهم في تعزيز النمو الاقتصادي في الدولة بعد إعلان مرجان 18 مشروع من المشاريع الاستثمارية غير المسبقة والتي وصلت قيمتها إلى 5.9 مليارات دولار.



كيف تساهم رأس الخيمة في تحقيق رؤية الإمارات لتصبح وجهة سياحية عالمية؟

نؤدي دوراً مهماً في تعزيز القطاع السياحي وتطويره من خلال جذب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم كل عام. وفي عام 2023، استقبلنا 1.22 مليون زائر، ما يمثل زيادة بنسبة 8 في المئة عن عدد الزوار في عام 2022، ونحن واثقون من استمرار الزيادة في عدد الزوار، وننظر إلى المستقبل بتفاؤل وثقة، فهدفنا هو مضاعفة هذا الرقم ثلاث مرات، حيث نتطلع إلى استضافة 3.5 ملايين زائر سنوياً بحلول عام 2030. هذا النمو المتوقع يؤكد قدرة رأس الخيمة على المساهمة في تحقيق الرؤية الشاملة لدولة الإمارات المتمثلة في أن تصبح مركزاً سياحياً عالمياً، واستقطاب 40 مليون نزيل فندقي سنوياً بحلول عام 2031.

ثانياً، نسلط الضوء على التنوع الكبير في المناظر السياحية والمعالم الطبيعية والثقافية في رأس الخيمة والتي تجذب مختلف أنواع السياح وتلبي اهتماماتهم وتطلعاتهم المتنوعة. وتوفر جبال رأس الخيمة وشواطئها وصحاريها الخلابة ومواقعها التاريخية مجموعة واسعة من التجارب السياحية التي تناسب جميع الأعمار، وذوي الاهتمامات المتنوعة. وهذا التنوع لا يميز إمارة رأس الخيمة فحسب، بل يساعد أيضاً في الترويج لدولة الإمارات بوصفها وجهة سياحية عالمية توفر نيزات ترفيهية متنوعة وشيّقة.

أخيراً وليس آخراً، تشكل استراتيجية الوجهة السياحية المستدامة الشاملة في رأس الخيمة نموذجاً إيجابياً لباقي إمارات الدولة والعالم، من خلال دمج الأبعاد البيئية والثقافية والاجتماعية، بدلاً من التركيز على جانب واحد فحسب، مثل إيقاف استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، الذي يعتبر الخيار الأول للكثيرين. ومن خلال تطوير نظام بيئي قائم على الاستدامة، تعزز رأس الخيمة جاذبيتها للمسافرين المهتمين بالبيئة، وتحسن جودة الحياة لسكانها، وتساهم أيضاً في تعزيز سمعة دولة الإمارات بوصفها وجهة سياحية تفكر بمستقبلها وتهتم ببيئتها.



اقرأ في النهار Premium