النهار

خطايا وليام نون الثلاث التي لا تُغتفر
المصدر: "النهار"
خطايا وليام نون الثلاث التي لا تُغتفر
وليام نون.
A+   A-
غسّان صليبي

لم يعتقل جهاز أمن الدولة وليام نون ويحيله على التحقيق لأنّه هدّد بتفجير قصر العدل، أي لأنّه خالف ما ينصّ عليه القانون، بل لأنّه اقترف ثلاث خطايا كبرى لا يمكن ان يُسامح عليها.

نحن لم نعد في بلاد يحكمها دستور وقوانين وقضاء، ليُعاقب فيها المواطنون على مخالفاتهم الدستور أو القوانين، بل نحن نعيش في زمن حكم الآلهة وأحزابها،
حيث يصحّ الكلام عن الخطايا وليس عن الجرائم، والخطايا جرائم من نوع آخر، تُرتكب في حقّ الآلهة ومن يمثّلها في هذه البلاد، وهي أخطر بكثير من الجرائم التي تنصّ عليها القوانين، إذ انّها تطال أسس النظام الإلهيّ القائم.

خطيئة وليام نون الأولى أنّه مواطن أعزل يهدّد باستخدام العنف، معيدًا النظر  في قاعدة أساسية بني عليها تاريخ لبنان الحديث، وهي أنّ المواطن الأعزل لا يُهدِّد بل يُهدَّد،
لا يحمل السلاح بل يقتله السلاح، لا يُفجّر المنازل والصروح، بل تُفجَّر على رأسه المنازل، وينحني برأسه أمام أصحاب الصروح.

خطيئة وليام نون الثانية، هي أنّه أخ لمواطن قُتل في تفجير المرفأ، يطالب بالعدالة لمواطن بريء يسمّونه شهيدًا، كمّا سمّوا من قبل قتلى حروب الميليشيات خلال الحرب، وقتلى حروب التحرير والإلغاء، وقتلى حروب "حزب الله" في الداخل والخارج. وكأنّ وليام نون يشكّك في قدسيّة الشهادة، في حتميّتها وضرورتها القسوى،
لقيام مجتمع الآلهة وأحزابها.

أمّا خطيئة وليام نون الثالثة، فهي أنّه تشبّه بوفيق صفا الذي سبق أن هدّد  بقبع القاضي بيطار. صحيح أنّه أطلق تهديده من خارج قصر العدل وليس من داخله كما فعل وفيق صفا، وصحيح أنّ تهديده كان عامًّا وليس محدّدًا كتهديد وفيق صف الذي طال شخصًا بعينه، وصحيح أنّ الكلام حول اقتراف جرم التفجير لم يصل إلى حدّ 
إثبات النية في تنفيذ التهديد، كما هي الحال بالنسبة إلى وفيق صفا الذي حرص على إيصال تهديده، والتأكّد من وصوله عبر مواطنة صحافيّة كلّفها القيام بذلك.

رغم هذه الفروقات بين تهديد نون وصفا، فإن ظروف التهديد ومكانه والصفة القضائية للجهة الموجّه اليها، جعلت وليام نون يتجرّأ على محاكاة ما قام به واحد من القلائل الذين يُسمح لهم القيام بذلك في نظام الآلهة وأحزابها، فكيف إذا طالت المحاكاة أحد قيادات الحزب الإلهي الأول.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium