النهار

خطاب جيروم باول يهزّ الأسواق: البورصات تنتعش وأسعار النفط والذهب ترتفع
المصدر: "النهار"
خطاب جيروم باول يهزّ الأسواق: البورصات تنتعش وأسعار النفط والذهب ترتفع
جيروم باول.
A+   A-
أحدث خطاب جيروم بأول، رئيس الفدرالي الأميركي، في ندوة "جاكسون هول" تأثيراً ملحوظاً في الأسواق المالية العالمية وأسعار الذهب والنفط. 
فعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يبشّر فيها الفدرالي الأميركي بقرب خفض الفائدة، فإن التصريح الذي أوحى بثقة متزايدة بأن التضخم على مسار ثابت نحو العودة إلى 2%، كان له الأثر الأكبر في الأسواق، علماً أن التضخم بلغ في حزيران (يونيو) 2022 أعلى مستوى له منذ 41 عاماً، مسجلاً 9.1%، وبلغ في تمّوز (يوليو) الماضي 2.9%.
 
أسواق المال تتنفس الصعداء
قال باول في خطابه الأخير إن الوقت حان لخفض أسعار الفائدة... وهذا تصريح يمثّل تحوّلاً في السياسة النقدية، إذ يعكس أن الفدرالي يقترب من إنهاء دورة التشديد التي بدأت في آذار (مارس) 2022، في توجه أدى إلى ارتفاع حادّ في مؤشرات البورصات الأميركية. فانخفاض أسعار الفائدة يحفّز النشاط الاقتصادي، ويقلل من تكاليف الاقتراض، ما يزيد من شهية المستثمرين للمخاطرة، ويرفع أسعار الأسهم.
 
واستفادت البورصات العالمية أيضاً من هذا التحوّل، لأن خفض الفائدة يعزز السيولة ويقلل من تكلفةالتمويل، وهذا يشجع الشركات على التوسّع، ويزيد من جاذبية الاستثمار في الأسهم.
 
وارتفعت سوق الأسهم السعودية، وتقدم المؤشر السعودي الرئيسي 0.6% بعدما قفز سهم "الاتصالات السعودية" (STC) 9.9% بعد إعلانها توزيع أرباح ربع سنوية بواقع 0,55 ريال للسهم لفترة السنوات الثلاثة المقبلة، ابتداءً بالربع الرابع من العام الجاري. وفي العادة، تسترشد السياسة النقدية في دول مجلس التعاون الخليجي بقرارات المركزي الأميركي، فمعظم عملات تلك الدول مربوطة بالدولار. ويُتوقع أن تستمر هذه الارتفاعات إذا استمر التوجّه نحو سياسات تيسيرية في اجتماعات الفدرالي المقبلة.
 
الذهب يعِد بالارتفاع
في سياق متصل، ارتفع سعر الذهب 1% في المعاملات الفورية عقب خطاب باول، إلى 2,508.88 دولارات للأونصة، كما زادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.2% إلى 2,546.20 دولاراً، نتيجةً لتراجع الدولار وعوائد السندات الأميركية. فعند خفض الفائدة، يصبح الذهب أكثر جاذبية بصفته ملاذاً آمناً، مقارنةً بالدولار والسندات التي تفقد جزءاً من جاذبيتها بسبب تراجع العوائد. إلى ذلك، تعزز التوقعات بأن يخفف الفدرالي سياسته المتشددة الطلب على الذهب وسيلةً للتحوّط
 
ضد التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي.
ومتوقع أن يستمر الذهب في تسجيل مكاسب إضافية قبل اجتماع الفدرالي في أيلول (سبتمبر) المقبل، مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة. وكانت أسعار الذهب قد شهدت في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً غير مسبوق، إذ تجاوز سعر الأونصة عتبة 2,500 دولار للمرة الأولى في التاريخ، ما يعكس العوامل الاقتصاديّة والجيوسياسيّة التي دفعت بالمستثمرين إلى اللجوء إلى المعدن النفيس بوصفه ملاذاً آمناً لاستثماراتهم.
 
إلى ذلك، زاد سعر أونصة الفضة في التعاملات الفورية 2.1% إلى 29.60 دولاراً للأوقية، وارتفع 2.1% تقريباً خلال الأسبوع. كذلك، ارتفع سعر البلاتين 1.5% إلى 958.35 دولارأً، وارتفع البلاديوم 1.6% إلى 947.50 دولاراً.
 
السندات والنفط... إلى أعلى
أدى خطاب باول إلى تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.6%، وهبوط عوائد السندات الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات، ما يجعل الذهب أكثر جاذبية بالنسبة إلى المتعاملين بالعملات الأخرى. فالدولار أقل جاذبية مقارنة بالعملات الأخرى، وهذا يدعم ارتفاع أسعار الأصول كالذهب والنفط التي تسعّر أصلاً بالدولار. وتراجع الدولار يعني أيضاً أن يصبح النفط والذهب أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.
 
إلى ذلك، خفض أسعار الفائدة يزيد من الطلب على النفط بسبب تراجع تكلفة التمويل وتحفيز النشاط الاقتصادي العالمي. وتلقائياً، زيادة الطلب على النفط ترفع سعر البرميل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن انخفاض تكلفة الاقتراض يعزز الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية المختلفة، بما فيها قطاع الطاقة، وهذا بدوره يرفع الطلب على النفط. وعليه، ارتفعت أسعار النفط الخام الأميركي وخام برنت أكثر من 2% بعد تصريحات باول، كما صعد سهم "أرامكو السعودية" 0.7%.
وعلى الرغم من مخاوف الركود في السوق الأميركية، فإن التيسير النقدي يقلل من حدة هذه المخاوف ويساعد على استقرار أسعار النفط، بل يدفعها نحو الارتفاع.
 
توقعات مستقبلية
متوقع أن تستمر البورصات في الارتفاع، خصوصاً إذا أكد الفدرالي الأميركي في اجتماعه في أيلول (سبتمبر) المقبل خفض أسعار الفائدة. ووفقاً لأداة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة "سي. إم. إي"، يتوقع 67.5% من المتداولين خفضاً بواقع 25 نقطة أساس في الشهر المقبل، في حين يتوقع 32.5% منهم خفضاً أكبر، يصل إلى 50 نقطة أساس.
 
أما أسعار الذهب والنفط فربما تواصل ارتفاعها، مدفوعة بتراجع الدولار وتحسّن التوقعات الاقتصادية بفضل سياسة التيسير النقدي. 
في المقابل، قد تشهد الأسواق المالية تقلبات بناءً على البيانات الاقتصادية المقبلة وتوقعات التضخم، وهذا ما أكده بأول حين أكد أن "توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة يعتمدان على البيانات الواردة، والتوقعات المتطورة، وتوازن المخاطر".

اقرأ في النهار Premium