النهار

الكشفية... التجربة المشرقة
شعار اتحاد كشاف لبنان.
A+   A-
القائد جورج نيسي أمين الاعلام في اتحاد كشاف لبنان
 
يستشرف اللبناني الأحداث، يستثمر الفرص، يسبق الأحداث.
لم تكن زيارة الأخوين عبد الستار وعبد الجبار خيري، مجرد زيارة عابرة لشقيقين يحملون في ذهنهما فكرة أو تجربة، بل كانت حبة القمح اليابسة والتي تلقفها اللبنانيون وغرسوها في الأرض الخصبة، فأرض عين المريسة ومدرسة دار العلوم، وبركة الشيخ توفيق الهبري سنة ١٩١٢ ما كانت الا التطابق بين الزرع الصالح والأرض الخصبة والإنسان اللبناني الذي يأبى إلا أن يكون سبّاقاً في شتى الميادين. وكانت الكشفية اللبنانية الثمرة الصالحة والتي نشرت فوائدها الى الدول العربية كافة.
 
مئة وعشرة أعوام كشفية لبنانية، مئة وعشرة أعوام كشفية عربية. ليس الهدف من عدد السنوات التذكير أو التسابق على الأولية، ولكن الغاية هي إحصاء الإنجازات، فقد نشأت حركتنا الكشفية ونمت وترعرعت في كل حيّ وقرية ومدينة، كما أنها تغلغلت في العقول وخفقت لها القلوب. لقد خلقت الكشفية اللبنانية دينامية لافتة سبّبت التنافس على الخير بين أفراد هذا الوطن والمجتمع، والتنوع الديني والثقافي والاجتماعي انعكس أيضاً على الحركة الكشفية اللبنانية في لوحة جميلة فريدة مؤكداً أنّ اتحاد كشاف لبنان ليس مجرد مؤسسة تجمع تحت رايتها الجمعيات الكشفية، بل هو مختبر كبير لصناعة التربية اللاصفية الفريدة والمميزة والحساسة والدقيقة، فميزان الذهب الذي يستعمله اتحاد كشاف لبنان في صناعة سياساته وخطته وبرامجه هو ما جعله مميزاً وحاضراً ومتجانساً، وهو ما دفع بأبنائه وشجعهم على خوض غمار التجارب العربية الإقليمية والعالمية. فقد استقبل لبنان كبار قادة الحركة الكشفية في العالم من زوجة المؤسس بادن باول السيدة أولاف سومز إلى الزيارة الأخيرة لرئيس اللجنة الكشفية العالمية القائد أندي شابمان، والكثير الكثير من القادة العرب والنشاطات العربية وأكبرها على الإطلاق مخيم (نداء المغامرة سنة ١٩٩٨) التي استضافته المدينة الكشفية في سمار جبيل برعاية دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
 
والاتحاد اليوم على بعد خطوة من إنجاز تاريخي جديد هو حصوله على شهادة الجودة الكشفية العالمية GSAT، ويستضيف المؤتمر الكشفي العربي الثلاثين والمنتدى الكشفي العربي الخامس للقادة الشباب، وكان استضافهما في المؤتمر الكشفي العربي الذي انعقد في شرم الشيخ.
وكان اتحاد لبنان قد حصل أيضاً على موقع نائب رئيس اللجنة الكشفية العالمية، ويستمر في عطاءاته متمّماً واجباته تجاه أبنائه وأشقائه وأصدقائه، سبّاقاً في تطوير منهجيته، فقد أصبحت الكشفية اللبنانية وهي المبنية كليّاً على التطوع، امتيازا لكل من ينتسب إليها، لقد أولاها رجالات الدولة في لبنان منذ ما قبل الاستقلال وبعده وحتى يومنا هذا الكثير من الاهتمام والعناية.
 
من السهل جدا أن نكتب عن ١١٠ أعوام، ولكن هل يخطر ببال أي منا كيف اجتزنا هذا الكم من التحديات والصعوبات للوصول إلى الإنجازات؟ كم هو عدد المنتسبين على مرّ السنين إلى هذه الحركة الرائدة؟ كم هو عدد ليالي القهر والسهر والتي كانت نتيجتها كل التقدير لكل فرد من أفرادها؟. هذا هو اتحاد كشاف لبنان الجمعية الحاضنة لبناتها وأبنائها والتي حصلت على وسام الاستحقاق اللبناني المذهب من الدرجة الأولى وهو وسام على صدر كل كشاف لبناني.
 
تطول الجمل وتكثر العبارات ويزيد الشوق والحنين إلى أناس عبروا في حياتنا تاركين على أكتافنا أمانة إرث عظيم ومسؤولية مئة وعشرة أعوام مقبلة لن نكون على هذه المعمورة عندما سيحتفل بها أحفادنا، ولكن باعتقادي أن أرواح أسلافنا سترقص فرحاً على بناء ثابت قوي بني على صخرة الإيمان بالعمل الكشفي وعلى ثروة من القيم انطلقت وتستمر حتى انقضاء الدهر، وسأختم باعتقاد وقناعة أنه من عبدالجبار والشيخ الهبري إلى الخورأسقف إغناطيوس مارون ورؤساء الإتحاد من مصطفى فتح الله وحتى تاريخه هم فخورون بما صنعوه وفخورون بأبنائهم الذين حملوا أمانة الرسالة وجعلوا منها لؤلؤة الكشفية في هذا الوطن الصغير وفي الإقليم وفي العالمية، وهم من أماكنهم يؤكدون أن التجربة كانت وما زالت مشرقة.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium