صرّح الرئيس بري، في مقابلة مع صحيفة "الأخبار"، بأن المرشح للرئاسة النائب ميشال معوّض "ليس سوى تجربة أنبوبية"، الأمر الذي اعتبره النائب معوّض إساءة إلى الرئيس الشهيد رينه معوّض، منتقداً في رد عنيف "فساد بري وميليشيويته".
حاول معاون بري السياسي علي حسن خليل، تخفيف وطأة تصريح رئيس المجلس، موضحاً أن المقصود هو أن النائب معوض "تحوّل الى أنبوب تجارب سياسي"، ويجب عدم الزج باسم الرئيس معوّض في ذلك، منتقداً بدوره بعنف النائب معوّض.
الوزير السابق ريشار قيومجيان كان له أيضاً تعليق على قول بري: "تجربة الأنبوب تأتي بمولود شرعي من أم وأب معروفين، بينما زواج المتعة ولو شرّعه الفقه، يبقى حالة زنى تأتي بلقيط تخجل به أمّه، وأبوه الفعلي غير أبيه الاسمي"، وهذا استدعى رداً قوياً من المجلس الشيعي الأعلى، استنكر فيه المسّ بالفقه الإسلامي الشيعي.
وحده النائب ميشال الدويهي حصر ردّه في السياسة: "بصرف النظر عن خياراتنا السياسية، إن النهج الفوقي والإلغائي وغير اللائق من قبل رئيس المجلس النيابي مع الزميل ميشال معوض مدان ومرفوض تماماً، وهو في جوهره نهج "الثنائي" التعطيلي الذي يسهم باستمرار في تفكك الدولة من خلال تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وعدم احترام الاستحقاقات الدستورية."
لا شك في أن رئيس المجلس النيابي قلل احترام النائب معوّض وجميع النواب الذين صوّتوا له أو الذين كان يمكن أن يصوّتوا له لو أخذت العملية الانتخابية مسارها الدستوري، وهو في المحصّلة قلّل احترام المواطنين الذين انتخبوا هؤلاء النواب المؤيدين للنائب معوّض، وتالياً استخف بالعملية الديموقراطية وبالدستور الذي نصّ عليها.
تصريح بري معيب، وقد تكرر للأسف في أشكال عدة مع أكثر من نائب. وإن كانت "التجربة الأنبوبية"، ترمز في موضوع الإنجاب، الى عقم ما أو عجز أو صعوبة في الإنجاب، خارجة عن إرادة من يحاولون بكل جهد وصبر إنجاب طفل، فإن الورقة البيضاء التي يضعها بري وحلفاؤه في صندوق الاقتراع، هي تجسيد صارخ للعجز عن انتخاب رئيس من لحم ودم، لا بل تعبّر عن إرادة لقتل الجنين قبل أن يولد. فيما النائب معوّض بشري ذو مواصفات إنسانية، تجعل منه مرشحاً محترماً لرئاسة الجمهورية، مهما اختلفت معه في التوجهات السياسية.
لكن دعونا نخرج سريعاً ممّا أدخلنا فيه بري في تشبيهه، ونتنبّه الى أن المُستهدَف الأول في تصريحه هو المرأة، كما أن الردود عليه لم تبالِ البتة بهذا الأمر. فالأنبوب يذكّر بالمرأة ويعوّض عن رحمها في احتضان التقاء المنيّ بالبويضة، وهو وسيلة محمودة وضرورية تستحق التقدير لا الشماتة كما لمّح بري في تصريحه. ومستغرب أيضاً أن النائب معوّض استذكر أباه في ردّه، ولم يفكّر في أمّه التي أنجبته، والتي كان يمكن أن تنجبه بواسطة الأنبوب لو أن الطبيعة كانت قاسية معها، كما مع أخريات.
أما رد النائب قيومجيان، فلاقى بري في تحقيره للمرأة، إذ اعتبر أنها تزني وتخجل بمولودها "اللقيط" المتأتّي من زواج المتعة، وأنها لا تعرف حقيقة أبيه، فيما زواج المتعة، مهما كان رأي قيومجيان الشخصي فيه، هو عقد شرعي، أنجزته المرأة بملء إرادتها هي وشريكها.
وكان الأحرى بقيومجيان أن يدافع عن معوّض كنائب منتخب رشّحه نواب لرئاسة الجمهورية، لا أن يتزحلق على "أنبوب" برّي، مصوّباً سهامه الى المرأة دون الرجل، مزهوّاً بـ"متعة" انتقاده زواج المتعة، وكأن الزواج عند المسيحيين، هو عقد خالٍ من العيوب، ويساوي تماماً المرأة بالرجل، لناحية حرّية الارتباط أو ما ينتج منه من حقوق للطرفين. علماً بأن لزواج المتعة فضيلتين، غير متوفرتين في أشكال الزواج الأخرى: الفضيلة الأولى أنه يعطي الزواج هدفاً هو المتعة، على عكس الزيجات الأخرى التي تعاني من افتقادها للمتعة دون أن تعترف بذلك. والفضيلة الثانية هو أنه لا يفصل المتعة عن المسؤولية الشخصية، إذ ينظم شؤونها بعقد.
ألا يستحق كل هذا النقاش بين الذكور، موقفاً حازماً معللاً ومستنكراً، من النائبات ومن الجمعيات النسائية، على بعد أيام من العيد العالمي للمرأة؟