النهار

دول الخليج محطات محورية في مبادرة الحزام والطريق الصينية
باولا عطية
المصدر: النهار
تشكّل دول الخليج العربي جزءاً مهماً من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013، لتعزيز التعاون التجاري والبنية التحتية عالماً. فالخليج العربي بوابة استراتيجية إلى آسيا وأوروبا وأفريقيا، ودورها رئيسي في هذا المشروع الطموح. ​ من بين هذه الدول، تبرز الإمارات والسعودية وعُمان لاعبين رئيسيين نظراً إلى مواقع هذه الدول الاستراتيجية وإمكاناتهم الاقتصادية الكبيرة، إلى جانب شراكة أساسية مع دولتي قطر والكويت.
دول الخليج محطات محورية في مبادرة الحزام والطريق الصينية
تعبيرية.
A+   A-
تشكّل دول الخليج العربي جزءاً مهماً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013، لتعزيز التعاون التجاري والبنية التحتية عالماً. فالخليج العربي بوابة استراتيجية إلى آسيا وأوروبا وأفريقيا، ودورها رئيسي في هذا المشروع الطموح.
 
من بين هذه الدول، تبرز الإمارات والسعودية وعُمان لاعبين رئيسيين نظراً إلى مواقع هذه الدول الاستراتيجية وإمكاناتهم الاقتصادية الكبيرة، إلى جانب شراكة أساسية مع دولتي قطر والكويت.

الإمارات: الربط الأول
 
تعد الإمارات واحدة من أكبر داعمي مبادرة "الحزام والطريق"، وتحتل مكانة متقدمة فيها بفضل موقعها الاستراتيجي، وامتلاكها واحدة من أكثر البنى التحتية في مجال النقل والدعم اللوجستي تطوراً في المنطقة، ما يؤهلها لتكون مركزاً عالمياً للتجارة.
 
تؤدي موانئ دبي العالمية دوراً محورياً في هذا السياق، إذ تستثمر في مشاريع البنية التحتية التي تعزز الاتصال بين آسيا وأوروبا عبر الموانئ البحرية. يقول وارف قميحة، رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث (كونفوشيوس)، ورئيس الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل، لـ"النهار": "العلاقات بين الإمارات والصين تتطور بشكل سريع. فمنذ بدايتها في عام حتى اليوم، وقع البلدان أكثر من 148 اتفاقية ومذكرة تفاهم، ووصل حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات والصين إلى 80,5 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بـ77,3 ملياراً في عام 2022".
 
وبحسبه، استثمرت الإمارات نحو 11,9 مليار دولار في الصين، بينما استثمرت الصين 7,7 مليارات دولار في الإمارات، "وتشكل الواردات الإماراتية من الصين 18% من إجمالي وارداتها".
 
سياحياً، تجاوز عدد السياح الصينيين الوافدين إلى الإمارات مليون زائر في عام 2023، على متن أكثر من 210 رحلات جوية شهرية بين البلدين. وأطلق مشروع "تدريس اللغة الصينية في 200 مدرسة" بالإمارات في عام 2019، وهو يستقطب أكثر من 71 ألف طالب في 171 مدرسة، كما يقول قميحة.

السعودية: شراكة الطاقة والاستثمار
 
تشهد العلاقات بين السعودية (أكبر مصدر للنفط) والصين (أكبر مستورد للنفط السعودي) تطوراً ملحوظاً على مختلف الأصعدة. يقول قميحة: "تعد الصين الشريك التجاري الأهم للسعودية، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما 100 مليار دولار في عام 2023"، مضيفاً أن الصين تستورد 1.7 مليون برميل من النفط السعودي يومياً، بينما تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز 55 مليار دولار. وفي عام 2023، ضخت الصين 16,8 مليار دولار في السعودية مقارنة بـ1,5 مليار دولار في عام 2022، تدفقت إلى قطاعات البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية.
 
يضيف: "تتعاون السعودية والصين بشكل وثيق في مجال الطاقة المتجددة، حيث وقعت اتفاقية في عام 2023 بين شركة تي سي إل تشونغ هوان الصينية وشركات سعودية عدة لإنشاء مشروع لتوطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية باستثمار 2,08 مليار دولار. كما استضافت الرياض ’مؤتمر الأعمال العربي - الصيني‘ بمشاركة 3,600 شخص في حزيران (يونيو) 2023، وتمت دعوة السعودية لتكون ضيف شرف في ’معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة‘ في تموز (يوليو) 2023".

عُمان: نقطة لقاء قارية
 
تعد سلطنة عُمان أحد أهم المراكز اللوجستية في المنطقة نظراً إلى موقعها الاستراتيجي على مداخل مضيق هرمز، الذي ساهم في تعزيز الشراكة بين الصين وعُمان. فميناء الدقم العُماني أحد المنافذ الرئيسية في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، فهو نقطة التقاء مهمة للتجارة البحرية بين آسيا وأفريقيا. فضلاً عن ذلك، تسعى عُمان إلى تنويع اقتصادها بتعزيز استثماراتها في القطاعات غير النفطية، وهو ما يتماشى مع أهداف المبادرة الصينية.
 
يقول قميحة في هذا الإطار: "حين بدأت العلاقات الديبلوماسية بين عُمان والصين في عام 1978، كان حجم التجارة الثنائية بينهما نحو 10,000 دولار، ووصل إلى نحو 40,45 مليار دولار في عام 2022"، علماً أن الصين استوردت 39,4 مليون طن من النفط العُماني في ذلك العام.
 
توسّع التعاون الاقتصادي بين البلدين ليشمل استثمارات ضخمة أهمها استثمار شركة "بيستونغ" الصينية 230 مليون دولار في مشاريع مختلفة مثل سبائك الفيروسيليكون وتحلية المياه البحرية، كما يشمل التعاون بين البلدين "التدريب والتبادلات الثقافية أيضاً. فمنذ عام 2018، عُقدت 150 دورة تدريبية صينية للجانب العُماني بمشاركة 850 شخصاً في مجالات متنوعة" بحسب قميحة، فيما يتوسّع أفق هذا التعاون اليوم إلى أدوات الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.

الكويت: أكبر شريك للصين
 
تعتبر الكويت واحدة من أوائل الدول العربية التي وقعت اتفاقية تعاون مع الصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق". تستفيد الكويت من علاقاتها مع الصين في تطوير بنيتها التحتية وتنويع اقتصادها، بما يتماشى مع رؤية "الكويت 2035". من أبرز المشاريع المشتركة بين البلدين تطوير مدينة الحرير الكويتية، التي تعد جزءاً من رؤية الكويت لتصبح مركزاً اقتصادياً وتجارياً عالمياً.
وقال تشانغ جيناوي، سفير الصين لدى الكويت، إن حجم التبادل التجاري بين الدولتين وصل إلى 22,39 مليار دولار في عام 2023، مقابل 12,25 ملياراً في 2013، لتصبح الصين أكبر شريك اقتصادي للكويت منذ عام 2015، وذلك في ندوة إعلامية حول التعاون في مبادرة "الحزام والطريق"، نظمتها وكالة أنباء "شينخوا" الصينية في الكويت في 21 أيار (مايو) المنصرم.

قطر: مورد الغاز الطبيعي
 
أما قطر، فتتمتع بعلاقات تجارية واستثمارية قوية مع الصين، حيث تعتبر الدوحة مورداً رئيسياً للغاز الطبيعي المسال إلى الصين. إضافة إلى ذلك، تسعى قطر إلى تعزيز استثماراتها في البنية التحتية والطاقة في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، ما يتيح لها دوراً أكبر في الربط بين آسيا وأوروبا.
 
في عام 2023، كانت الصين أكبر سوق للغاز الطبيعي المسال القطري بما يقارب 17 مليون طن، وصدّرت قطر للصين 8,6 ملايين طن من النفط الخام و2,2 مليون طن من غاز البترول المسال، و1,6 مليون طن من البتروكيماويات، كالأسمدة والبوليمرات والكيماويات.
 
كما شهد العام نفسه، حصلت شركتا طاقة صينيتان على 1.25% في مشروع حقل الشمال الشرقي، و1.875% في مشروع حقل الشمال الجنوبي، ووقعتا اتفاقيات بيع وشراء 7 ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال لمدة 27 عاماً.

اقرأ في النهار Premium