النهار

شي جينبينغ يقود الصين في مسيرة جديدة
المصدر: "النهار"
شي جينبينغ يقود الصين في مسيرة جديدة
شي جينبينغ.
A+   A-
بعد 10 سنوات أمضاها على رأس الحزب الشيوعي الصيني، وقف شي جين بينغ، البالغ من العمر 69 عاما، مرة أخرى أمام الصحفيين بصفته الزعيم الأعلى للحزب، وتعهد بقيادة البلاد صوب إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية من خلال مسار صيني للتحديث.
 
وبعد انتهاء الجلسة الكاملة الأولى التي انتخبته أمينا عاما للجنة المركزية للحزب يوم الأحد الماضي، قال شي خلال قيادته زملاءه للقاء الصحافة: "سنضع في اعتبارنا طبيعة الحزب وهدفه ومهمتنا ومسؤوليتنا، وسنعمل بجد في أداء واجبنا، لنثبت جدارتنا بالثقة الكبيرة من جانب الحزب وشعبنا".
 
في عام 2012، بعد توليه أعلى منصب في الحزب، قال شي إنه وزملاءه سيقودون الحزب الشيوعي الصيني للكفاح من أجل إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية، والسعي نحو تحقيق حياة أفضل للشعب، ومعالجة المشكلات داخل الحزب.
 
وخلال العقد الماضي، شهدت الصين تحت قيادته تغيرات تاريخية، حيث تضاعف حجم اقتصادها وبلغ 114 تريليون يوان (16 تريليون دولار أمريكي)، وتم القضاء على الفقر المدقع، وإنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي لسكان البلاد البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.
 
وكان العقد الماضي عقدا مليئا بالتحديات الشديدة أيضا. فقد شكلت جائحة كوفيد-19 والحرب التجارية مع الولايات المتحدة والضغط الهبوطي على الاقتصاد، شكلت جميعها حواجز لتنمية الصين، واختبرت أيضا قدرة شي وقدرة الحزب تحت قيادته.
 
ومع تحقيق التحولات الهامة والولوج إلى "عصر جديد" للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، يُنظر إلى شي باعتباره قائد الدفة القادر على قيادة البلاد للتغلب على الصعوبات والسعي نحو التحديث الشامل.
 
وقال ستيفن بيري، رئيس مؤسسة "نادي مجموعة 48" البريطانية، إن كل ما رآه في الرئيس شي ينبئه أن دافع شي هو شعب الصين، وهو أمر مهم للغاية لتنمية الصين في مرحلتها الحالية.
 
وقال روبرت كون، الباحث الأمريكي الذي ألف كتاب "كيف يفكر قادة الصين"، إن شي لديه فهم موضوعي وشامل للوضع الحالي للصين، فضلا عن تفكير تفصيلي وعقلاني بشأن مستقبلها.
 
ابن هضبة اللوس
 
وُلد شي جين بينغ في يونيو عام 1953 في عائلة ثورية. وكان والده، شي تشونغ شيون، قائدا موقرا بالحزب الشيوعي الصيني. ووصف شي والده بأنه "شخص كرس نفسه بكل إخلاص للشعب الصيني"، وقال إن والده مصدر إلهام كبير بالنسبة له وتعهد باقتفاء خُطاه.
 
وبينما كان عمره 15 عاما وباعتباره واحدا من "الشباب المثقفين"، غادر شي بيجينغ متوجها إلى قرية تسمى ليانغجياخه في الجزء القاحل من المناطق الشمالية بمقاطعة شنشي شمال غربي الصين، حاملا معه حقيبة خياطة صغيرة مطرزة برموز صينية تعني "قلب الأم"، صنعتها له والدته تشي شين.
 
وقضى شي بعد ذلك سبع سنوات في الريف، حيث كان يعمل ويعيش جنبا إلى جنب مع المزارعين. وعند استذكاره السنوات التي قضاها في ليانغجياخه، وصف شي نفسه بأنه مزارع، حيث كان منفصلا عن عائلته، ونام في مساكن كهفية، وعانى من لدغ البراغيث، وعمل بجد مثل زملائه القرويين للعناية بالمحاصيل وتربية الماشية وحمل السماد ونقل الفحم.
 
وانضم شي إلى الحزب الشيوعي الصيني هناك، وأصبح فيما بعد رئيسا لفرع الحزب في القرية، ما مثل بداية حياته السياسية. وأشار شي إلى أن أمنيته الأكبر حينذاك كانت "تمكين القرويين من تناول اللحوم وتناولها دائما". فقادهم شي إلى حفر الآبار وبناء السدود والحقول المدرجة على التلال إضافة إلى إنشاء أول خزان لتوليد غاز الميثان في المقاطعة.
 
حملت هذه التجربة الكثير من المعاني بالنسبة لشي، وتحدث عنها مرارا حتى بعد أن تولى أرفع منصب في البلاد. وخلال زيارة رسمية إلى كوستاريكا في عام 2013، قام شي بزيارة منزل عائلة تعمل بالزراعة وتحدث مع أفرادها عن تجربته في الريف.
 
قال ألبرتو زامورا، وهو من العائلة المالكة لمزرعة القهوة التي زارها شي، قال: "من النادر للغاية أن يتحدث رئيس دولة بهذا الشغف والفخر عن كونه مزارعا. بعض الناس قد يقللون من أهمية هذا الأمر، لكنه لا يفعل ذلك، إنه يؤكد عليه".
 
وقال شي إنه اكتسب فهمه لما تعنيه كلمة "شعب" من خلال تجربته في ليانغجياخه التي عززت عزمه على "خدمة الشعب" -- وهو المبدأ الذي التزم به على مدى عقود.
 
وفي أواخر سبعينيات القرن الماضي، وبعد تخرجه من جامعة تسينغهوا، شغل شي منصب سكرتير وزير الدفاع. وبعد ثلاث سنوات، تطوع للعمل على المستوى القاعدي ونُقل في عام 1982 إلى تشنغدينغ، وهي محافظة فقيرة بمقاطعة خبي شمالي الصين. وذكرت زوجته، بنغ لي يوان، في وقت لاحق، أن العديد من زملاء شي في الدراسة سافروا إلى الخارج وكان بإمكانه فعل نفس الشيء. لكن شي بقي واختار طريقا أصعب بكثير، وهو أن يكون خادما للشعب.
 
وخلال السنوات الثلاث التي قضاها شي في محافظة تشنغدينغ، حيث شغل منصب نائب أمين لجنة الحزب ثم أمين لجنة الحزب بالمحافظة، ذهب شي بدراجته إلى جميع الكوميونات وفرق الإنتاج في المحافظة لفحص سير العمل. وفي بعض الأحيان، كان يصل أثناء قيام القرويين بحراثة الحقول، فكان ينضم إليهم ويقوم بالعمل الزراعي.
 
ثم قضى شي أكثر من 17 عاما في مقاطعة فوجيان بجنوب شرقي الصين، وما يقرب من خمس سنوات في مقاطعة تشجيانغ شرقي البلاد. وشغل عدة مناصب في المقاطعتين الساحليتين، بما في ذلك نائب عمدة مدينة، وأمين لجنة الحزب في ولاية، وحاكم مقاطعة، وأمين لجنة الحزب بمقاطعة. وفي عام 2007، عمل في شانغهاي كأمين للجنة الحزب في البلدية، قبل أن تتم ترقيته لينضم إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
 
وحافظ شي على علاقة وثيقة مع الناس أينما عمل، وحتى بعد ترقيته للعمل في قمة هرم الحزب. وجعل شي من تقاليده زيارة منازل مواطنين عاديين عشية كل عيد ربيع. وربما تساعد تجربته المبكرة من الجوع والكدح في المزارع في تفسير سبب قيام شي بفحص المطبخ والحمام والقبو في منازل الناس العاديين. كما اعتاد شي تبادل المراسلات مع الناس. ومن بين الذين تلقوا رسائل شي ، مزارعون ورجال أعمال وتلاميذ وأعضاء فرق فنية على المستوى القاعدي وجنود يحرسون الحدود.
 
وفي عام 2013، أطلق شي حملة "النهج الموجه لتخفيف الفقر" ووضع خططا لتنفيذها. وإجمالاً، تم إرسال أكثر من 255 ألف فريق عمل وأكثر من 3 ملايين كادر إلى الريف لمساعدة القرويين على التخلص من الفقر بشكل يناسب كل أسرة على حدة. وتم انتشال نحو 100 مليون شخص من الفقر المدقع في العقد الماضي.
 
وعمل تواجد شي مع الناس في السراء والضراء على تعزيز قناعته المتمثلة في: السعي من أجل إسعاد الناس وإحياء النهضة العظيمة للأمة. وفي العقد الماضي، أطلق شي خمس حملات تثقيفية لكل أعضاء الحزب لتذكير أعضاء الحزب الشيوعي الصيني بالغاية الأصلية والمهمة التأسيسية للحزب.
 
ولدى شي إحاطة شاملة بمحنة الأمة خلال الفترة التي أعقبت حروب الأفيون، والتي تسبب بها المستعمرون الغربيون في القرن الـ19. وفي عام 2018، زار أنقاض حصن مدفعي في جزيرة ليوقونغ. وقبل أكثر من قرن، شهدت تلك الجزيرة هزيمة ساحقة لأول قوات بحرية صينية حديثة في الحرب الصينية اليابانية الأولى. وتوقف شي أمام تلك الأنقاض متأملا، وقرأ في داخل المتحف الخاص بتلك الحرب قصيدة وطنية تدين الغزو الأجنبي في ذلك الوقت.
 
وبصفته أول أمين عام للحزب الشيوعي الصيني ولد بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، شارك شي الفخر بسلسلة من الإنجازات التي أظهرت "وقوف الشعب الصيني على قدميه" - الانتصار في حرب مقاومة العدوان الأمريكى ومساعدة كوريا، وإنشاء نظام صناعي كامل نسبيا، وتصنيع القنابل النووية والأقمار الصناعية، إلخ. وأثنى شي على تلك الإنجازات قائلا: "الاشتراكية فقط هي التي يمكن أن تنقذ الصين؛ والاشتراكية وحدها هي التي يمكنها تطوير الصين".
 
وبعد إطلاق الإصلاح والانفتاح، كان لدى شي شغف كبير بتلك القضية وكرس نفسه لها. ومن المناطق الداخلية الفقيرة نسبيا إلى الساحل الشرقي الثري للبلاد، أخذ شي بزمام المبادرة في تعزيز التجارة الخارجية والاستثمار بالإضافة إلى التنمية المشتركة للشركات العامة والخاصة. وبصفته القائد الأعلى للحزب، عقد شي اجتماعا رفيع المستوى للقطاع الخاص. وقال إن الشركات الخاصة ورجال الأعمال هم "شعبنا". كما قال إن القطاع الخاص في الصين يمكن فقط تقويته وليس إضعافه.
 
ويوصف شي من قبل رفاقه، على المستويين المحلي والمركزي، بأنه جيد في التخطيط على المدى الطويل.
 
وفي عام 2020، تجلى تخطيطه الاستراتيجي في رسم خريطة للخطة الخمسية الـ14 للبلاد والأهداف الطويلة الأجل لها حتى عام 2035. ولإعداد خطة جيدة، ترأس شي الاجتماعات للاستماع إلى آراء ووجهات نظر الخبراء ورجال الأعمال والعلماء والكوادر على المستوى القاعدي وغيرهم. وأصدر تعليماته بإجراء عملية جمع الاقتراحات عبر الإنترنت. وقدم مستخدمو الإنترنت الصينيون أكثر من مليون تعليق.
 
وفي العقد الماضي، نمت ثروة الشعب الصيني بشكل مطرد. وفي عام 2021، وصل نصيب الفرد الصيني من الدخل المتاح إلى 35128 يوانا، بزيادة 80 بالمائة تقريبا عن عام 2012. وتم تقليص نسبة فجوة الدخل بين المناطق الحضرية والريفية إلى 2.5: 1.
 
وبحسب قول شي، فإن كل ما فعله هو في الأساس من أجل تحسين حياة الناس. وقد كتب ذات مرة مذكرات قال فيها، "يجب أن نحب الشعب كما نحب والدينا، ونعمل من أجل رفاهيته وتمكينه من عيش حياة أفضل". وقال بعد توليه منصب الأمين العام إن "تطلع الشعب إلى حياة أفضل هو ما نسعى إليه".
 
وخلال لقاء الصحافة يوم الأحد الماضي بعد اختتام الجلسة الكاملة الأولى للجنة المركزية الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، قال شي إن الشعب "سيدعمنا دائما ويمنحنا الثقة"، وإن الحزب سيتخطى دوما الصعاب مع الشعب وسيبقى معه على قلب رجل واحد.
 
ويتمتع الحزب والحكومة بتقييمات جيدة. وأظهر استطلاع أجرته جامعة هارفارد أن معدل رضى المواطنين الصينيين عن الحكومة قد ارتفع بشكل شامل، حيث حصلت السلطات المركزية على أعلى مستوى من الرضى بنسبة 93 في المائة. كما وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إيدلمان في عام 2021 أن ثقة المواطنين الصينيين في حكومتهم وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 91 في المائة، وهي النسبة الأعلى على مستوى العالم.
 
 من أجل صين قوية
 
ورث شي مهمة تحقيق الحداثة الصينية التي كانت تحلم بها وناضلت من أجلها أجيال من الثوريين.
 
وفي عام 2020، توقف شي أمام أحد العناصر المعروضة في متحف في مقاطعة قوانغدونغ، والذي يظهر خطة كبيرة صممها صن يات سن لتحديث الصين قبل قرن من الزمان. قاد سون بنجاح ثورة عام 1911 ليطيح بآخر سلالة إمبراطورية في الصين وأسس جمهورية. لكنها لم تستمر. وفشلت الخطة الكبرى في التحقق. وأمام تلك الخطة قال شي: "فقط نحن الشيوعيون الصينيون يمكننا تحقيق ذلك".
 
ووفقا لشي، فإن جميع المساعي التي قاد الحزب الأمة في متابعتها على مدى القرن المنصرم، هي من أجل بناء الصين لتصبح دولة حديثة عظيمة وتحقيق الحلم الصيني بإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية.
 
وقبل عشر سنوات، عندما ترقى شي إلى المنصب الأرفع بالبلاد، كانت الصين بالفعل ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مُصنع. لكن الاقتصاد واجه ضغوطا هبوطية متزايدة وكانت الحاجة إلى تحويل الهيكل الاقتصادي ملحة. وكانت هناك حاجة أيضا إلى حل قضايا صعبة أخرى، مثل الفساد والتلوث والفجوة في الدخل بين الأغنياء والفقراء، وكلها كانت تشكل تحديات خطيرة للحزب.
 
وكانت كل الأنظار متجهة إلى شي. وتوقع الناس منه أن يحدث تغييرات حقيقية. ويجب أن تبدأ التغييرات من الحزب نفسه... وقال شي إن الأمر يتطلب حَدادا جيدا لصياغة الفولاذ، داعيا إلى الإصلاح الذاتي للحزب والحوكمة الذاتية "الشاملة والصارمة". وأطلق شي أكبر حملة لمكافحة الفساد في تاريخ الحزب. وقال شي: "يجب أن نفعل الأشياء التي يتعين القيام بها... إذا سمحنا لبضع مئات من المسؤولين الفاسدين بالتسلل من خلال الشقوق، فسوف نخذل 1.3 مليار صيني".
 
وفي العقد الماضي، كان بين المسؤولين الفاسدين الذين تم ضبطهم "النمور" مثل تشو يونغ كانغ، بوه شي لاي، قوه بوه شيونغ، شيوي تساي هو، سون تشنغ تساي، لينغ جي هوا، بالإضافة إلى العديد من كبار المسؤولين في إدارات الحكومة المركزية، والشركات المملوكة للدولة، والمقاطعات. وكان هناك أيضا العديد من الكوادر في مناصب على مستوى أدنى بكثير في التسلسل الهرمي للحوكمة.
 
وفي أوائل عام 2022، أعلن شي أنه تم تحقيق نصر ساحق في مكافحة الفساد، وأنه تم تعزيز هذا النصر في جميع القطاعات. لكنه حذر كوادر الحزب بأنهم يجب أن يكونوا رصينين وأن يدركوا أن حملة مكافحة الفساد لن تنتهي أبدا.
 
ويريد شي ضمان أن يحافظ أعضاء الحزب الشيوعي الصيني البالغ عددهم أكثر من 96 مليون عضو ومنظماته البالغ عددها 4.9 مليون منظمة على المستوى القاعدي، على نقائهم وقوتهم. ويعتبر شي القيادة الشاملة للحزب العامل الأهم في بناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة. وقال إن الحزب يجب "أن يظل السند القوي الذي يمكن للشعب الصيني الاعتماد عليه في كافة الأوقات".
 
وطلب مرارا وتكرارا من كوادر الحزب أن يتعلموا من انهيار الاتحاد السوفيتي وأكد مجددا على أهمية وجود إيمان راسخ بالشيوعية وتعزيز الانضباط الحزبي. وقاد شي صياغة لائحة من ثماني نقاط تغير قواعد اللعبة بشأن تحسين سير العمل. وأمر كبار المسؤولين بالإبلاغ بانتظام عن أمورهم الشخصية والعائلية مثل حالة الزواج والشؤون المالية الشخصية والانخراط في الأنشطة التجارية. وبين عامي 2015 و2021 ، نظم الحزب الأنشطة التجارية لأزواج وأبناء وأزواج أبناء 4700 مسؤول.
 
وقاد شي الجهود الرامية إلى إصدار ومراجعة سلسلة من لوائح الحزب، وتحسين آلية إجراء عمليات التفتيش، وإنشاء اللجنة الوطنية للرقابة التي تضع كل شخص في منصب عام تحت الرقابة.
 
وقال مراقبون إن شي لعب دورا رئيسيا في إعادة تشكيل الحزب الشيوعي الصيني. وقال ليو جينغ بي، الأستاذ في أكاديمية الصين للقيادات التنفيذية في بودونغ، إن شي عزز الوحدة في التفكير والتوجه السياسي وتصرفات كوادر الحزب. وغير منحى إضعاف قيادة الحزب وتهميشها في بعض الأماكن والإدارات.
 
ودعا شي الجماهير إلى احترام الأبطال والتعلم منهم. وصدر قانون وطني بشأن احترام الأبطال. وتم إنشاء نظام سليم لمنح الجوائز والأوسمة . كما طرح شي مجموعة من القيم الاشتراكية الأساسية وقال إن جوهرها هو الوطنية.
 
وعزز شي مفهوم "الديمقراطية الشعبية الكاملة العملية"، داعيا إلى بذل جهود حثيثة لتطوير الديمقراطية الاشتراكية. وقال إن الديمقراطية أداة للتعاطي مع القضايا التي تشغل الشعب، وإن الشعب إذا كان يقظا فقط وقت الانتخابات ودخل في سبات بعدها، فإن هذا النوع من الديمقراطية مجرد أمر شكلي.
 
وتعتبر الحوكمة على أساس القانون في كافة المجالات التي يطرحها شي بمثابة ثورة عميقة في الحوكمة. وحسب شي، لابد من تطبيق سيادة القانون على نحو شامل للدولة والحكومة والمجتمع بحلول عام 2035. ويعد شي أول رئيس صيني يؤدي قسم الولاء أمام الدستور. وقال شي إن الدستور يتمتع بأعلى مكانة وسلطة وقوة قانونية.
 
وفي العقد الماضي، اعتمدت الهيئة التشريعية الوطنية بالصين 70 قانونا وراجعت 238 قانونا. وكانت الكثير من التشريعات غير مسبوقة، بما فيها القانون المدني الذي تم اعتماده في عام 2020 وقانون الاستثمار الأجنبي الذي تم اعتماده في عام 2019 ويعد القانون الأساسي لإدارة الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد وتعزيز التحرير رفيع المستوى وتيسير الاستثمار الأجنبي.
 
وساعدت هذه الجهود على خلق ظروف مواتية للتنمية بشكل أكبر. وطرح شي فكرة "الوضع الطبيعي الجديد" للاقتصاد. وقال إن الإصلاح بالصين قد دخل منطقة مياه عميقة.
 
ويترأس شي شخصيا عددا من اللجان المركزية لتقوية قيادة الحزب للعمل الاقتصادي، علاوة على الإصلاح والانفتاح. وقاد شي الجهود لتقليل صلاحيات الحكومة وتخفيض الضرائب والرسوم للشركات.
 
ومنذ الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني في عام 2013، أكمل شي أكثر من 2000 خطة إصلاح تغطي تقريبا كل جوانب الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع، علاوة على الحياة اليومية للشعب.
 
وطرح شي فلسفة جديدة للتنمية تعزز الابتكار والتنمية المنسقة والخضراء والمفتوحة والشاملة للجميع. وقال بيتر كوينغ، وهو اقتصادي كبير سابق في البنك الدولي، إن فلسفة التنمية الجديدة قد تكون النواة لما تم تسميته شيكونوميكس. وقال إنها "نموذجية جدا وأرى أنها تصف بشكل جيد ما يحدث حاليا في الاقتصاد الصيني".
 
وذهب شي دائما إلى الشركات والمصانع والمحلات والأكشاك ليشعر بنبض النشاط الاقتصادي. وخلال زيارته لورشة عمل بشركة لتصنيع السيارات، دخل إلى سيارة صينية الصنع لتجربتها بشكل مباشر. وقال إنه إذا أرادت الصين الارتقاء من دولة كبيرة إلى دولة قوية في صناعة السيارات، فإنها بحاجة إلى تطوير سيارات الطاقة الجديدة، داعيا إلى جعل قطاع سيارات الطاقة الجديدة محركا جديدا للتنمية.
 
غير أن اهتمام شي لم يقتصر على الشركات الكبيرة فقط. بل أجرى نقاشات أيضا مع قرويين بشأن مشترياتهم من اللحوم والمشروبات، ودخل محلات بالمجتمعات السكنية وزار منصات للبث الحي وأكشاك الطعام على جوانب الطرق.
 
وتحت قيادته، رسخت الصين مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم. وفي العقد الماضي، تضاعف إجمالي الناتج المحلي بالصين مع زيادة حصته في الاقتصاد العالمي من نسبة 11.3 في المائة إلى 18.5 في المائة. وفي المتوسط، ساهم الاقتصاد الصيني بأكثر من 30 في المائة من نمو الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة. وكانت الصين أول اقتصاد رئيسي يسجل نموا بعد ظهور جائحة كوفيد-19 التي تسببت بتأثيرات سلبية كبيرة حول العالم.
 
وفي عام 2021 ، تجاوز حجم التجارة الخارجية للصين 6 تريليونات دولار أمريكي. ونمت تجارتها مع الولايات المتحدة بقرابة 30 في المائة وبلغت 755.6 مليار دولار أمريكي. وحسب استطلاع أجري عام 2022 من قبل مجلس الأعمال الصيني - الأمريكي، قال 66 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إن شركاتهم تخطط لزيادة الاستثمار في الصين هذا العام. وظلت الصين بين مقاصد الاستثمار الثلاثة الأولى في العالم لحوالي 60 في المائة من الشركات الأعضاء في المجلس.
 
ومع تأكيده على نمط للتنمية يتمحور حول الشعب، طبق شي سلسلة من السياسات التي تجلب فوائد ملموسة للشعب. وقد أسست الصين أكبر نظام للضمان الاجتماعي في العالم، مع تغطية 1.04 مليار نسمة بمظلة التأمين الأساسي للمسنين، وتغطية 95 في المائة من عدد السكان بمظلة التأمين الطبي الأساسي. ومثل الإنفاق المالي على التعليم أكثر من 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لـ10 سنوات متتالية. كما طرحت الصين سياسة إنجاب الطفل الثالث، وطبقت تدابير للطلاب لتقليل واجباتهم المنزلية وتخفيف أعبائهم المتعلقة بدروس ما بعد المدرسة.
 
وقد وضع شي الرخاء المشترك على جدول أعماله. وقال إنه يمثل المطلب الجوهري للاشتراكية. وتهدف حملة شي للرخاء المشترك إلى تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء ومعالجة التباين على مستوى الأقاليم والصناعات، وتحسين كل من الحياة المادية والروحية للشعب، ومن ثم تحقيق التنمية المتوازنة والمساواة الاجتماعية. وتم اختيار مقاطعة تشجيانغ، التي عمل فيها شي كأمين للجنة الحزب بالمقاطعة، كمنطقة تجريبية لتعزيز الرخاء المشترك. وخلال المؤتمر الوطني الـ20 للحزب، الذي اختتم مؤخرا، أدرجت في دستور الحزب مضامين بشأن "تحقيق هدف الرخاء المشترك للجميع تدريجيا".
 
في العقد الماضي، شهدت الصين تحسينات شاملة وتاريخية في مجال حماية البيئة ودفعها نحو الأفضل. وأعلن شي في اجتماع افتراضي للأمم المتحدة أن الصين ستسعى جاهدة للوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060. وأصدر تعليماته بفرض حظر على صيد الأسماك لمدة عشر سنوات في نهر اليانغتسي. ولكل نهر في الصين الآن أيضا "رئيس نهر" مسؤول عن حمايته البيئية. وتم إنقاذ أنواع كانت على وشك الانقراض مثل الباندا العملاقة والظباء التبتية والفهود الثلجية، وذلك بفضل جهود الحماية المحسنة.
 
ولبعض الوقت، كان تلوث الهواء شديدا في بيجينغ. قال شي ذات مرة إن أول شيء يفعله في الصباح هو التحقق من جودة الهواء في بيجينغ. وقاد شي البلاد في معركة غير مسبوقة ضد التلوث، ولا سيما تلوث الهواء والمياه والتربة. وآتت سنوات من الجهود الحثيثة ثمارها. إذ تحسنت جودة الهواء بشكل كبير في بيجينغ، كما هو الحال في أماكن أخرى في جميع أنحاء البلاد. وقال تقرير صادر عن معهد سياسة الطاقة بجامعة شيكاغو إن كثافة الجسيمات الضارة في الهواء في الصين انخفضت بنسبة 40 في المائة بين عامي 2013 و2020. وأضاف أنه إذا استمر هذا الوضع فسيضيف نحو عامين إلى متوسط العمر المتوقع للمواطنين الصينيين.
 
ووضع شي الابتكار العلمي التكنولوجي في صميم التنمية الوطنية الشاملة وأصدر الدعوة لبناء قوة علمية وتكنولوجية أكبر.
 
وترأس شي جلسات دراسة جماعية لقيادة الحزب ودعا الخبراء لإطلاعه وزملائه على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتكنولوجيا الكمومية وسلاسل الكتل. وزار مواقع إطلاق الأقمار الصناعية، ومختبرات الرقائق، وورش عمل القطارات فائقة السرعة للتعرف على أحدث التطورات العلمية والتقنية. وقال شي "لا يمكنك أن تطلب أو تشتري أو تتوسل للحصول على التقنيات الأساسية في المجالات الرئيسية من بلدان أخرى. يجب أن تبقى في أيدينا بحزم".
 
وفي مؤشر الابتكار العالمي، الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ارتفع تصنيف الصين من المركز الـ34 في عام 2012 إلى المركز الـ11 في عام 2022. وخلال الفترة من عام 2012 إلى عام 2021، زاد إنفاق الصين على البحث والتطوير من تريليون يوان إلى 2.8 تريليون يوان، لتحتل بذلك المرتبة الثانية على مستوى العالم.
 
ولدى شي علاقات وثيقة مع الجيش ويعرف عملياته جيدا. لقد أطلق الإصلاح العسكري المُزلزل، في محاولة لبناء جيش التحرير الشعبي الصيني ليصبح قوات مسلحة من الطراز العالمي.
 
وشدد شي على مبدأ "الحزب يقود الجيش". وعوقب عدد من كبار الضباط العسكريين لانتهاكهم الانضباط الحزبي والقانون. وحسّن شي نظام تولي رئيس اللجنة العسكرية المركزية المسؤولية الشاملة. وقد تم إنشاء هيكل عسكري جديد، تمارس بموجبه اللجنة العسكرية المركزية القيادة الشاملة، وتتولى قيادات المسارح العملياتية مسؤولية العمليات العسكرية، وتركز فروع القوات المسلحة على تطوير القدرات.
 
وتم توجيه جيش التحرير الشعبي للتركيز على تعزيز قدراته القتالية. كما حسن الجيش أنظمة القيادة والقدرة على العمليات المشتركة، وعمل على معالجة "العلل في وقت السلم".
 
وبصفته القائد الأعلى، استعرض شي القوات المسلحة خمس مرات في عروض عسكرية كبرى، اثنان منها تم تنظيمهما في البحر. وعلى مدى العقد الماضي، كشفت الصين النقاب عن حاملتي طائرات محليتين. وتم تشغيل الطائرة المقاتلة الشبح من الجيل الخامس J-20. كما أخذت الصين زمام المبادرة في أبحاث الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. إن الجيش الصيني اليوم لديه التصميم والقدرة على حماية سيادة الصين ووحدتها وسلامتها الإقليمية، وتقديم دعم استراتيجي لإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية، وتقديم مساهمات أكبر لسلام العالم وتنميته.
 
ووصفت وسائل إعلام شي بأنه الزعيم الذي يجعل الصين قوية، مشيرة إلى أنه حل عددا كبيرا من المشاكل التي ظلت مستعصية لفترة طويلة وحقق العديد من الإنجازات المهمة للغاية مستقبليا. وأوضحت أن مساهمات شي رائدة وفريدة من نوعها وذات تأثير عالمي.
 
وفي أكتوبر عام 2017، تم رسميا خلال المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني إرساء فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد، كمبدأ توجيهي. وتم إدراج هذا الفكر في دستور الحزب الشيوعي الصيني ودستور الصين.
 
وقال ديفيد فيرغسون، الذي حرر الترجمة الإنجليزية لأربعة مجلدات من "شي جين بينغ: حول الحكم والإدارة"، إن التخفيف من حدة الفقر، والحزام والطريق، والتنظيف البيئي كلها تتناسب مع فكر شي جين بينغ، وهي مناسبة على المستوى الشعبي حيث تتحول الخطط لعمل ملموس، وتقود التغييرات التاريخية على مدى العقد الماضي.
 
وفي عام 2016، تم إقرار مكانة شي الجوهرية كنواة للجنة المركزية للحزب وللحزب بأكمله في الجلسة الكاملة السادسة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني.
 
وحول ذلك قال شي "بالنسبة لي، هذا يعني تكليفا"، متعهدا بتكريس كل وقته وطاقته لهذا العمل حتى يتمكن من الارتقاء إلى مستوى ثقة الحزب والشعب به.
 
وفي عام 2021، صدر القرار التاريخي الثالث للحزب القائل بأن المكانة الجوهرية لشي والدور التوجيهي لفكر شي لهما أهمية حاسمة لدفع العملية التاريخية لإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية إلى الأمام.
 
وينص قرار تم اعتماده خلال المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني على أن إرساء مكانة شي بوصفه نواة للجنة المركزية للحزب وللحزب بأكمله وكذلك الدور التوجيهي لفكر شي، قد مكنا الحزب بنجاح من حل المشاكل والتحديات الخطيرة التي تقوض حوكمته على المدى الطويل، وأمن واستقرار البلاد، ورفاه الشعب، كما مكناه من إزالة مخاطر خفية جسيمة في الحزب والدولة والجيش، ووضْع مسيرة إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية في نهاية المطاف على طريق تاريخي لا رجعة فيه.
 
وقال المنظرون إن شي قدم إجابات على أسئلة الصين والعالم والشعب والعصر. كما وضع مخططا للتنمية المستقبلية للصين، ويعتبر فكره إنجازا جديدا في تكييف الماركسية مع السياق الصيني واحتياجات العصر.
 
قال فولكر تشابكي، الرئيس الفخري للجمعية البروسية في ألمانيا، إن فكر شي جين بينغ رائع، إذ يقود شي الصين نحو الحداثة، ما يختلف تماما عن النموذج الغربي، مضيفًا أن الناس قد يدركون يوما ما أن طريق الصين سيأخذ البشرية إلى مستقبل أفضل.
 
 رجل قوي ذو قلب رقيق
 
يتمتع شي بسجل حافل في إدارة الأزمات. وبفضل سنوات من التعامل مع المواقف الصعبة، يتمتع شي بالخبرة والشجاعة والمثابرة اللازمة للتعامل مع الاختبارات والتحديات التي تواجه الصين اليوم.
 
أثناء عمله في المناطق الساحلية في فوجيان وتشجيانغ وشانغهاي، قاد شي جهود الاستجابة المحلية للعديد من الأعاصير العاتية، حيث أمضى ليالي طويلة في توجيه عمليات الإخلاء، لتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات.
 
وعندما شغل منصب نائب الرئيس الصيني، أشرف شي على الاستعدادات لدورتي الألعاب الأولمبية والبارالمبية في بيجينغ عام 2008، اللتين أقيمتا في عام حافل بضغوط كبيرة مثل زلزال ونتشوان المدمر وأعمال الشغب في لاسا. ومع ذلك، فقد تم تذكر أولمبياد بيجينغ 2008 كواحدة من أفضل الألعاب في التاريخ. وبعد حوالي 14 عاما، تحت قيادة شي، قدمت الصين للعالم دورة ألعاب أولمبية شتوية تتسم بالسلاسة والآمان والروعة على الرغم من جائحة كوفيد-19 وما يسمى بـ "المقاطعة الدبلوماسية" من قبل بعض الدول الغربية.
 
وقال شي إن الصين في العصر الجديد تواجه تحديات وشكوكا أكثر خطورة، مضيفا "يجب أن نكون مستعدين لخوض صراع كبير مع العديد من الميزات التاريخية الجديدة". وأثناء إشرافه على صياغة التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، وطالب شي بإدراج هذا البيان.
 
وقال شي للمسؤولين "إن تحقيق إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية مهمة شاقة، الأمر الذي سيستدعي أكثر من مجرد قرع الصنوج والطبول لبلوغه. ويتطلب تحقيق هذا الحلم العظيم كفاحا كبيرا. وستصبح الاختبارات التي نواجهها في الطريق إلى الأمام أكثر تعقيدا مع استمرارنا، ويتوجب علينا أن نكون مستعدين لمواجهة تحديات لا يمكن تصورها".
 
في عام 2015، عندما انزلقت اليمن في حالة من الفوضى، وجه شي القوات البحرية لجيش التحرير الشعبي لإجلاء مئات المواطنين الصينيين الذين تقطعت بهم السبل. ألهم هذا الحدث فيلم (عملية البحر الأحمر)، الذي حقق نجاحا كبيرا في شباك التذاكر وأشعل الحماسة الوطنية. وفي عام 2015 أيضا، قاد شي سلسلة من جهود الإنقاذ لمعالجة تقلبات سوق الأسهم الصينية، تجنبا للمخاطر النظامية.
 
واستجابة للأوضاع الخطيرة في هونغ كونغ، طرح شي مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك إنفاذ قانون الأمن القومي لمنطقة هونغ كونغ وتحسينات النظام الانتخابي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، لضمان أن الحكومة المركزية تمارس ولايتها القضائية الشاملة على هونغ كونغ وأن المنطقة يديرها وطنيون. وتمت استعادة النظام في هونغ كونغ. وقال شي إنه لا يوجد سبب لتغيير سياسة جيدة مثل "دولة واحدة ونظامان"، وشدد على الالتزام بها على المدى الطويل.
 
التقى شي مع ما يينغ جيو في سنغافورة في عام 2015 ، وهو الاجتماع الأول بين قادة جانبي مضيق تايوان منذ عام 1949. وتدهورت العلاقات عبر المضيق بعد وصول الحزب الديمقراطي التقدمي إلى السلطة في تايوان في عام 2016. وبحث شي حل "نظامين" لمسألة تايوان وأثرى الجهود العملية نحو إعادة التوحيد السلمي، قائلا "سنواصل الكفاح من أجل إعادة التوحيد السلمي بأكبر قدر من الإخلاص وبأقصى جهد، لكننا لن نعد أبدا بالتخلي عن استخدام القوة، ونحتفظ بخيار اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة".
 
وفي أغسطس 2022، وفي تجاهل لتحذير الصين الصارم، مضت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي في زيارتها إلى تايوان، مما تسبب في تصاعد التوترات عبر مضيق تايوان. وأجرى جيش التحرير الشعبي الصيني تدريبات قتالية مشتركة على نطاق غير مسبوق حول جزيرة تايوان، مما ردع بشكل فعال القوات الانفصالية "لاستقلال تايوان" والتدخل الأجنبي. وأصبح مبدأ "صين واحدة" إجماعا دوليا أكثر انتشارا.
 
غالبًا ما يظل شي يعمل حتى وقت متأخر. ومع ذلك فقد كشف علانية عن مناسبة واحدة فقط قضى فيها ليلة بلا نوم.
 
عشية رأس السنة القمرية الجديدة لعام 2020، مع احتفالات في أوضاع متوترة على خلفية تفشي فيروس كوفيد -19، عاش شي ليلة بلا نوم. وفي اليوم التالي، عقد اجتماعا لقيادة الحزب لمناقشة استجابة البلاد. وقبل الاجتماع، اتخذ شي قرارا حاسما بتشديد القيود على حركة الأشخاص وقنوات الخروج في مدينة ووهان حاضرة مقاطعة هوبي بوسط الصين.
 
وفي 10 مارس 2020، زار شي ووهان لتفقد أعمال الوقاية من وباء كوفيد-19 والسيطرة عليه في الخطوط الأمامية. وفي مستشفى تم إنشاؤه خصيصا لعلاج المرضى المصابين بكوفيد-19، تحدث إلى أحد المرضى عبر دائرة الفيديو، مشجعا إياه.
 
وشبه شي استجابة الصين لكوفيد-19 بالحرب. وتحت قيادته، سبقت الصين دول العالم في السيطرة على كوفيد-19 واستئناف العمل والإنتاج. وبعد السيطرة على التفشي الشديد في ووهان وهوبي، قاد شي الصين في تنفيذ سياسة "صفر- كوفيد" الديناميكية، والحفاظ على معدلات الإصابة والوفيات بسبب كوفيد-19 في البلاد عند مستوى منخفض للغاية.
 
وقال شي إنه بالنظر إلى عدد سكانها الضخم، إذا تبنت الصين سياسات الوقاية والسيطرة من قبيل مناعة القطيع أو نهج عدم التدخل، فإن العواقب ستكون كارثية.
 
وأوضح شي "نفضل أن نعاني خسائر مؤقتة في التنمية الاقتصادية بدلاً من إلحاق الضرر بحياة الناس وصحتهم، وخاصة كبار السن والأطفال. وبالنظر إلى الآثار في جميع الجوانب، فإن تدابيرنا للاستجابة لكوفيد-19 هي الأكثر اقتصادا وفعالية".
 
وكان التعامل مع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة من أولويات شي في العقد الماضي. وعندما بدأت الولايات المتحدة حربًا تجارية ضد الصين، اتبع شي استراتيجية مفادها أن الصين لا تريد حربًا تجارية ولكنها لا تخاف منها وستخوضها إذا لزم الأمر.
 
وفي اجتماعاته مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، قال شي إن الصين والولايات المتحدة لا ينبغي أن تقعا في ما يسمى بفخ الصراع والمواجهة، وإن التعاون هو الخيار الأفضل. وقال شي إنه يتعين على البلدين احترام بعضهما البعض، والتعايش بسلام، والسعي وراء تعاون مربح للجانبين. كما حث الجانب الأمريكي على احترام المصالح الأساسية للصين والتصرف بحكمة.
 
وقال شي إنه في مواجهة القمع الخارجي، يجب أن تظل الصين ملتزمة بإدارة شؤونها الخاصة بشكل جيد. وتحت قيادته، عززت الصين بشكل مطرد الإصلاح والانفتاح، واتخذت إجراءات مضادة متبادلة، وعززت التعددية والعولمة الاقتصادية على المسرح الدولي.
 
وخلال زيارة إلى إيطاليا عام 2019، حيث سئل عن شعوره حيال توليه منصب الرئيس الصيني، قال شي لروبرتو فيكو، رئيس مجلس النواب الإيطالي آنذاك، إن حكم مثل هذا البلد الضخم يتطلب إحساسا قويا بالمسؤولية وعملا جادا.
 
وتابع شي " أنا مستعد لنكران الذات، وأن أكرّس نفسي لتنمية الصين"، مؤكدا بالقول: " لن أخذل الشعب".
 
وبصفته رجلا قويا في مواجهة التحديات والأزمات، يتمتع شي بجانب لطيف أيضا. فكتب رسائل رداً على الشعب الأمريكي، من بينهم طلاب شباب. وأعرب عن أمله في أن يصبح الطلاب سفراء شبابا للصداقة بين الشعبين الصيني والأمريكي.
 
يُذكر أن شي لديه موقف منفتح تجاه الآراء المختلفة وحتى الانتقادات. وخلال فترة توليه منصب أمين لجنة الحزب بمحافظة، تلقى رسالة من شاب انتقد فيها عمل المحافظة حول زيادة إنتاج السلع التجارية. ودون أن يشعر بالإساءة من النقد، اعترف شي بموهبة الشاب وقرّر إرسال أشخاص لمقابلته حتى يوفر وظيفة له. وبصفته أعلى مسؤول بالحزب، شدد شي أيضا على أن الانتقادات والاعتراضات مسموح بها في المناقشات داخل الحزب وعملية صنع القرار.
 
ويحب شي إقامة صداقات مع المثقفين والكتاب والفنانين. وعندما كان مسؤولاً في مقاطعة خبي، استمتع بالعديد من المناقشات الملهمة مع الكاتب جيا دا شان. وفي بعض الأحيان، كان الاثنان يلتقيان في مكتب شي ويتجاذبان أطراف الحديث حتى وقت متأخر من الليل، ليوفاجآ بعد ذلك أن البوابة الرئيسية للمجمع قد أغلقت. ووصف شي المثقفين بأنهم "أصول ثمينة للبلاد"، وتبادل الرسائل مع الأساتذة والفنانين، وتفاعل مع المثقفين خلال زيارات للجامعات.
 
وكمشجع متحمس للرياضة، يستمتع شي بكرة القدم وهوكي الجليد والملاكمة والسباحة، وغالبا ما يخصص وقتًا من جدول أعماله المزدحم للسباحة. ويستفيد من الرياضة ليتعلم كيفية التعامل مع التحديات. وقال شي إن "ما يجعل المسابقات الرياضية رائعة، وخاصة مباريات كرة القدم، هو عدم القدرة على التنبؤ بها". ومثلما يركز الرياضيون على التعاون خلال مباريات كرة القدم الكبيرة، ينبغي لنا أن ينصب تركيزنا على التعاون أكثر من المهارات الفردية، حسبما تحدث شي ذات مرة إلى الكوادر الذين كانوا يكملون العمل الاقتصادي.
 
النضال من أجل عالم أفضل
 
عندما كان شابا، افتتن شي جدا بالتنوع الثري للعالم. وفي ريف مقاطعة شنشي، قرأ شي بنهم كتب الأدب الكلاسيكي العالمي، مثل مسرحيات فاوست وويليام شكسبير. وقرأ كتاب "رأس المال" ثلاث مرات، في حين ملأ 18 دفترا بتأملاته حول هذا الكتاب. وذكر لاحقاً أن "الماركسية، رغم أنها واسعة النطاق وعميقة، يمكن تلخيصها في جملة واحدة: "السعي إلى تحرير البشرية".
 
وساهمت جميع الأفكار المبكرة حول العالم والبشرية في بلورة "مجتمع المصير المشترك للبشرية"، الرؤية التي طرحها شي في عام 2013.
 
وأوضح شي "إن البشرية، من خلال العيش في نفس القرية العالمية وفي نفس الحقبة التي يلتقي فيها التاريخ والواقع، تظهر بشكل متزايد كمجتمع مصير مشترك، حيث أن كل فرد في نفسه القليل من الآخرين".
 
ويقدر شي تنوع الحضارة، قائلا "لن تكون هناك حضارة إنسانية بدون تنوع".
 
وأردف أن الحزب الشيوعي الصيني يضع في اعتباره مستقبل البشرية، ويتعين عليه الإسهام في التقدم البشري والتناغم العالمي.
 
وفي عام 1979، زار شي دول شمالي أوروبا كجزء من الوفد المرافق لنائب لرئيس مجلس الدولة. وفي النرويج، كان معجبا جدا بنظام الرعاية الاجتماعية.
 
وفي عام 1985، سافر شي، الذي كان مسؤولا على مستوى المحافظة آنذاك، إلى الولايات المتحدة كجزء من وفد صيني في رحلة بحث زراعي. وأقام في منزل عائلي في ريف أيوا، حيث نام في غرفة نوم ابن عائلته المضيفة، الذي كان في الجامعة في ذلك الحين. وكانت الغرفة مزينة بأشياء مستحدثة مثل نماذج شخصيات سلسلة الخيال العلمي "ستار تريك".
 
وفي إشارة إلى هذه الرحلة للولايات المتحدة بعد قرابة ثلاثة عقود، قال شي إن الشعبين الصيني والأمريكي لديهما العديد من الأشياء المشتركة، ويمكنهما أن يصبحا صديقين وشريكين حميمين ينعمان بالتعاون متبادل المنفعة.
 
وقد زار شي الولايات المتحدة ثماني مرات، وكان أول زعيم صيني يشاهد مباراة في الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين "إن بي أيه" في ملعب بالولايات المتحدة. وأثناء زيارته لكوبا، قام بزيارة خاصة لحاجز الأمواج في كوجيمار، حيث كتب همنغواي "الرجل العجوز والبحر"، فيما عرّج على الحانة التي كان همنغواي يتردد عليها ليطلب موخيتو. وقال إنه كان يريد أن يشعر بنفسه بما دار في ذهن الكاتب الأمريكي وكيف كان المكان عندما كتب تلك القصص.
 
وعقد شي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين حوالي 40 اجتماعا منذ عام 2013، لرسم مسار العلاقات الثنائية. وأقامت الصين وروسيا شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة لعصر جديد. وزادت التجارة الثنائية من 88.1 مليار دولار أمريكي في عام 2012 إلى 146.8 مليار دولار أمريكي في عام 2021. وتعاون البلدان في مشروعات طاقة كبرى مثل المسار الشرقي لخط أنابيب الغاز الطبيعي بين الصين وروسيا. كما أطلق الجانبان تعاونا في مجالات متطورة مثل محطة أبحاث القمر الدولية.
 
يدعو شي إلى بناء نمط جديد للعلاقات بين الدول الكبرى. وأنشأت الصين شبكة شراكات عالمية، بتجاوز عقلية المواجهة والتحالف التي عفا عليها الزمن. وفي هذا الصدد أشار شي إلى أنه "لا يمكن للمرء أن يعيش في القرن الـ21 بعقلية الحرب الباردة وعقلية اللعبة الصفرية اللتين عفا عليهما الزمن".
 
وتتمتع الصين بجيران أكثر من أي دولة أخرى في العالم، وزار شي جميع الدول المجاورة للصين تقريبا. وشدد على مبادئ الصداقة والإخلاص والمنفعة المتبادلة والشمولية في إقامة الصداقات مع جيران الصين، داعيا إلى تعميق تعاون الكسب المشترك من أجل ضمان أن تنمية الصين ستجلب منافع أكبر لجيرانها.
 
ويحرص شي على صداقة الصين مع الدول النامية الأخرى. فخلال اجتماعاته مع قادة أفارقة، أعلن عن سلسلة من المبادرات للتعاون العملي. ودعا شي دول البريكس والاقتصادات الناشئة الأخرى إلى اتباع الانفتاح والابتكار، حيث تم إنشاء مركز الابتكار لشراكة البريكس في الثورة الصناعية الجديدة في شيامن.
 
وإن رؤية بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، التي تدعو إلى بناء عالم منفتح وشامل ونظيف وجميل يتمتع بسلام دائم وأمن عالمي ورفاهية مشتركة، مكرّسة بالفعل في دستور الحزب ودستور البلاد، وأدرجت في وثائق هامة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية أو الآليات المتعددة الأطراف.
 
وقال بيتر طومسون، رئيس الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن رؤية شي لبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية هي "المستقبل الوحيد للبشرية على هذا الكوكب".
 
ويفضل شي استخدام المقارنات لتوضيح العلاقة بين الصين والعالم. وقال شي إن الصين "أسد مسالم وودود ومتحضر" و "كيان ضخم" لكنها ليست "مفستوفيليس"، وذكر "نرحب بجميع الدول لركوب القطار السريع لتنمية الصين".
 
وأكد شي أن الصين دائما بانية للسلام العالمي، قائلا "لا يمكن أن يكون هناك أمل في السلام، إلا عندما نعتز جميعا بالسلام ونحافظ عليه ولا ننسى أبدا دروس الحرب المؤلمة". كما تمثل الصين، باعتبارها مشاركة نشطة ومساهمة هامة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، أكبر دولة مساهمة بقوات بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
 
بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، تحدث شي مع قادة الدول المعنية عبر الهاتف في أبكر وقت لتعزيز السلام. كما دفع بنشاط تسوية القضايا الإقليمية الساخنة مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والوضع في شبه الجزيرة الكورية.
 
ومنذ تفشي جائحة كوفيد-19، ظل شي منهمكا في "الدبلوماسية السحابية" المكثفة. وفي عام 2021، أجرى أكثر من 100 نشاط دبلوماسي عبر الهاتف أو الرسائل أو دائرة الفيديو. وحضر اجتماعات افتراضية لمكافحة الجائحة، بما في ذلك قمة قادة مجموعة الـ20 الاستثنائية والدورة الـ73 لجمعية الصحة العالمية. وبتعليمات من شي، أرسلت الصين إمدادات مكافحة الفيروس إلى أكثر من 150 دولة، ووصلت لقاحات محلية الصنع - تعهد شي بجعلها منفعة عامة عالمية- إلى أماكن كثيرة حول العالم.
 
وثمة منفعة عامة عالمية أكبر، ألا وهي مبادرة "الحزام والطريق" التي اقترحها شي. ووقعت ثلاثة أرباع دول العالم تقريبا على وثائق تعاون مع الصين للبناء المشترك لـ"الحزام والطريق". وأضحت المبادرة منصة تعاون دولية تحظى بترحيب واسع في العالم الآن.
 
ويعتبر شي شخصية هامة في دفع بعض المبادرات والإجراءات للتعامل مع القضايا العالمية، بما فيها تغير المناخ. وقال الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون: "لولا مبادرة الرئيس شي جين بينغ، لما وصلنا إلى اتفاقية باريس، ولا حتى الآن".
 
وقال شي إن الصين لديها القدرة والمسؤولية للاضطلاع بدور أكبر في الشؤون العالمية.
 
وداعيا إلى القيم الإنسانية المشتركة للسلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، طرح شي مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، اللتين تدعوان إلى المزيد من التعاون في مجالات مثل الحد من الفقر وتغير المناخ والأمن الغذائي والتنمية الخضراء، ولقيتا ردود فعل إيجابية من أكثر من 100 دولة.
 
وقال عالم الاجتماع البريطاني مارتن ألبرو إن الصين لديها فرصة رائعة لتولي دور قيادي فيما يتعلق بخلق مستقبل مشترك، منوها "هذه ليست القيادة بالمعنى العسكري، وإنما القيادة بالمعنى الأخلاقي والقيمي".
 
وقال عارف علوي، رئيس باكستان، إنه يتفق مع الرسائل التي يبعث بها شي، والتي مفادها أن العالم بحاجة إلى تعاون أفضل، وتفاهم أعمق، وسلام أوسع.
 
نموذج جديد للحضارة
 
قال شي "إن فهمنا للزمن يقاس بمئات أو آلاف السنين".
 
إنه يستمد القوة من التاريخ والثقافة التقليدية الصينية الرائعة ليحكم الصين ويقود البلاد نحو التحديث.
 
استشهد شي ذات مرة بمقولة الكاتب الألماني غوتهولد افرايم ليسينغ " إن التاريخ لا ينبغي أن يرهق الذاكرة، بل يلهم التفكير السليم".
 
وبصفته قارئا متعطشا للكتب التاريخية من صغره، طلب شي من المسؤولين تضمين "منظور تاريخي" عندما يفكرون ويتخذون قرارات.
 
وأشاد شي بالثقافة الصينية التقليدية الجيدة ووصفها بأنها "جذور وروح" الأمة الصينية.
 
وقبل افتتاح المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، عند كتابة مقدمة لـ "مكتبة النهوض"، وهي سلسلة من الكتب حول إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية، أبرز شي مرة أخرى أهمية توثيق السجلات التاريخية.
 
وأكد شي على الثقة في أربعة مجالات: في طريق ونظرية ونظام وثقافة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، قائلا إنه من بين المجالات الأربعة، تعتبر الثقة في ثقافة المرء هي الشكل الأوسع والأعمق والأكثر جوهرية للثقة بالنفس.
 
وقد زار شي عددا كبيرا من المواقع الثقافية في العقد الماضي. وذكر أنه من دون 5000 عام من الحضارة الصينية، فلن تتشكل الخصائص الصينية؛ ومن دون الخصائص الصينية، فلن يتحقق مثل هذا النجاح لطريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
 
ودعم شي التبادلات والتعاملات بين الحضارات لكشف زيف "صراع الحضارات"، وأكد على المضي قدما بالقيم المشتركة للبشرية التي تلخصها الحضارة الصينية، لافتا إلى أن "الاحترام المتبادل والتضامن والتعايش المتناغم هي الطريق السليم لتنمية الحضارة البشرية".
 
في هذا السياق قال مارتن جاك، الأكاديمي والمعلق السياسي البريطاني "إن الصين ليست دولة قومية فحسب، بل هي حضارة ترتدي عباءة الدولة. إذا لم تفهم ذلك، أرى أنك لا تفهم أي شىء عن الصين".
 
يقود شي الصين للسير على طريق صيني فريد إلى التحديث، وهو ما قال عنه المحللون، إنه يخلق نموذجا جديدا للحضارة البشرية. وحسبما ذكر شي، يجب أن تشمل عملية التحديث الصينية عددا كبيرا من السكان وتؤدي إلى ازدهار مشترك وتحقيق التقدم المادي والثقافي والأخلاقي، ودفع الانسجام بين البشرية والطبيعة، والسير في طريق التنمية السلمية. فلا تتميز عملية التحديث الصينية بالخصائص العامة للتحديث التي تشهدها دول أخرى، بل تتميز بالخصائص الصينية المعتمدة على الظروف الوطنية.
 
وسعيا وراء التحديث الاشتراكي بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، حسبما قال شي، " يجب علينا ألا نعود بخطواتنا إلى جمود وعزلة الماضي، ولا نسلك منعطفا خاطئا بتغيير طبيعتنا والتخلي عن نظامنا".
 
وقال "يجب علينا التمسك بالاعتماد على جهودنا الذاتية لدفع تنمية الدولة، وضمان أن مستقبل تنمية وتقدم الصين في أيدينا بشكل راسخ".
 
وبحلول عام 2035، ستحقق الصين، أكبر دولة نامية في العالم، التحديث بشكل أساسي، حيث ستكون المرة الأولى في تاريخ البشرية التي يحقق فيها تعداد سكان يزيد على مليار نسمة التحديث الشامل. وتمثل هذه الإنجازات التي حققتها الصين في عملية التحديث العالمية أكبر مساهمة قدمها الحزب الشيوعي الصيني إلى قضية التقدم البشري.
 
في ذلك الوقت، سيصل معدل نصيب الفرد من مجمل الناتج المحلي إلى مستوى الدول المتوسطة التقدم، وتتوسع الفئة ذات الدخل المتوسط بشكل ملحوظ. كما ستصبح الصين رائدا عالميا للإبداع، وتشهد انخفاضا مستقرا لإنبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بعد وصولها إلى الذروة. كما ستضاعف الصين من الطول الإجمالي للسكك الحديدية الفائقة السرعة، التي هي بالفعل الأطول في العالم حاليا.
 
إن تقدم الصين في عملية التحديث ليس فقط مصدر فخر للشعب الصيني، بل يوفر خيارا جديدا للدول التي تود تسريع تنميتها مع الحفاظ على استقلالها.
 
بهذا الصدد قال همفري موشي، مدير مركز الدراسات الصينية في جامعة دار السلام في تنزانيا، إن قصة تنمية الصين تثبت أن الفقر والتخلف يمكن التغلب عليهما، وباتباع الطريق الصحيح، يمكن للدول الأفريقية تحقيق الازدهار والتنمية.
 
قصة نجاح الصين، التي تحققت من خلال تكييف المبادئ الأساسية للماركسية مع الواقع الصيني الخاص وثقافتها التقليدية الرائعة، هي أيضا قصة إحياء للاشتراكية. إذ أن الاشتراكية، وبعد مضي 500 عام من ولادتها، نمت وازدهرت على الرغم من النكسات وضجيج الرافضين، وتم إحياؤها على أيدي الشيوعيين الصينيين في العصر الجديد.
 
لقد بدأت مسيرة جديدة. وسيقود شي الصين إلى متابعة إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية من خلال اتباع المسار الصيني الفريد للتحديث، ومواصلة السعي من أجل مستقبل مشترك للبشرية.
 
وخلال لقاء الصحافة يوم الأحد الماضي، قال شي إن التحديث الصيني مهمة عظيمة ولكنها ضخمة. وإن ضخامة المهمة هي التي تجعلها عظيمة ومجيدة على الإطلاق.
 
وقال شي "الرحلة أمامنا طويلة وشاقة، لكن بخطوات حازمة سنصل إلى وجهتنا". 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium