النهار

"الضربات الإيرانية و"ترميم الردع"... قراءة في نتائج "ليلة الانتقام
المصدر: "النهار"
"الضربات الإيرانية و"ترميم الردع"... قراءة في نتائج "ليلة الانتقام
بطاريات صواريخ اسرائيلية.
A+   A-
د. أيمن عمر
 
لا يمكن التقليل أو التسخيف مما جرى البارحة من الضربات الإيرانية للكيان الإسرائيلي، على الرغم من إصابة القاعدة العسكرية الإسرائيلية في النقب بحسب ما صرح به مسؤولون إسرائيليون، هذه القاعدة التي انطلقت منها عملية تدمير القنصلية الإيرانية في سوريا واغتيال قادة كبار فيها . فالأمور لا تُقاس بمفاعيلها العسكرية بل بمؤشراتها الاستراتيجية والجيوسياسية. وقد استطاعت الولايات المتحدة الأميركية تحقيق التوازن في المكاسب لكل الأطراف ضمن قاعدة: رابح – رابح – رابح.
إيران ربحت عبر تحقيقها الأهداف التالية: 

١- البدء بإعادة ترميم توازن الردع بعد أن استباح الإسرائيلي قواعدها وقادتها عبر عدة ضربات واغتيالات سابقة في العراق وسوريا. وبعثت عبر هذه الضربات برسالة قوية مفادها أن إيران منذ الآن فصاعداً سوف تقوم هي بالرد المباشر لا الرد بالظل عبر وكلائها في المنطقة.
٢- إدخال مفهوم جديد في الحروب وهو "الهيمنة الجوية عبر المسيّرات"، وكسر نظرية تفوّق سلاح الجو الإسرائيلي الذي استطاع في الحروب السابقة ضمان الانتصار في حروبه، بحيث استطاعت إيرإن شلّ قدرات الجو الإسرائيلي لساعات. سبقه بذلك الاستيلاء على سفينة إسرائيلية في مضيق هرمز وما لذلك من بُعد استراتيجي في مسار الحرب والتبادلات التجارية الدولية وتداعياتها الاقتصادية العالمية.
٣- ظهرت إيران أنها داعمة للفلسطينيين ولاسيما أهل غزة.
٤- عاش الإسرائيليون في حالة من الرعب الشديد، وجرت مشاغلة إسرائيل بكل قواها العسكرية والأمنية والاقتصادية والإعلامية على مستوى جغرافية الكيان ككل.

حكومة الحرب الإسرائيلية أيضاً خرجت وفق رؤيتها بمكاسب وهي:
١- محدودية الآثار التدميرية لهذه الضربات، عدم وجود ضحايا مدنيين أو عسكريين.
٢- تحوّل إسرائيل عبر الماكينة الإعلامية إلى ضحيّة يتعرّض للقصف من دول محور الشرّ (بحسب الرواية الغربية) بعد أن كان هو الجلاد والجزار بحق أهل غزة.
٣- تحويل أنظار الداخل الإسرائيلي وتركيز اهتمامه على الهجوم الخارجي وعلى العدو الخارجي الذي يريد إزالة "إسرائيل من الوجود"، وبالتالي التخفيف من حدة الاحتقان الداخلي على نتنياهو وحكومته.
٤- ضمان استمرار تعاطف المجتمع الدولي للكيان الإسرائيلي في حربه في غزة، حيث أصبحت الآن حربه هي ضد دول محور الشرّ (بحسب مفهومهم)، وضمان تدفق الدعم المالي والعسكري والاقتصادي للكيان الإسرائيلي.

أما مكاسب الإدارة الأميركية الحالية فهي:
١- ما زالت تملك مفاتيح إدارة اللعبة وفق قواعدها واستراتيجيتها في المنطقة. واستطاعت احتواء الرد والتقليل من مفعوله العسكري والتدميري.
٢- أثبتت أنها ما زالت الداعم الأول للكيان الإسرائيلي، ومحاولة كسبها نقاطاًإضافية في الانتخابات الرئاسية القادمة.
٣- زيادة التحشيد الدولي في دعم الكيان الإسرائيلي.
ولكن السؤال الأهم: ماذا بعد؟
نحن أمام سيناريوهين: الأول  بقاء الأمور ضمن قواعد اللعبة المضبوطة المخطط لها، عندها يقترب موعد التسوية لوقف الحرب، لأن هذه الضربات هي التنفيسة لإيجاد مخرج للحرب.
والثاني أن يستغل نتنياهو هذه الضربات لتوسيع نطاق الحرب وإشعال المنطقة ككل، كمخرج له من خسارته في الحرب وامتصاص نقمة الداخل عليه
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium