النهار

تباين خليجي في خفض أسعار الفائدة: لكل دولة بياناتها وحساباتها الاقتصادية
باولا عطية
المصدر: النهار
بعد إعلان الفيدرالي الأميركي عن خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس، لتصل إلى نطاق 4.75-5%، في أول خفض من نوعه منذ أكثر من 4 سنوات، اقتفت البنوك المركزية في كل من الإمارات والبحرين والسعودية أثره فخفضت الفائدة 50 نقطة أساس، فيما خفض المركزي القطري الفائدة 55 نقطة أساس، واكتفى المركزي الكويتي بخفض ضئيل، مقداره 25 نقطة أساس.
تباين خليجي في خفض أسعار الفائدة: لكل دولة بياناتها وحساباتها الاقتصادية
تباين خليجي في خفض أسعار الفائدة
A+   A-
بعد إعلان الفيدرالي الأميركي عن خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس، لتصل إلى نطاق 4.75-5%، في أول خفض من نوعه منذ أكثر من 4 سنوات، اقتفت البنوك المركزية في كل من الإمارات والبحرين والسعودية أثره فخفضت الفائدة 50 نقطة أساس، فيما خفض المركزي القطري الفائدة 55 نقطة أساس، واكتفى المركزي الكويتي بخفض ضئيل، مقداره 25 نقطة أساس.
 
يعود تباين مستويات خفض الفائدة بين البنوك المركزية الخليجية إلى عوامل عدة، تتعلق بخصوصية الاقتصاد في كل دولة والسياسات النقدية المتبعة. وعلى الرغم من الارتباط الوثيق لعملات معظم دول الخليج بالدولار الأميركي، وتأثير قرارات الاحتياطي الفيدرالي على اقتصادات المنطقة، فإن لكل دولة خليجية ظروفًا اقتصادية محلية تجعلها تتخذ قرارات نقدية مختلفة.
 
بيانات متباينة
 
لماذا لم تخفض جميع البنوك المركزية العربية الفائدة بنفس القيمة؟ لذلك أسباب عدّة، أبرزها الوضع الاقتصادي المحلي، فكل دولة خليجية تواجه ظروفًا اقتصادية محلية تختلف عن الأخرى، مثل معدلات التضخم، النمو الاقتصادي، ومستوى الطلب المحلي على الائتمان. فعلى سبيل المثال، قد تكون بعض الدول أكثر حساسية تجاه التضخم، أو قد تحتاج إلى تحفيز اقتصادي أكبر أو أقل.
 
ففي الإمارات، على سبيل المثال، سجل معدّل التضخم نسبة 2.08% خلال النصف الأول من العام الجاري. ووفقاً لتقرير صادر عن المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، ارتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة إلى 107.97 نقاط خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنةً بـ 105.77 نقاط بنهاية الفترة المماثلة من العام الماضي، وهذا يبرر حذو المركزي الإماراتي حذو الفيدرالي الأميركي.
 
أما في البحرين، وفقاً بوكالة "رويترز"، فقد ارتفع معدل التضخم في تموز (يوليو) 0.1% على أساس شهري، مقارنة بحزيران (يونيو) السابق. وكان تقريرًا حكوميًا قد صدر في آب (أغسطس)، أظهر أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبحرين نما 3.3% على أساس سنوي في الربع الأول من العام الجاري.
في السعودية، بلغ معدل التضخم السنوي 1.5% خلال تموز (يوليو) 2024، مقارنة بتموز (يوليو) 2023، فيما استقر معدل التضخم السنوي للشهر الثاني على التوالي، بعد أن سجل 1.5% في حزيران (يونيو) 2024، وهو أدنى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر) 2023.

حسابات ودولرة
 
من جهة أخرى تلعب السياسة النقدية المستقلة دوراً رئيسياً. فعلى الرغم من الارتباط بالدولار، لكل دولة سياسة نقدية مستقلة تتبعها بحسب احتياجاتها الاقتصادية.
 
فالكويت، على سبيل المثال، ترتبط عملتها بسلة من العملات بدلاً من الدولار فقط، ما يمنحها مرونة أكبر في تحديد سياستها النقدية. ولهذا السبب، قرر المركزي الكويتي تخفيض الفائدة بنسبة أقل (25 نقطة أساس) مقارنة بالدول الأخرى التي خفضت بنسب أعلى.
 
كذلك، تلعب معدلات التضخم المحلية دورًا في تحديد مدى الحاجة إلى تخفيض الفائدة. وربما تكون بعض الدول مثل قطر بحاجة إلى خفض أكبر (55 نقطة أساس) بسبب تحديات خاصة بالتضخم أو لجذب المزيد من الاستثمارات، علماً أن معدل التضخم في قطر ارتفع أكثر من التوقعات وبواقع 1.15% على أساس سنوي خلال آب (أغسطس) الماضي، فيما سجلت موجودات مصرف قطر المركزي أعلى مستوى لها على الإطلاق بنهاية آب (أغسطس) 2024 عند 304,8 مليارات ريال قطري (83 مليار دولار تقريباً).
 
استقلالية اقتصادية
 
لكل دولة خليجية سيادتها على سياساتها المالية والنقدية واستقلاليتها الاقتصادية. وعلى الرغم من التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي، فإن السياسات النقدية تبقى مستقلة، لأن كل دولة ترغب في الحفاظ على قدرتها في السيطرة على اقتصادها الداخلي، ما يسمح لها بمواجهة التحديات المحلية بشكل مرن.
 
وتختلف اقتصادات دول الخليج في حجمها، ومصادر دخلها، ومدى اعتمادها على النفط أو القطاعات الأخرى. وهذه الاختلافات تجعل من الصعب توحيد السياسة النقدية، لأن ما قد يناسب اقتصاد دولة مثل الإمارات قد لا يناسب اقتصاد دولة أخرى مثل الكويت أو البحرين.
 
في المحصلة، عدم توحيد قرارات خفض الفائدة بين البنوك المركزية الخليجية يعكس الخصوصيات الاقتصادية لكل دولة والسياسات النقدية المستقلة التي تهدف إلى تلبية احتياجاتها. وعلى الرغم من الارتباط بالدولار وتأثر المنطقة بقرارات الفيدرالي الأميركي، فإن الظروف الاقتصادية المحلية لكل دولة تلعب دورًا حاسمًا في تحديد قيمة خفض الفائدة.

اقرأ في النهار Premium