لين زوفيكيان*
بعد مرور تسع سنوات على ذكرى الإبادة الجماعية التي لم تتوقف تداعياتها، يستمرّ الشعب الإيزيدي في الكفاح في سبيل بقائه واسترجاع حقوقه في سنجار.
هناك أدلّة وافرة على تقاعس كلٍّ من الحكومة المركزيّة في العراق وحكومة إقليم كردستان عن دعم هذه الأقليّة التاريخيّة. بالفعل، تعاونت الحكومتان في صياغة وتوقيع اتفاق سنجار، وهو مخطط يهدف إلى تسوية وضع سنجار المتنازع عليه، ويمهّد الطريق لتحقيق الأمن والتمثيل المجتمعي في الإدارة المحلية وإنفاذ القوانين واستراتيجية إعادة الإعمار والتعافي على المدى الطويل. ولكن لم يتمّ إشراك أيٍّ من هذه الأقليّات في الاستشارات والمفاوضات، وبالتالي ليس من المستغرب فشلها في إدراج الاحتياجات الرئيسية لهذه الشريحة، وليس من المستغرب أنّها لم تنجح من حيث روحيّتها وآلية تطبيقها.
فضلاً عن ذلك، لم تلتزم الحكومتان بتعهّداتهما بإغلاق مخيّمات النازحين داخليًّا بشكل آمن ومستدام، والتي كانت في وقت من الأوقات تضمّ أكثر من 350,000 إيزيدي يأملون وينتظرون بدء حياة جديدة بعد اجتياح تنظيم داعش لأراضيهم، ونهبه لقراهم، وقتله رجالهم، وسَبْيِه نساءهم وفتياتهم، وخطفه وإفساده شبابهم. واليوم، لا يزال الإيزيديون بشكل ملحوظ الأقليّة الوحيدة النازحة.
على الرغم من الوعود المخذولة لاحقًا، حاولت بعض العائلات الإيزيديّة العودة إلى ديارها في سنجار. وصور وفيديوهات القوافل الطويلة خير دليل على مشهد الفرح بأنّ ما طال انتظاره قد تحقق أخيرًا. ولكن عودة هذه العائلات تمّت لأنه قيل لها، بعد انتظار تأمين الحكومتين للخدمات التي تضمن أمن واستدامة أيّ عودة، لا يمكن تأمين هذه الخدمات ما لم يكن هناك عدد جماهيريّ كبير من العائدين. والآن، عادت العائلات، وهي تأمل مجدّدًا. وإذا طال انتظارها كثيرًا، فستنزح مرة أخرى إلى المخيمات كما فعل ذلك العديد منهم من بين الموجات السّابقة للعائدين.
بعد العودة، وجدت العائلات الإيزيدية نفسها محاطة من جديد بالجيران الذين لا تثق بهم. لم تقدم الحكومة المركزية في العراق وحكومة إقليم كردستان أية آليات للمصالحة والتعايش. فحيث يوجد خوف من الآخر، توجد معه أسباب للكراهية غير المبرّرة. وحيث لا سيادة للقانون كما هي الحال في سنجار، توجد أرض خصبة لتحوّل الكراهية إلى عنف وخطر. يندّد الناجون والدعاة الإيزيديّون بجرائم خطاب الكراهية الصارخة على الإنترنت وفي حياتهم اليوميّة. حتى الآن، لم يصدر عن الحكومة أي ردّ مجدٍ بالوقوف إلى جانب مواطنيها الإيزيديين وحمايتهم.
إنّ كلّ هذه التحدّيات المتراكمة والمزمنة تعني أنّ الوضع مستمرّ بالتصاعد، ويشكّل أرضاً خصبة للإبادة أكثر من أيّ وقت مضى. إنّ تنظيم داعش تقصّد استهداف الشعب الإيزيدي نظرًا إلى ضعفه التاريخي في المجال السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ في العراق وإقليم كردستان. فهذا الشعب لا صوت له، ولا تحالفات سياسية لحمايته. وهذا اليوم الثالث من شهر آب، ذكرى مرور تسع سنوات على الإبادة الجماعيّة هو تذكير بالأيام التي انتظرها الشعب الإيزيدي على سفوح جبال سنجار لإنقاذه ونجاته. طال الانتظار كثيرًا؛ هناك أطفال وكبار سنّ ماتوا جوعًا، من دون أن يحرّك أحدٌ ساكنًا. وبسبب هذا التغاضي، استطاع تنظيم داعش الوصول من دون مواجهة، وتمكّن من الخطف والقتل.
لا ينحصر هذا الانتظار بالنطاق المحليّ، بل هو إقليميّ أيضًا. فلغاية هذا التاريخ، لم تعترف أيّ حكومة أو برلمان إسلامي وشرق أوسطي بالإبادة الجماعية الإيزيدية. فمن دون هذا التضامن، لن يكون هناك أيّ أولويّة سياسيّة أو دينيّة لحماية الإيزيديين.
لا يجوز بعد الآن جعل الإيزيديين ينتظرون الحصول على الحماية والتضامن. حان الوقت لتوحيد الصفوف بين القياديين والتضامن في الشرق الأوسط، والعراق، وإقليم كردستان من أجل هذه الفئة التاريخية المسالمة والاستثنائية. لا يجب أن تكون الحكومات والقادة شركاء في ترحيل الإيزيديين من سنجار والشرق الأوسط. وإذا ما قاموا بذلك، فسوف يعتبرون مكمّلين للمشروع الذي عجز داعش عن إنجازه.
* مؤسسة مشاركة ومديرة إداريةفي شركة The ZovighianPartnership.