كارول سابا
ونعم! هذه أول خطوة نوعيّة، وسلميّة (وأشدِّد على السلمِيَّة)، وغير تقليدية (في الأزمنة غير التقليدية، والخطرة، لا بدّ من أجوبة غير تقليدية)، للخروج من دوامة فراغ وشغور مجلس النواب... ليس هناك دوامة فراغ أو شغور في الرئاسة فقط، بل هناك دوامة فراغ وشغور في كل المؤسسات الدستورية اللبنانية، التي تعمل شكليّاً تغطيةً لمَصلحيّات لا علاقة لها بمصلحة الشعب اللبناني، الآن وهنا ...
سوف يقولون عنهما إنهما شعبويَّيْن في خطوتهما هذه! ولِمَ لا؟! عندما سقطت كلّ السياسات القانونية، عندما صَمَت الضمير، كلّ الضمير الوطنيّ، على كلّ المُستويات، عندما يتمّ صَلب لبنان على صليب لا قيامة فيه، عندما يدخلون الشعب اللبناني المَرِح المحبّ المتفائل، المنتج، الخلاق، المثقف، في أتّونٍ ونفق لا نور فيه ولا رجاء ... نعم، عندها أهلاً بهذه الشعبويّة! نعم، أهلاً بها إذا أنتجت هذه الشعبويّة خدمةً للشعب الذي يموت على "النوّيصة"، لأن ممثّليه نوابٌ ووزراء ومسؤولون، ونُخَبٌ، نسوا وجود الشعب، فليكُن!
قد يُقال لهم إن هذه الخطوة غير قانونية، وتُشكِّل نوعاً من "انقلاب" على الدستور، لكون الاعتصام غير ممكن في قاعة البرلمان بعد إغلاق الجلسة الانتخابية والمحضر! وهنا سيَقع النِقاش الدستوري إذا كان إغلاق جلسة انتخاب رئيس الجمهورية كما يتمّ الآن منذ فترة، من دون رادع قانوني ودستوري، هو دستوري، لكي يُقال لمن بقي في القاعة بعد إغلاق مَحضر الجلسة، إنه خارج عن القانون!
لكن النقيب الصديق ملحم احتاط - على ما يبدو - ورسَم وأسَّس لجواب قانونيّ على هذه التهمة الممكنة، إذ ربط بكلماته وكتابه الاعتصام باحترام موادّ الدستور التي تفرض على النواب التواجد في المجلس، الذي عليه الانعقاد بدورات "مُتتالية" لانتخاب رئيس جمهورية لبنان؛ وهذه المادة تُشدِّد على أهميّة هذا الانعقاد الحُكمي كمجمع الكرادِلة عند انتخاب البابا، لكون رئيس الجمهورية هو حَجر الزاوية في انتظام المؤسّسات الدستورية، فلا يجوز الاستخفاف بانتخابه، مهما كانت فاعليّة صلاحياته ...
هل يتضامن كلّ النواب مع هذه الخطوة، ويفرشوا خيمة اعتصامهم السلميّ الدستوريّ في داخل قاعة البرلمان وتحت قبّته؟ الساعات والأيّام المقبلة ستقول إن كان الشعب اللبناني المُخَدَّر والمصلحي سيتضامن مع هذه الخطوة؟ الأيّام المقبلة ستقول!
أمّا اليوم فتحيّة لنجاة ولملحم! عَلَّ هذه الخطوة الاعتصاميّة السلميّة الرمزيّة والنوعيّة، التي كانت مطلوبة من كلّ النخب اللبنانية والنقابات، وعلى رأسها نقابة المحامين، منذ ثلاث سنوات، تُنتِج اليوم وعياً عند النواب الآخرين للخروج من هذه الدوامة التي دخلوا بها، وأدخلوا البلد فيها، وهم يُعيدون هذه المهزلة السَمِجَة منذ ١١ جلسة، في حين وصل الدولار إلى ٥٠ ألف ليرة! هل تنتج وعي عند النخب والنقابات، والتفكك مُستمر وجاري؟! هل تعتصم أيضاً النقابات بدل كلّ هذه الاجتماعات واللجان غير المُنتجة؟!
من يَدري قد يَصحو الوعي...!
نعم لكل خطوة اعتصامية "سلمية" لإخراج لبنان من النفق!
فلبنان بلا رأس يا أحبة، وهذا ما لا يمكن أن يَستمرّ كذلك، وكأن شيئاً لم يَكُن!