النهار

المحافظ الرقمية تغير طبيعة الشراء والدفع في العالم...أين العرب منها؟
باولا عطية
المصدر: النهار
شهد العالم في العقد الأخير تحولاً كبيرا نحو الاقتصاد الرقمي، وكانت المحافظ الرقمية أحد أبرز الابتكارات التي غيرت طريقة تعامل الأفراد والشركات مع الأموال. في العالم العربي، بدأت هذه التقنية تكتسب زخمًا متزايدا مع توسع البنية التحتية الرقمية وتحسن انتشار الإنترنت والهواتف الذكية. فما هي المحافظ الرقمية وكيف أحدثت ثورة في عالم خدمات الدفع؟
المحافظ الرقمية تغير طبيعة الشراء والدفع في العالم...أين العرب منها؟
المحافظ الرقمية
A+   A-
شهد العالم في العقد الأخير تحولاً كبيرا نحو الاقتصاد الرقمي، وكانت المحافظ الرقمية أحد أبرز الابتكارات التي غيرت طريقة تعامل الأفراد والشركات مع الأموال. في العالم العربي، بدأت هذه التقنية تكتسب زخمًا متزايدا مع توسع البنية التحتية الرقمية وتحسن انتشار الإنترنت والهواتف الذكية. فما هي المحافظ الرقمية وكيف أحدثت ثورة في عالم خدمات الدفع؟
 
ما هي المحافظ الرقمية؟
المحفظة الرقمية هي تطبيق إلكتروني يُستخدم لتخزين المعلومات المالية، مثل بطاقات الدفع والائتمان، وأحيانا العملات الرقمية، على الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية. تمكن هذه المحفظة المستخدمين من إجراء عمليات الشراء عبر الإنترنت أو الدفع في المتاجر التقليدية باستخدام تقنيات مثل الـ NFC (الاتصال القريب المدى) أو عبر رموز الاستجابة السريعة QR Codes كما يمكن استخدامها لتحويل الأموال بين الأفراد أو دفع الفواتير والاشتراكات.
 
تعمل المحافظ الرقمية على ربط معلومات الدفع الخاصة بالمستخدم ببيانات آمنة داخل التطبيق، سواء كانت بطاقة ائتمان أم حسابا مصرفيا أوم حتى رصيدا نقديا. ويتم تأمين هذه المعلومات باستخدام تقنيات تشفير متقدمة، مثل التشفير الثنائي الاتجاه والمصادقة الثنائية، لضمان حماية المعلومات الحساسة من القرصنة.
 
لإجراء الدفع، يقوم المستخدم بفتح تطبيق المحفظة على جهازه، ويختار وسيلة الدفع، ثم يقرب جهازه إلى جهاز الدفع الإلكتروني في المتجر، أو يضغط على زر الدفع عند التسوق عبر الإنترنت. تتم العملية بسرعة وسهولة، ما يجعلها مفضلة لدى الكثيرين بسبب سهولتها وأمانها.
 
للاقتصاد والشركات
 
في حديث الى "النهار" يشرح خبير التحول الرقمي الياس الأشقر أن المحافظ الرقمية تحفز الشمول المالي اذ تُمكن الأفراد من الوصول إلى الخدمات المالية، مثل دفع الفواتير والتحويلات المالية، من دون الحاجة إلى فتح حسابات مصرفية تقليدية، وبالتالي توفر فرصا كبيرة للشمول المالي في الدول العربية، بخاصة في المناطق الريفية والمحرومة من فروع المصارف.
 
ويشير الأشقر الى ان المحافظ الرقمية تعزز التجارة الإلكترونية، فمع تزايد الطلب على التسوق الإلكتروني في الدول العربية، تُعتبر المحافظ الرقمية حلاً عمليا للتسوق عبر الإنترنت. فهي تتيح إجراء المدفوعات بسرعة وأمان، ما يعزز نشاط الأسواق الإلكترونية ويساعد في نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة.
 
كما تساهم المحافظ الرقمية في تقليل التكاليف التشغيلية للشركات، اذ يمكن للأخيرة تقليص التكاليف المرتبطة بالتعاملات النقدية التقليدية، بما في ذلك تكاليف النقل والتأمين على الأموال. كما أنها تساهم في تقليل الوقت اللازم لإتمام المعاملات، ما يزيد من كفاءة العمليات المالية، وفق قول الأشقر.
 
دول عربية تتصدر المجال
يسعى العديد من الدول العربية إلى تبني المحافظ الرقمية وتطوير بنيتها التحتية الرقمية لتوفير حلول مالية مبتكرة. وأوضح صندوق النقد العربي في تقرير لرصد أبرز النماذج الناجحة في مجال التقنيات المالية الحديثة القابلة للتوسع والتطبيق، أن استخدام المحافظ الرقمية لشركات التقنيات المالية في مجال الدفع الإلكتروني في قطاع التجزئة ينتشر في عدد من الدول بما يعزز آليات الدفع الإلكتروني. ففي مصر نحو 15.3 مليون محفظة رقمية وفي السعودية مليون محفظة.
 
وأشار إلى أن إجمالي عدد المنافذ التي تقدم خدمات الدفع الإلكتروني في كل من البحرين والجزائر وسوريا العراق ولبنان وليبيا ومصر والمغرب، بلغ نحو 178 ألف منفذ.
 
وكشف التقرير عن تنامي نشاط شركات التقنيات المالية العاملة في مجال الدفع الإلكتروني في قطاع التجزئة في الدول العربية، اذ بلغ عدد هذه الشركات في 9 دول عربية نحو 82 شركة، ويتوزع الجانب الأكبر من شركات التقنيات المالية في كل من الأردن، والبحرين، وسوريا، والعراق، ولبنان، التي تستحوذ على 81% من شركات التقنيات المالية المُرخصة في هذه الدول في مجال الدفع الإلكتروني بالتجزئة.
 
وأوضح أن إجمالي عدد المعاملات السنوية التي تم تنفيذها عن طريق خدمات الدفع الإلكتروني لقطاع التجزئة في الدول العربية المتوافر عنها بيانات وصل إلى 141 مليون معاملة خلال العام 2019. وذكر أن قيمة التقنيات المالية في مجال الدفع الإلكتروني في قطاع التجزئة، في ضوء ارتفاع حجم سوق الدفع الإلكتروني على مستوى العالم، تصل إلى 3.6 تريليون دولار، بما يمثل أكبر مجال من مجالات التقنيات المالية.

مبادرات رائدة
 
من بين الدول الرائدة في هذا المجال الإمارات العربية المتحدة التي أطلقت مبادرات حكومية عديدة مثل محفظة الدرهم الإلكتروني التي تتيح للمواطنين والمقيمين إجراء المدفوعات الرقمية للخدمات الحكومية. كما أن هناك انتشاراً واسعًا لتطبيقات الدفع مثل Apple Payو Google Pay.
 
وقطعت المملكة العربية السعودية شوطاً كبيراً في استخدام المحافظ الرقمية من خلال مبادرة المدفوعات الرقمية ضمن رؤية 2030. وتشمل التطبيقات المحلية الرائدة STC Pay و Mada Pay اللتين تسهلان المدفوعات عبر الهواتف الذكية في مختلف القطاعات.
 
وفي مصر، يشهد استخدام المحافظ الرقمية نموا ملحوظا بفضل دعم الحكومة لتعزيز الشمول المالي. ومن بين التطبيقات المحلية الرائدة محفظتا "فودافون كاش" و"أورانج موني" اللتان تستخدمان بكثافة لتحويل الأموال ودفع الفواتير.

تحديات وحلول
 
رغم النمو السريع الذي تشهده المحافظ الرقمية في الدول العربية، فإن هناك مجموعة من التحديات التي تواجه هذا القطاع، يعدد أبرزها خبير التحول الرقمي الأشقر، ويقول إن "انخفاض الوعي هو التحدي الأول الذي يواجه هذه التقنيات، فالكثير من الأفراد في بعض الدول العربية لا يزالون غير مدركين للفوائد والاستخدامات الآمنة للمحافظ الرقمية، ما يحد من تبنيها".
 
ويتابع الاشقر: "مع انتشار الهجمات الإلكترونية، تواجه المحافظ الرقمية تهديدات كبيرة تتعلق بحماية بيانات المستخدمين والمعاملات المالية. وتتطلب هذه التحديات استثمارات كبيرة في البنية التحتية الأمنية".
 
كما يلفت الأشقر إلى أنه "في بعض الدول العربية، لا تزال اللوائح التنظيمية المتعلقة بالتعاملات الرقمية غير متكاملة أو محدّثة بشكل كافٍ لتشجيع الابتكار وحماية المستهلكين".
 
ومن الحلول التي يقترحها: "1) إطلاق حملات توعية واسعة لتعريف الأفراد بأهمية المحافظ الرقمية وكيفية استخدامها بشكل آمن. ويمكن أن تلعب الحكومات والقطاع الخاص دورا كبيرا في هذا الجانب. 2) تعزيز البنية التحتية الأمنية، اذ تحتاج الشركات والحكومات إلى الاستثمار بشكل كبير في تقنيات الحماية السيبرانية، مثل التشفير المتقدم والمصادقة المتعددة العوامل، لضمان أمان المعاملات وحماية بيانات المستخدمين. 3)تحديث القوانين والتشريعات، اذ من الضروري تطوير الأطر القانونية والتشريعية لضمان توفير بيئة تنظيمية مرنة تدعم الابتكار وتحمي حقوق المستخدمين. ويتعين على الحكومات التعاون مع القطاع الخاص لتطوير سياسات تشجع على تبني المحافظ الرقمية".
 
في المحصلة، تمثل المحافظ الرقمية في الدول العربية، خطوة مهمة نحو تعزيز الشمول المالي ودعم الاقتصاد الرقمي. ورغم التحديات المتعلقة بالأمن والتشريعات، فإن الحلول المقترحة، مثل زيادة الوعي والاستثمار في البنية التحتية الأمنية، ستساهم في تعزيز اعتماد هذه التقنية في المستقبل من خلال التعاون بين الحكومات والشركات، ويمكن للدول العربية أن تتصدر الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium