لم تمنع حدّة الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة منذ الصباح على مختلف المناطق الجنوبية حاصدة أكثر من مئة شهيد و٤٠٠ جريح وفق الإحصاءات الأوّلية لوزارة الصحة، الحكومة اللبنانية من الانعقاد، ليس لبحث الوضع الأمنيّ المتفجّر، وإنّما لإقرار مشروع موازنة سنة ٢٠٢٥، في مشهد غير مسبوق من الاستهتار حيال الأخطار المحدقة في البلاد.
فبدلاً من تأجيل الجلسة المخصّصة لدرس مشروع قانون الموازنة العامّة إلى موعد لاحق، وتخصيص جلسة اليوم لمواكبة التطوّرات العسكرية والأوضاع الإغاثيّة في ظلّ الضغط الهائل على المستشفيات، فضلاً عن متابعة موجة النزوح الكبيرة من قرى الجنوب، كان القرار الحكوميّ بالدعوة إلى جلسة تُعقد غداً لهذه الغاية. والذريعة أنّ لجنة تنسيق عمليات مواجهة الكوارث والأزمات الوطنية عقدت اجتماعاً طارئاً ترأّس جانباً منه ميقاتي بعد انتهاء الجلسة الحكومية، وكان مخصّصاً للبحث في خطة الطوارئ الوطنية ومتابعة أعداد النازحين وإجراء مسح بالمساحات المتاحة لاستقبالهم.
في جلسة اليوم، برّر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي انعقاد الجلسة بأنّها التزام بالمهلة الدستورية تمهيداً لإحالة المشروع إلى مجلس النواب، كاشفاً أنّه تمّ استكمال البحث في التقديمات الاجتماعية ولا سيّما للعسكريين. وفي المقرّرات، أعلن وزير الإعلام زياد مكاري أنّ المشروع أُقرّ، كما وافق مجلس الوزراء على إعطاء تعويض مؤقّت ومساعدة مالية لجميع العاملين في القطاع العامّ والمتقاعدين الذين يستفيدون من معاش تقاعديّ.
هل أقرّ مجلس الوزراء أيّ بنود مفخّخة في المشروع لجهة زيادات ضريبية، تبرّر له تمريره له في أدقّ وأخطر الظروف التي يواجهها لبنان؟ جواب سيكون رهن الصيغة التي أُقرّت، واستدعت هذه السرعة في النقاش. علماً أنّ مصادر وزارية برّرت الجلسة بأنّها لسحب فتيل التصعيد من أيدي العسكريين في ظلّ الظروف الراهنة.
ومع إقرار الموازنة، ودعوة ميقاتي الوزراء إلى جلسة غداً، رهان واضح لرئيس الحكومة على مشاركة الوزراء المقاطعين على خلفية الظروف الوطنية المستجدة التي تتطلّب التضامن الوطنيّ لمواجهة الأخطار المحدقة، على ما قالت المصادر عينها.