غسّان صليبي
شاركت في ندوة إقليمية من تنظيم منظمة العمل الدولية، بعنوان "تعليم العمال وبناء القدرات لإحياء النقابات العمالية". عنوان الندوة الإقليمية يفترض أنّ النقابات العمالية بحاجة إلى إحياء، ويفترض أيضاً أنّ تعليم العمال وبناء القدرات لا بدّ أن يساهمان في عملية الأحياء هذه.
لأنّني أوافق على هاتين الفرضيتين، سأنطلق منهما لأطرح واقع تعليم العمال وأبرز تحدياته، من خلال النقاط الآتية التي تدمج كل واحدة منها، عنصر من عناصر الواقع وما يواجه من تحديات، بحيث اختصرت عنوان مقالتي كالآتي: "تدريب العمال في المنطقة العربية: الواقع والتحديات".
1- لم أستطع للأسف الاعتماد على دراسة واحدة ترصد موضوعياً واقع تعليم العمال في المنطقة العربية. وحتى لا أكون جازماً، أقول أنّه على الأرجح مثل هذه الدراسة الميدانية غير موجودة. وهذا أوّل تحدٍّ لكل من يريد تطوير واقع تعليم العمال باتجاه أحياء النقابات العمالية. وأعتقد أنّ ذلك هو من مسؤولية منظمي هذه الندوة، الذين عليهم (الدفع أو) المساهمة في إنتاج مثل هذه الدراسة.
2- لا يعكس دائماً عدم وجود دراسة حول موضوع معيّن، لا أهمية هذا الموضوع، خاصّة في منطقة عربية تندر فيها الدراسات الميدانية بشكل عام، ولاسيّما حول المواضيع المهمة. لكن غياب الدراسات العلمية والميدانية حول تعليم العمال في المنطقة العربية، يعكس بالفعل عدم أهمية الموضوع بالنسبة إلى النقابات أنفسها، رغم وجود معاهد أو جامعات عمالية في بعض البلدان، وهذا هو التحدي الثاني، المتمثل بضرورة إدراج تعليم العمال من ضمن أولويات النقابات.
3- غياب الاهتمام والدراسات يجعل من المفاهيم المستخدمة متنوعة، مطاطة، وغير واضحة. في مجال "تعليم العمال" نتكلم أيضاً عن "تدريب العمال"، أو "تثقيف العمال"، وغيرها من المفاهيم المستخدمة. المفهوم الأكثر تداولاً حول الموضوع هو "الثقافة العمالية". وإذ يبدو هذا المفهوم للوهلة الأولى ترجمة لـ Workers Education أو Education Ouvriere إلّا أنّه أكثر دلالة على فهم الموضوع كـ"ثقافة" يجب اكتسابها، وليس كمهارات وسلوكيات يجب تعلّمها. التحدي الثالث هو في كيفية تطوير هذا الفهم باتّجاه اعتبار هدف تعليم العمال، اكتساب المعارف والمواقف والمهارات وليس المعارف فقط. وإن كنت شخصياً أفضّل تسمية "تدريب العمال" على تسمية "تعليم العمال"، لأنّ في "التدريب" دلالة أقوى على اكتساب السلوكيات، كما أنّ مفهوم "التدريب" يتلاءم أكثر مع تعليم الكبار، فيما مفهوم "التعليم"، يحيلنا إلى التعليم المدرسيّ أو الجامعيّ.
4- النظر إلى تدريب العمال كثقافة كان له تأثيره الحتمي على مواضيع التدريب وعلى طرقه. مواضيع التدريب غلبت عليها العمومية، والمحدودية من حيث التنوع، وعدم الارتباط الضروري باحتياجات المتدربين. هي من المواضيع التي تعتبر "معارف عامة" من مثل التشريعات والعولمة ومعايير العمل الدولية ومستقبل العمل، والحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية، لكن على مستوى القانون وليس على مستوى المهارات وقواعد الممارسة. وقد تُضاف إليها مواضيع مستجدة حول العالم، من مثل الجندر والتغيّر المناخي والعمل اللائق وغير ذلك. ولا تطال المواضيع، إلّا نادراً، الواقع النقابي الداخلي في قراءة نقدية لديمقراطيته واستقلاليته وفعاليته، ما يستبعد كلياً همّ إحياء النقابات عن طريق التدريب النقابي.
هذه المواضيع قابلتها طرق تدريب "تلقينيّة" في الغالب، على شكل محاضرات. وقد جرى حديثاً تلطيف هذا النهج التلقيني عبر تكثيف استخدام الباور بوينت، فأصبح الفارق الوحيد بينها وبين المحاضرة لجهة الطابع التلقيني، أنّه في المحاضرة تلتقي عينَا المحاضر بعيون المتدرّبين، وهذا أفضل بكثير وأهمّ. من الأفضل إذا أردنا للتدريب أن يحقق أهدافه، تقليص استخدام الباور بوينت من حيث وقت العرض، والعمل على تقوية التفاعل الفكري بين المحاضر والمتدربين، عبر الأسئلة التي تحضّ على التفكير.
5- صحيح أنّه في السنوات الأخيرة جرى تدريب "مدربين نقابيين"، وعدم الاتكال فقط على الخبراء وأساتذة الجامعات، ما ساعد المدرب على أن يكون أكثر خبرة في موضوعه، وأكثر تحسساً بمعاناة المتدربين. ومع أنّ التدريب يطال الطرق الناشطة، إلّا أنّ استخدام هذه الطرق بقي دون المستوى، فلعب الأدوار مثلاً أصبح "لعبة ترفيهية تحفيزية" لا تتوخى تغيير المواقف، ودراسة الحالة تُطبّق بدون شروطها التدريبية التي تدرب على حلّ المشكلات منهجياً واستنتاج قواعد سلوك في حالات مشابهة، كما أنّ النقاش في المجموعات الصغيرة يُطبق دون منشّط أو محرّك، سبق أن تدرّب على لعب دوره المزدوج، المحافظة على حقّ الجميع بالمشاركة بالتساوي في النقاش وعدم إبداء الرأي من جهة، والمساعدة على الوصول إلى محصّلات أو مقرّرات من جهة ثانية. لذلك بالكاد يطال التدريب عملياً، المعارف دون المواقف والمهارات أو السلوكيات. إنّ تقييم تنفيذ التدريب الناشط هو من المهام الضرورية في إطار تطوير التدريب وجعله يحقّق أهدافه.
6- من الصعب أن تجد نقابة عربية لديها سياسة تدريبية، فلن تجد إلّا برامج وأنشطة تدريبية، إذا وجدت. ومن الأصعب إيجاد نقابة تربط سياستها التدريبية بخطتها الاستراتيجية أو بخطة عملها، لاسيّما إذا أردنا أن يساهم التدريب في إحياء النقابات لا أن يكون نشاطاً هامشياً.
من الضروري ربط البرامج التدريبية بالخطط الاستراتيجية للنقابات. وهنا تبرز الحاجة إلى تناول مشكلة رئيسية، طالما أنّ معظم البرامج والمشاريع ممولة من الخارج، من جهات نقابية دولية أو متضامنة وداعمة. فالمشكلة تكمن في أهمية بناء تعاون ثابت مع المانحين، غير أنّ أولوياتهم لا ينبغي أن تؤثر على أهداف المشاريع التدريبية، التي يفترض بها أن تضمن، من حيث المبدأ، تنفيذ الخطط الاستراتيجية للنقابات. بهذا المعنى إنّ موضة "بناء القدرات" دون ربط هذا البناء بتحركات فعلية على الأرض قرّرتها النقابة وقامت بتنظيمها، لا يعود بفائدة عملية ويصبح مضيعة للوقت والجهد والمال.
7- من الضروري فهم موقف التنظيمات العربية من المشاريع عموماً والعمل على تطوير هذا الفهم.
• تتعامل عادة التنظيمات النقابية في البلدان العربية "بردود فعل" إزاء المشاكل والأوضاع، في حين يحمل المشروع أو البرنامج المموّل، نهجاً استراتيجياً طويل الأجل لمعالجة المشكلات.
• لا يشكل التدريب جزءاً من الأنشطة النقابية العادية، وهكذا يُدخل المشروع على النقابات نهجاً جديداً في العمل، لا بل يشكّل أحياناً عبئاً إن لم يرتبط بشكل وثيق بخطة عمل النقابة.
• يشكّل المشروع، بوصفه تعبيراً عن التضامن الدولي، نهجاً جديداً أيضاً، إذ يركّز على أهمية التضامن وإنشاء الشبكات، اللذين لا يزالان في المراحل الأولى على الصعيد الوطني العربي.
• تنظر بعض النقابات إلى المشاريع كمصدر للتمويل وليس للتأهيل، وما يمكن أن يتبع ذلك من إفساد للقيادات النقابية ولأتباعها. والطريقة الفضلى لضبط هذه النزعة هي من خلال ربط البرامج والأنشطة بتحرّكات فعلية على الأرض.
8- يقلّل المانحون عادة من أهمية الحاجة إلى إجراء البحوث خلال مرحلة تحليل المشاكل التي يعمل المشروع على مواجهتها. فالبحوث تُعتبر ممارسات أكاديمية. ومع أنّ غالبية النهج المعتمدة لصياغة المشاريع، تفسح المجال لتحليل المشاكل، والأوضاع الناجمة عنها، غير أنّها تكثر من الاعتماد على تصوّرات (عصف ذهنيّ) المشاركين (في الورش) وآرائهم في الحكم على الأوضاع وبناء الاستراتيجيات. ومن شأن ذلك أن يكون مضلّلاً وعديم الفعالية، ليس فقط بسبب الطابع الذاتي الذي يتّخذه التحليل- وهو ضروريّ لكن غير كافٍ، بل بسبب عدم قدرة المشاركين على بناء أفكارهم على أسس موضوعية، لعدم إجراء البحوث، ولاسيّما في وضع الحركة النقابية العربية.
9- يُفترض بنواتج أنشطة المشاريع أن تساهم في تحقيق هدف المشروع (تطوير النقابات). ويفترض بهدف المشروع ذاته أن يساهم في تحقيق الهدف العام (تطوير المجتمع). وفي هذا السياق تكمن فرضيتان، الأولى هي أن تملك المنظمة النقابية الاستعداد والقدرة لاستيعاب أثر النواتج ودمجها في بنيتها وأهدافها وأساليب عملها، والثانية هي أن يملك المجتمع الاستعداد والقدرة لدمج أثر أهداف المشروع. وهنا يفترض بالنقابة أن تكون ديمقراطية ومستقلة (عن الدولة وكذلك عن المركزية النقابية)، ويفترض بالقيادة أن تكون متعاونة بشأن دمج أثر النواتج، وكذلك يفترض بالمجتمع أن يكون مجتمعاً ديمقراطياً وخاضعاً في تطوره للتأثير الدينامي للقوى الاجتماعية الفاعلة، وذلك حتّى يستطيع استيعاب تأثيرات المشروع.
والمؤسف أنّ هاتين الفرضيتين تطرحان إشكالية في البلدان العربية، فلا النقابات بمعظمها، ديمقراطية ومستقلة، ولا المجتمعات العربية ديمقراطية. وخلافاً للتجربة الغربية، حيث سبق تطور المجتمع التطور النقابي أو رافقه من ناحية الديمقراطية السياسية في جوّ من التأثير المتبادل، تفتقر البلدان العربية إلى الديمقراطية وتخضع النقابات فيها لسيطرة الدولة (إمّا مباشرة أو عن طريق المركزيات الوطنية)، ما يعيق تطوّر النقابات العربية في الجوّ الذي نشأت فيه في الغرب. ولذلك يصبح تحقيق الهدف العام (الأثر على المجتمع) شرطاً مسبقاً لتحقيق هدف المشروع (الأثر على النقابات). وهكذا لا بدّ من اعتماد تصوّر أكثر دينامية وجدلية لمستويات أهداف المشاريع (النواتج- هدف المشروع- الهدف العام).
10- تُترك عادة عملية الرقابة monitoring لحسن نية التنظيمات النقابية مع بعض الدعم من الجهة المانحة. ويخصّص قدر أكبر من موارد المشروع لتقييم تحقيق الأهداف. وما دامت العلاقة بين نواتج هدف المشروع والهدف الطويل الأجل، تطرح إشكالية في وضع البلدان العربية، وبهدف تحسين فهم التفاعل بين المستويات الثلاثة وتحسين العملية، من الضروري وضع نظام ثابت للرقابة وتمويله باعتباره جزءاً لا يتجزّأ من المشروع.
11- أحد مبادئ البرامج التدريبية هو أنّ جميع الأنشطة يجب أن تعزّز استقلالية التنظيمات المنتسبة واكتفاءها الذاتي المالي والتنظيمي بعد انتهاء المشروع أو البرنامج، أي عدم الاستمرار في الاتكال على الجهة المانحة. هذه هي النظرة التي نرى من خلالها عادة تدعيم النقابات وتطويرها. غير أنّنا نعتقد بأنّ هذا المفهوم للتطوير ينبغي أن يخضع للمراجعة والتنقيح. في هذه الحقبة التاريخية حيث تسير الاقتصادات الوطنية إلى مزيد من الترابط والتداخل؛ ويتزايد تأثير المنظمات الإقليمية والدولية وخاصة المالية منها في صنع القرار على الصعيد الاجتماعي، من المفرط في المثالية التفكير في أنّ فعالية النقابات تتوقّف على تحقيق مزيد من الاستقلالية والاكتفاء الذاتي. ففي سياق العولمة، تعتمد هذه الفعالية أكثر فأكثر على الاندماج الهيكلي في منظمة نقابية أوسع نطاقاً، أي باعتمادها، بطريقة ما، على هيكليات أخرى، إقليمية أو دولية.
والتعويل على تعزيز استقلالية النقابات واكتفائها الذاتي، بدلاً من تقويتها بحيث تتمكّن من الدفاع عن مصالح العمال على المستوى المحلي، يحتمل أن يُضعف قدرات النقابات في النضال الوطني. ويكمن أحد التحديات الكبرى التي تواجه البرامج التدريبية هو في العمل المتزامن، على تنمية الموارد التنظيمية والبشرية والمالية للتنظيمات المحلية، وكذلك على بناء قدراتها على الاندماج في الهياكل النقابية الإقليمية والدولية. ولا بدّ من مراجعة مفهومي الاستقلالية والاكتفاء الذاتي وفقاً للشرطين المشار إليهما آنفاً بهدف تحقيق الفعالية للنشاط النقابي على الصعيد المحلي.
تمهّد النقطة 11 الأخيرة لطرح الإشكالية الكبرى في علاقة النقابات العربية مع المنظمات النقابية الدولية ومنظمة العمل الدولية والمنظمات الداعمة.
يسهل على التنظيمات النقابية الغربية التماهي مع جميع هذه المنظمات الدولية، إذ لديها نفوذ قويّ في عملية تحديد هياكلها وأهدافها. ويختلف الوضع في حالة التنظيمات النقابية من بلدان الجنوب أو من البلدان العربية.
والواقعية تكون في اعتماد طريقة تعامل تراعي ضعف انتماء التنظيمات النقابية من الجنوب إلى المنظمات الدولية، وحاجتها إلى تعزيز التزامها بقيم هذه المنظمات وأهدافها. وفي حالة البلدان العربية، يصطدم شعور الانتماء إلى المنظمات النقابية الدولية مثلاً، بعقبات ثقافية وسياسية، وكذلك اجتماعية واقتصادية. فإذا كان بعض المواطنين والعمال يتطلّع إلى المنظمات النقابية الدولية وشبكات المجتمع المدني العالمية باعتبارها الطريقة المثلى لمقاومة أضرار العولمة وتحويل مسارها، يسود اتجاه سياسي معارض يتمثل في التيارات الأصولية أو المحافظة التي يتعاظم تأثيرها على الصعيدين الثقافي والسياسي. فالأصولية تُعتبر طريقاً إلى إعادة تكوين هوية إسلامية معينة، تقف في وجه الاتجاه إلى الانصهار في العولمة، وأيضاً في وجه الاعتداء "الغربي" على البلدان الإسلامية، كما في وجه الدعم الغربي للأنظمة المتسلّطة في بلدان عربية، فضلاً عن دعمها التاريخي والمستمر للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. والقيم الثقافية للاتجاهات الأصولية تختلف اختلافاً جذرياً عن القيم التي تعتنقها الحركة النقابية الدولية، ولاسيّما في ما يتعلّق بالمجتمع، وعلاقات العمل، وحقوق الإنسان، والحقوق النقابية، والمساواة بين الجنسين، والحقوق الجنسية وغيرها.
ولتتمكّن الحركة النقابية الدولية من جذب النقابات من البلدان العربية، عليها أن تتعاطى بجدية مع التطورات الثقافية والسياسية التي تشهدها المجتمعات العربية، أي عليها أن تتّصف بمزيد من الديمقراطية والاستقلالية. والمقصود بالديمقراطية أن يُسمح للنقابات الصغيرة من الجنوب عموماً ومن البلدان العربية خصوصاً بأن يكون لها رأي في القرارات الرئيسية التي تعني الحركة النقابية الدولية. وذلك يكون، مثلاً، باعتماد التمثيل المتكافئ بين الشمال والجنوب لتصحيح الخلل التاريخي القائم بينهما. أفَلَيس من المشروع أن تُعالج هذه المسالة كما يُعالج التمييز التاريخي ضدّ المرأة، أي من خلال التساوي في التمثيل في هياكل الاتحادات الدولية؟ والمقصود بالاستقلالية اعتماد برنامج عمل اجتماعي واقتصادي وسياسي يختلف اختلافاً واضحاً عن برنامج عمل الحكومات الغربية، لاسيّما وأنّ قيادة الحركة النقابية الدولية تأتي في معظم الأحيان من الغرب. ويستلزم ذلك تكثيف الجهود بهدف صياغة بدائل عن النهج الـ"نيو ليبراليّ" ولتجنّب تداعيته، ولاسيّما على بلدان الجنوب، كما يستلزم مواقف سياسية مستقلة عن مواقف الحكومات الغربية.
وهذا المفهوم الواقعي للاتحادات النقابية الدولية يجب أن يترافق مع مفهوم دينامي. فمع أنّ الحركة النقابية الدولية نشأت من النقابات المحلية وانبثقت منها نظرياً وتاريخياً، فهي تبقى عنصراً فاعلاً يؤثر على النقابات ويحّولها. في عصر تستمرّ العولمة في فتح الحدود المحلية، وفي إرساء علاقات اقتصادية متداخلة على الصعيد الدولي، أَلَيس من المشروع ، أن يُصار إلى إمعان التفكير في تنظيم الاتحادات النقابية الدولية، ويُعاد تحديدها، بحيث تستحقّ اسمها فتكون "نقابة عالمية" Global Union ذات فروع إقليمية في مختلف أنحاء العالم؟ ومن هذا المنظور، قد تصبح النقابات الوطنية في بعض الحالات كيانات تنبثق من النقابة العالمية، أو كيانات تنشئها النقابات العالمية عن سابق تصوّر وتخطيط.
وهكذا لا بدّ من تكوين تصوّر جديد للانتساب يتيح للاتحادات النقابية الدولية، بعد أن تصبح أكثر ديمقراطية واستقلالية، تنظيم عمال جدد ويسهّل أمامها هذه المهمّة، بحيث تنشئ نقابات (أو فروعاً جديدة) ولاسيّما في البلدان التي لا تضمّ نقابات مستقلة. ولا تصحّ هذه المقارنة إلّا بعد أن تصبح الاتّحادات النقابية الدولية أكثر مصداقية بالنسبة إلى شعوب بلدان الجنوب، بالمفهوم الذي ذكرناه أعلاه.