النهار

أين صوت المرأة وسط هذه المعركة للدفاع عن كرامة "المرأة الجنوبية"؟
المصدر: "النهار"
أين صوت المرأة وسط هذه المعركة للدفاع عن كرامة "المرأة الجنوبية"؟
الممثلة بتول على "الجديد".
A+   A-
غسان صليبي

قرأت لرجال أكثر مما قرأت لنساء، وسمعت صوت رصاص أطلقه رجال وليس نساء على قناة "الجديد"، في المعركة المحتدمة بين هذه الأخيرة و"الثنائي الشيعي" وجمهورهما، حول كرامة "المرأة الجنوبية".

للمفارقة، من جهة قناة "الجديد"، تصدرت النساء وتحديدا الممثلة موضوع الشكوى ومديرة الأخبار، حملة تبرير ما جاء على لسان الممثلة بتول في برنامج كوميدي، في حق المرأة الجنوبية بشكل عام، عندما تناولت بطريقة ساخرة مسألة الاختلاط بين النساء الجنوبيات ورجال اليونيفيل، استخدمت فيها تعبيرات وتلميحات جنسية يستخدمها عادة الذكور في تحقيرهم للمرأة وللجنس على حد سواء. من جهة ثانية تصدّر الرجال جمهور المستنكرين لما جاء في البرنامج، مع بعض التغريدات لنساء جنوبيات.

في الواقع، طال التجريح بعباراته المرأة بشكل عام وليس المرأة الجنوبية فحسب. ولا يمكن ان يكون قد طالها لأنها اختلطت برجال اليونيفيل، فالزيجات بين الطرفين معروفة، وهي تُحسب لصالح المرأة الجنوبية، التي برهنت عن انفتاح على الجنسيات الأخرى ولا سيما الغربية منها، على عكس ما يروّج عنها كمنغلقة على مذهبها بحكم العقيدة الدينية والانتماء السياسي المعادي للغرب بشكل عام.

وبدل أن يركّز البرنامج على فضائل هذا الانفتاح باسم الحب والانسانية، وقع في الخفة في تناول الموضوع، مستخدما الاسلوب الذكوري، معمّماً الانطباع وكأن الاختلاط أمر يستحق الشماتة.

قد أتفهم خلفية البرنامج، الذي لم يسمِّ بطلته بتول بالمصادفة، وهي بالمناسبة امرأة جنوبية شيعية، فهو يهدف من بين ما يهدف اليه، إلى فضح وانتقاد "التعفف" السائد في بعض الأوساط التي تبالغ في ممارسة التدّين والتمسك بالعادات والتقاليد، ومنها الأوساط الشيعية الجنوبية.

لكن البرنامج استخدم للأسف أسلوباً يؤدي إلى عكس ما يبتغيه، فاستفز البيئة الشيعية وجعل من الذين لا يبالون بحقوق المرأة بحجة التقيّد بتعاليم الدين، يستفيدون من الفرصة للادعاء بأنهم حرصاء على صيت "المرأة الجنوبية".

فمن الواضح ان حملة الاستنكار ضد قناة "الجديد"، جاءت تحت عنوان الدفاع عن المرأة الجنوبية "المقاومة"، وليس عن المرأة بحد ذاتها، عن قضيتها وحقوقها وحرية خياراتها. بل كان ذلك على العكس، مناسبة جديدة لأهل الربط والحل في الجنوب لتمجيد "مقاومتهم" ومذهبهم، على حساب حقوق الأفراد والنساء تحديدا.

استسلمت الجمعيات النسائية لواقع جرّ المسألة إلى الإطار المذهبي- السياسي، فصمتت وتركت ميدان المعركة للآخرين. مع ان جوهر القضية، هو العنف اللفظي الذي مارسته قناة "الجديد" ضد المرأة بشكل عام، والمرأة الجنوبية بشكل خاص.

وبدل مواجهة العنف اللفظي ضد المرأة، بحملة ضد العنف في جميع أشكاله ولا سيما ضد المرأة، وهي من الحملات الرائجة في لبنان والعالم، إذا بالمستنكرين المسيّسين يواجهون العنف اللفظي بمثيله، في حق بتول ومديرة الأخبار في قناة "الجديد"، مضيفين إليه عنف الرصاص المباشر على مكاتب القناة التلفزيونية.

لا أريد أن أُسقط ما يجري في إيران على ما جرى في لبنان. لكني ألاحظ، انه في حين يتم في إيران، من خلال الانتفاضة الحالية، تحرير قضية المرأة بحقوقها وحرياتها من مقتضيات النظام الدينية والسياسية، أعاد برنامج "الجديد" الكوميدي والردود عليه، تشديد الربط بين وضع المرأة ومستلزمات مقاومة "حزب الله"، ذات الطابع الديني والعسكري، المرتبطة بدورها، بالنظام الإيراني.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium