القاضي السابق والمحامي فرانسوا ضاهر
1- ثابت أن لبنان بلد مهدوم،
2- وأن الأيادي السود ما زالت ممتدّة لاستكمال هدمه، من خلال السياسات المالية والنقدية التي اعتمدت من مصرف لبنان والمصارف بغطاء من المنظومة الحاكمة، منذ اندلاع ثورة 17 تشرين 2019.
3- كما وأنه جرى هدم كل مقوماته وقطاعاته الحيوية والمنتجة على مراحل متعاقبة.
4- وقد تدرّجت الأيدي الخارجية بتحفيز من الأيدي الداخلية على هدمه.
5- وتداخلت المشاريع والصراعات الإقليمية على أراضيه، حتى كان لها أبعد الأثر على كيانه ومرتكزاته وهويته وتركيبته الديمغرافية (اللجوء الفلسطيني 1948 ومرسوم التجنيس 1994 والنزوح السوري 2011).
6- وقد تمّ ابتداع قوانين انتخابية لتشويه وإمتصاص المناصفة الفعلية بين مسلميه ومسيحييه. وذلك بعد أن كان ارتضاها المسيحيون أنفسهم، لإنقاذ الميثاق الوطني اللبناني وصيغة العيش المشترك.
7- وأن التنازلات والتسويات فيه المتعدّدة والمتعاقبة عبر الزمن، ومنذ نشأته سنة 1920، لم ترسِ فيه لا إستقراراً ولا طمأنينة ولا اكتفاءً لأحد، حتى اليوم.
8- وأنه ليس ما يمكن التنازل عنه بعد اليوم.
9- وأنه ليس ما يمكن إجراء تسوية حوله بعد اليوم.
10- وأن معضلاته الجوهرية والأساسية ليس لها حل، لا قريباً ولا مرتقباً (لا سيما، دولة حزب الله ضمن الدولة الرسمية الضامنة لها).
11- وأن أحداً لا يريد لشعبه وقومه حرباً داخلية أو أهلية. وأن أحداً ليس بمقدوره أيضاً أن يتحمل مسؤوليتها ووزرها.
12- وأن إلغاء الطائفية السياسية من نظامه السياسي القائم لن ينتج إلاّ نظاماً طائفيّاً فئويّاً مقنّعاً في الباطن. بدليل ما هو حاصل في البلدان العربية المجاورة (لا سيما، سوريا والعراق).
14- وأن النظام العلماني المقترح له، كبديل عن النظام الحالي، هو مرفوض من مجمل مكوّنات المجتمع اللبناني والقوى الشعبية والروحيّة والسياسية، على حدّ سواء.
15- وأن اللبنانيين هم اليوم بصدد إعادة تكوين بلدهم ودولتهم بعدما أفرغت الخزينة العامة من مواردها وموجوداتها وجفّت إحتياطات مصرف لبنان بالعملة الصعبة وتبخّرت ودائع المودعين في المصارف وذابت أصولها وخسرت رساميلها وأموالها الخاصة.
16- وأن هؤلاء اللبنانيين قد تحوّلوا الى الاقتصاد النقدي، لأزمان قد تطول. لكونهم لم يعودوا بحاجة ملحّة وفورية الى القطاعين المصرفي والمالي.
17- وأن الاغتراب اللبناني لم يعد مدّخراً في بلده الأم، بل معيل لأهله فحسب.
18- وأن بلدان الغرب والعرب قد تخلّوا عن لبنان وعن السياحة في أرجائه، كما عن إتمام أية استثمارات فيه.
19- وأن العدالة فيه مثقوبة ومعيوبة ومنحازة ومتدنيّة، في مجملها. كونها أظهرت عجزها وعقمها أمام الملفات الكبرى وفي محاربة الفساد وفي كشف الاغتيالات السياسية والأمنية. وقد أفتت مؤخراً بإجماعها على تدمير حق الدائنية في لبنان فأثرت المدين سيئ النية على حساب الدائن، ما أدّى إلى الإسهام في إسقاط الاقتصاد الوطني عموماً وإيقاف التوظيفات المالية فيه.
20- حتى إن التسويات القسرية والتحالفات الذميّة والاتباعيّة (مار ميخائيل 2006 والدوحة 2008 والقمصان السود 2011 والتعطيل 2014 والتسوية 2016) لم تتمكّن كلّها من الإتيان بحلول ناجعة لأوضاع البلاد المتدهورة ومن ضبط مداخيل الدولة والحفاظ على موجوداتها ومدّخراتها وإحتياطاتها وحتى ثرواتها النفطية والغازية الطبيعية.
وهي أمور باتت تستلزم، من أجل إعادة بناء هذا الوطن، التوافق للتوّ، برعاية دولية، على نظامٍ سياسي جديد له، يكون ضامناً وحامياً، مانعاً للتصادم والتسلّط والهيمنة والإخضاع والإتباع. نظامٌ بنّاءٌ، يقوم على أرض صلبة، عنيت به "نظام اللامركزية الموسّعة" الذي كنت قد أكملت وضعه في شهر كانون الأول سنة 1976، وقد تمّ تبنيه من القوى السياسية آنذاك (الجبهة اللبنانية) في خلوة سيدة البير التي عقدت ما بين 21 و23 كانون الثاني سنة 1977.