بعد جائحة كورونا في عام 2020، شهد سعر الفضة ارتفاعاً ملحوظاً نتيجة التحفيز النقدي وزيادة الطلب على الاستثمار بالتجزئة وزيادة الاستخدامات الصناعية في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والإلكترونيات، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2013، ويبلغ ذروته في عام 2021، عند عتبة 30 دولاراً أميركياً.
ومن عام 2023 حتى نهاية تمّوز (يوليو) 2024، تراوح سعر الفضة بين 20 و32 دولاراً أميركياً لكل أونصة، مسجلاً تذبذبات بالأسعار. وأِقوى انخفاض كان في تمّوز (يوليو)، حين تراجع سعر الفضة إلى أقل من 28 دولاراً للأونصة، منخفضاً بأكثر من 13 في المئة، من أعلى مستوى له خلال 11 عاماً وسط توقعات صناعية قاتمة، وحال من عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
أسباب الخسائر
لهذه الخسائر أسباب عدة، يجملها محلل الأسواق المالية جو يرق لـ"النهار" في الآتي: "قوة الدولار الأميركي إذ تعد الفضة، كما العديد من السلع الأخرى، مقومة بالدولار الأميركي. فعندما يكون الدولار قوياً، تصبح الفضة أكثر تكلفة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب وانخفاض السعر".
ويضيف: "مع ارتفاع معدلات الفائدة لمواجهة التضخم، يتجه المستثمرون نحو الأصول التي توفر عوائد ثابتة مثل السندات الحكومية. وهذا يقلل من جاذبية الفضة بوصفها ملاذاً آمناً، ويؤدي إلى انخفاض سعرها".
ومع تزايد التوقعات بشأن توقيت خفض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة، فربما كان المستثمرون حذرين بشأن الاستثمار في الفضة في النصف الأول من عام 2024، لكن التحول نحو التيسير النقدي في الربع الأخير من عام 2024 يمكن أن يزيد من جاذبية الفضة عند المستثمرين.
كما تؤدي الظروف الاقتصادية العالمية دوراً كبيراً في تحديد أسعار الفضة. يقول يرق: "إن تراجع النمو الاقتصادي العالمي أو ارتفاع منسوب التوترات التجارية يمكن أن يؤثرا سلباً في أسعار السلع، بما فيها الفضة".
في المقلب آخر، تزايد العرض وتسارع التطور التكنولوجي في التعدين يمكن أن ينتجا فائضاً في السوق، ما يزيد الضغط على الأسعار. إلا أن انخفاضاً في الطلب من الصناعات التي تستخدم الفضة يمكن أن يساهم في تراجع الأسعار.
إلى ذلك، كان البنك الدولي قد توقع أن ينخفض مؤشر أسعار السلع الأساسية بنسبة أربعة في المئة في عام 2024، بعد انخفاض بنسبة تزيد على 20 في المئة في عام 2023. وتماشياً مع ذلك، متوقع أن تنخفض أسعار الفضة بنسبة 4 في المئة في عام 2024.
يقول يرق: "بما أن الفضة مطلوب في تصنيع الخلايا الكهروضوئية والإلكترونيات والسيارات والطاقة النظيفة، فلا شكّ في أنها تأثرت بالعقوبات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي على الواردات الصينية من الخلايا الشمسية، وهي من بين أكبر الصناعات المستهلكة للفضة".
توقعات مستقبلية
إن تعافياً اقتصادياً عالمياً قوياً ينتج ارتفاعاً في الطلب على الفضة، لاستخدامها في الصناعات المختلفة، مثل الإلكترونيات والطاقة الشمسية. هذا يمكن أن يجرّ ارتفاعاً في الأسعار. وإن قررت البنوك المركزية تقليل معدلات الفائدة لدعم النمو الاقتصادي، فربما يتجه المستثمرون ثانية نحو المعادن الثمينة بصفتها ملاذاً آمناً، ما قد يدفع سعر الفضة صعوداً.
كذلك، قد تجد مناجم الفضة صعوبة في مواكبة ارتفاع الطلب، ما قد يؤدي إلى ارتفاع سعرها أكثر، بسبب محدودية الإنتاج. وهذا يدعم توقع صعود أسعار الفضة في عام 2024.
وربما تعود أسعار الفضة إلى الثبات بفضل قطاعي السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية في عام 2024، ويمكنها أيضاً الفوز بدفعة من الانتعاش المحتمل بفضل صعود الطلب الصناعي، بحسب توقعات "بنك أوف أميركا".
نتيجة ذلك، يتوقع موقع Investingheaven.com أن تصل أسعار الفضة إلى مستوى 48 دولاراً بحلول منتصف عام 2024، أو منتصف عام 2025. ويرى خبراء جي بي مورغان أن الذهب والفضة أفضل المعادن في هذا العام، متوقعاً أن تتخطى أسعار الفضة مستوى 30 دولاراً في أي وقت قريباً، مدفوعاً بتخفيض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة وانخفاض العائدات الأميركية.