النهار

أيّ يسوع نستقبل في عيد الميلاد، ابن العهد القديم أم ابن العهد الجديد؟
المصدر: "النهار"
أيّ يسوع نستقبل في عيد الميلاد، ابن العهد القديم أم ابن العهد الجديد؟
تعبيرية.
A+   A-
غسان صليبي
 
ولد يسوع يهوديًّا ومات مسيحيًّا. السؤال الذي يطرح نفسه تلقائيا، هو التالي: إذا كان عيد الميلاد هو ذكرى ولادة يسوع، وللذكرى تفاصيلها التاريخيّة، فهل نستقبله كيهودي أم كمسيحي؟
 
وإذا كان السؤال كما أطرحه يستند إلى منطق التاريخ والأحداث، فإنني لا أطرحه حبًّا للمنطق وللتاريخ، مع عشقي للإثنين.
 
أطرح السؤال لأنني أعتقد أن ممارسات الكثير من المسيحيين في لبنان وفي العالم، توحي لي، بأنهم يستقبلون يسوع كابن لإله العهد القديم وليس لإله العهد الجديد.
 
المشكلة يتحمّل يسوع نفسه جزءًا من المسؤوليّة عنها، إذ قال انه جاء ليكمل لا لينقض. مع أني أعتقد أن يسوع، بتعاليمه وممارساته، نقض العهد القديم، ولذلك لم يستطع أن يكمل حياته وليس العهد القديم فقط، فصُلب وقُتل، بطلب من السلطات الدينيّة اليهوديّة.
 
كما أعتقد أن هذا الالتباس بين تعاليم العهدين القديم والجديد، لا يزال يطبع الوعي المسيحي، ليس في لبنان فقط بل في العالم المسيحي كله. وقد ساهم في ذلك، انخراط الكنيسة في الحروب تاريخياً، بعدما تطبّعت بالعنف الروماني وطالتها لوثة السلطة.
 
فأيّ طفل نستقبل في عيد الميلاد؟
 
هل نستقبله كملك، كما كان اليهود ينتظرون وكما لا يزال ينتظر بعض المسيحيين اليوم، أم كمستخِفّ بالسلطة في جميع اشكالها، مردّدًا "مملكتي ليست من هذا العالم"؟
 
هل نستقبله كمدافع عن دينه مهما كان هذا الدين ظالمّا، أم كمنشقّ عن دينه وبانٍ لدين جديد أكثر إنسانيّة؟
 
هل نستقبله كمقاوم لسلطة الاحتلال، الروماني وغيره، باسم دينه، أم كمناهض لأي سلطة مستبدة، محليّة أو خارجيّة، باسم الإنسانية؟
 
هل نستقبله كمطبّق للشريعة أم كمتجاوب مع آلام البشر ضد الشريعة، معلنًا ان "الإنسان سيّد السبت"، والسبت رمز الشريعة عند اليهود؟
 
هل نستقبله كمروّج للعنف باسم الدين، أم كداعية للّاعنف والسلام باسم المحبة؟
 
هل نستقبله كجنود للرب أم كتلاميذ للحب؟
 
في كتابي "انسانية يسوع" وتحت عنوان "من حب الدين الى دين الحب" كتبت: "بحسب الدين المسيحي أرسل الله ابنه يسوع ليتعرّف عن قرب إلى بني البشر وليبشّرهم بدين ملكوت السماوات، فإذا بالابن يكتشف الحبّ عند البشر فيترك دين أبيه اليهودي ويجعل من الحبّ بين البشر دينًا لملكوت الأرض والسماوات".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium