الشهادة تليق بفرسان الحرّيّة، فمعين صدقهم هُدى الحياة. فكيف للكلمات أن تسمو في الملمّات، وهم بالأفعال نالوا حرّيّتهم وكرامتهم؟
أيّها الشّهيد بسكال سليمان، لم يكن لكم خيار آخر سوى الشّهادة، لأنّ الربّ قد عمّدكم بشذا الأرز منذ ولادتكم. فها هنا في هذا الوطن الجميل، إمارة الحياة التي هي عتبة لمملكة الاستشهاد، فمن يدخل هذه المملكة، لا يخرج من تلك الإمارة على قيد الموت!
كيف أنّ استشهادكم ابتعث في أرواحنا أسئلة عن الوطنيّة؟ فهل أنّ الوطنيّة طاغية كالحرّيّة، لا تترك أحداً من المخلصين للبنان؟
كيف أنّ استشهادكم أقام للحياة الصادقة عرس الوفاء؟ والخوف يسكننا، لأنّنا نحن الأرضيين من الخطر أن نكون صريحين، إلّا إذا كنّا أغبياء في هذا العالم الفاني.
كيف أنّ استشهادكم أصبح لبنة مقاومة، في مدماك صرح بهيّ، لا يكتمل بناؤه إلّا عندما نسمع تراتيل صلاتكم، تعانق الكنائس والمساجد في ذرا لبنان الحبيب.
لقد استراح نجيعكم في هدأة الزمن، وجلّل وجهكم عبير الحق، عندما زرعتم الأمل بالحريّة في تراب الجنان، لتنبت على كتف هذا الشرق.
لقد أطلقتم في فلاة عمرنا شهب الانتصار، على الرغم من الخليط الفاسد بين عقدة النقص وعقدة الغلبة الّذي أنتج خطاباً مريضاً وغير مقيّد.
لبنان ينزف من القلب وفي القلب... وخفافيش الّليل ينهشون الذاكرة والفرح... والجبال شاحبة السواد ببصمات القاتل؛ وحدهم الشّهداء جعلونا أوفياء لوطن سعيد، نمتشق عزيمة الحياة، وننثرها على امتداد لبنان.
كم أنتم صادقون وأوفياء لوطن الحلم، وستبقون الأنقى والأجمل!!!