النهار

هل وجّهت السعوديّة صفعة إلى الولايات المتّحدة؟
المصدر: "النهار"
هل وجّهت السعوديّة صفعة إلى الولايات المتّحدة؟
صحف إيرانية تتحدّث عن التقارب مع السعودية (أ ف ب).
A+   A-
جبران الخوري - باحث ومتخصص في الشؤون الدولية الديبلوماسية
 
لدى تسلّم جو بايدن الرئاسة كانت سياسته واضحة تجاه الحدّ من التدخّل في الشرق الأوسط، والتركيز نحو الشرق الأقصى لمواجهة التحديات التي فرضتها الصين، وكان تصريح الإدارة الأميركيّة علنيّاً في هذا الخصوص في شباط 2021.

السعودية كانت أوّل من تلقّى الإشارة، وفي أواخر نيسان 2021، صرّح محمّد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية أنّ السعودية على استعداد للعمل من أجل عودة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، والعمل على الاستقرار في المنطقة وإنهاء حرب اليمن. علماً أنّه قبل أربع سنوات فقط، كان صرّح محمّد بن سلمان أنّه لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال تطبيع العلاقات مع نظام أيديولوجيّ مثل النظام الإيرانيّ، وهو يعمل على نقل الحرب الى أرض إيران. من الواضح والمؤكّد أنّ تغيير رأي بن سلمان جاء بعد تغيير سياسة أميركا في الشرق الأوسط، كما ذكرنا أعلاه.

منذ عام 2021، تغيّرت سياسة السعودية نظراً إلى تغيّر في سياسة أميركا، وقامت السعودية بإجراءات عدّة أهمّها:

١-  بدء المفاوضات بين إيران والسعودية في العراق وأماكن أخرى.

٢-  توجّه السعودية نحو الصين بشكل واضح من خلال توسيع العلاقات التجارية، على الرغم من الحرب التجارية المعلنة بين أميركا والصين.

٣-  تطوير السعودية علاقاتها مع روسيا، وخصوصاً من خلال أوبك، ومعارضة السعودية بشدّة إدارة بايدن، وطلبه المباشر زيادة إنتاج البترول لتخفيض الأسعار في العام 2022.

٤-  دخول السعودية كوسيط فاعل لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والأمور في خواتيمها، إلّا أنّ روسيا بوتين رحّبت بالمبادرة السعودية وهي قائمة بفعاليّة. 

٥-  من خلال الاتّفاق اليوم بين إيران والسعودية، أعطت السعودية الصين موقعاً كبيراً في السياسة في الشرق الأوسط، وليس فقط في العلاقات التجارية، مقابل القرار الأميركيّ السابق للحدّ من التدخّل في المنطقة. طبعاً، السعودية قامت بإعلام أميركا بالمفاوضات التي أدّت الى هذا الاتّفاق، إلّا أنّ الولايات المتحدة لم تدخل في هذه المفاوضات، وبالتالي أصبحت الصين لاعباً أساسيّاً في سياسة الشرق الأوسط، ويعود الفضل في ذلك إلى السعودية.

٦ - أمّا لجهة دخول السعودية في اتّفاقات أبراهام مع إسرائيل بعد هذا الاتّفاق مع إيران، طبعاً لن يكون ذلك مجّاناً. فأميركا وإسرائيل تعلمان ذلك جيّداً. إدارة بايدن أصبحت على دراية كاملة أنّ السياسة الجديدة للملكة العربية السعودية لم تعد مرنة تجاه الطلبات الأميركية كما كانت سابقاً، بل ربّما فرضت السعودية بأدائها الحاليّ على أميركا إعادة النظر في سياستها في الشرق الأوسط.

إذاً وباختصار، حاولت أميركا "الهروب" من الشرق الأوسط لمواجهة الصين في عقر دارها في الشرق الأقصى، وبعد سنتين على هذا القرار الأميركيّ، أتاحت السعودية للصين الدخول مباشرةً في سياسة الشرق الأوسط من الباب الواسع.
 
مهما حاول المحلّلون تجميل الوضع للسياسة الأميركيّة، فإنّ ما قامت به السعودية اليوم هو ضربة موفّقة وصفعة مباشرة لإدارة بايدن، وسياسته في الشرق الأوسط.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium