النهار

الأمونيا الخضراء: خطوة متقدمة في ثورة الطاقة المستدامة
باولا عطية
المصدر: النهار
الأمونيا الخضراء واحدة من الابتكارات الواعدة في مجال الطاقة المستدامة، تتميّز بإمكاناتها الكبيرة في تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصادر طاقة نظيفة. وتنتج الأمونيا الخضراء بعملية تُعرف باسمة "الكهرلة" (الإلكتروكيميائية)، أي فصل الماء إلى هيدروجين والأوكسجين باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر طاقة متجددة، مثل الشمس أو الرياح، ليُدمج الهيدروجين الناتج من العملية مع نيتروجين الهواء... وهكذا تتكون الأمونيا.
الأمونيا الخضراء: خطوة متقدمة في ثورة الطاقة المستدامة
الأمونيا الخضراء
A+   A-
 
الأمونيا الخضراء واحدة من الابتكارات الواعدة في مجال الطاقة المستدامة، تتميّز بإمكاناتها الكبيرة في تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصادر طاقة نظيفة. وتنتج الأمونيا الخضراء بعملية تُعرف باسمة "الكهرلة" (الإلكتروكيميائية)، أي فصل الماء إلى هيدروجين والأوكسجين باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر طاقة متجددة، مثل الشمس أو الرياح، ليُدمج الهيدروجين الناتج من العملية مع نيتروجين الهواء... وهكذا تتكون الأمونيا.

ميزة الأمونيا الخضراء إمكاناتها الهائلة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وتعزيز التحول نحو الاقتصاد النظيف، والحد من التغير المناخي، وتقليل الآثار البيئية المرتبطة بالأنشطة الصناعية، "لذلك تستخدم الأمونيا على نطاق واسع في الصناعة والزراعة وكمادة خام كيميائية"، بحسب سليم البنا، الخبير في الطاقة المتجددة، الذي يضيف لـ"النهار" أن تطبيقها الأساسي يدخل في إنتاج الأسمدة، "وهذا أمر بالغ الأهمية لتوفير النيتروجين الذي تحتاجه النباتات للنمو". وتستخدم أيضاً في إنتاج المواد الكيميائية والمواد المختلفة، بما في ذلك البلاستيك والمتفجرات والأدوية.

ويتابع البنا: "تتمتع الأمونيا بكثافة طاقة عالية من حيث الحجم، ما يجعلها مرشحاً محتملاً لتخزين الطاقة ونقلها. ويمكن استخدامها أيضاً كحامل للهيدروجين لخلايا الوقود أو محركات الاحتراق، خصوصاً الهيدروجين الذي تنتجه مصادر متجددة، وهذا ما يجعلها عامل جذب للاستثمارات".

استثمارات وشركات
 
وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، يصل الاستثمار السنوي الحالي في الأمونيا الخضراء إلى 23 مليار دولار. مع ذلك، يتطلب التحول الطاقي باستخدام الأمونيا إلى ما يزيد على 36 مليار دولار سنوياً، بحلول عام 2050. وهذا يزيد الطلب على الأمونيا، ما يفتح الباب واسعاً أمام تنافس يفي بالطلب، ويعزز العوائد على رؤوس الأموال المستثمرة.

في السوق اليوم، تهيمن الشركات الأوروبية عموماً على الجوانب الفنية لإنتاج الأمونيا الخضراء، ومن أبرزها سيمنز جاميسا (شركة ألمانية/إسبانية)، وشركة يارا الدولية (أوسلو النرويج)، وشركة مان إنرجي سوليوشنز (ألمانيا)، وهالدور توبسوي (الدنمارك)، وآي تي أم باور (المملكة المتحدة)، وإنجي (فرنسا).


وبما أن هذه التقنية لا تزال مرتبطة بمشهد الطاقة العالمي، صعبٌ جداً تقدير العائد على استثمارات الأمونيا الخضراء في هذه المرحلة، بحسب البنا، "خصوصاً أن الأمونيا الخضراء تمثل واحد في المئة فقط من إجمالي إنتاج الأمونيا العالمي".

هل الأمونيا الخضراء بديل طاقي فعلي؟ تمتلك الأمونيا الخضراء إمكانات كبيرة بوصفها وقوداً بديلاً للنقل والشحن، تعبّد الطريق أمام تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة في هذه القطاعات. ويرى البنا أن ثمة طرقاً يمكن من خلالها استخدام الأمونيا الخضراء كوقود بديل، "بالاحتراق المباشر في محركات الاحتراق الداخلي والتحويل إلى الهيدروجين والنيتروجين من خلال عملية تكسير الأمونيا، وبعد ذلك يستخدم الهيدروجين الناتج من هذه العملية في خلايا الوقود أو محركات الاحتراق لتوليد الكهرباء".

يضيف البنا لـ"النهار": كذلك، يمكن استخدام الأمونيا مباشرة في خلايا الوقود لإنتاج الكهرباء، كما يمكن محركات هجينة أن تعمل بمزيج من الأمونيا والوقود التقليدي مثل الديزل أو الغاز الطبيعي المسال. وهذا يتيح مرونة عالية في الانتقال التدريجي إلى مزيج أعلى من الأمونيا مع تطور البنية التحتية المواكبة لهذه التقنية".

تحديات ومتطلبات
 
على الرغم من الفوائد الواعدة طويلة المدى لتطوير هذه الصناعة، فإن هذه الصناعات، كثيفة رأس المال، تحمل معها مستوى معيناً من التحديات، يعدد البنا بعضاً منها، ويسميها متطلّبات: "أولاً، يتطلب إنتاج الأمونيا كميات كبيرة من الماء؛ ثانياً، يتطلب التحول إلى إنتاج الأمونيا الخضراء تقنيات متقدمة للتحليل الكهربائي، ربما يكون تطويرها وتوسيع نطاقها صعباً يستدعي رصد عمليات البحث والتطوير باستثمارات كبيرة؛ ثالثاً، يتطلب إنشاء البنية التحتية اللازمة لإنتاج الأمونيا الخضراء، بما في ذلك مرافق الطاقة المتجددة (مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) والمحللات الكهربائية ومصانع تصنيع الأمونيا، استثمارات جزيلة وتخطيطاً كبيراً".

يضيف البنا: "رابعاً، تعتبر السياسات والأطر التنظيمية الواضحة والداعمة ضرورية لجذب الاستثمارات في مشاريع الأمونيا الخضراء، وعلى هذه الأطر أن توفر حوافز لتطوير الطاقة المتجددة، وآليات تسعير الكربون، والقواعد التنظيمية الداعمة للتكنولوجيات الجديدة؛ خامساً، يعد ضمان طلب السوق والأسعار التنافسية لمنتجات الأمونيا الخضراء أمراً ضرورياً للجدوى الاقتصادية للمشاريع. ففيما يتزايد الطلب العالمي على المنتجات المستدامة، ربما يكون إنشاء أسواق موثوقة وعقد عقود طويلة الأجل أمراً صعباً؛ سادساً، قد تطرأ حاجة إلى برامج تدريبية ومبادرات تعليمية لبناء الخبرة الفنية اللازمة محلياً، وتطوير قوة عاملة ماهرة قادرة على تشغيل تقنيات إنتاج الأمونيا الخضراء وصيانتها".

المتطلب الأخير، بحسب البنا، هو الجهد المنسق الذي تبذله الحكومات وأصحاب المصلحة في الصناعة والمؤسسات المالية والشركاء الدوليين، فالتغلب على هذه العقبات يطلق العنان للإمكانات الكبيرة لإنتاج الأمونيا الخضراء في الدول العربية، وهذا يساهم في التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة والحد من انبعاثات الكربون فيها"، مضيفاً: "الاختبارات جارية لتحسين مراحل إنتاج الأمونيا، من التحليل الكهربائي المتجدد، ومحفزات تصنيع الأمونيا، وأنظمة الطاقة المتجددة المتكاملة، وتصميم وأتمتة العمليات المتقدمة، وتأمين مصادر الحرارة الخالية من الكربون، وإزالة الكربون من إنتاج الهيدروجين، وانتهاءً بأنظمة الأمونيا الهجينة".

اقرأ في النهار Premium