مرّ أسبوع على قضية "التيك توكرز" الشهيرة، وما تخللها من تسريب ونشر وحلقات تلفزيونية و"سكوبات" صحافية، كشفت كارثة مجتمع موبوء من رأسه الى أخمص قدميه، ولم تخلّف سوى رعب لدى أهل تائهين قلقين من دون أن يطمئنهم أحد على أولادهم.
سيرجيو، زينغر، جاي، ستيڤ، آپو، جوڤي، أسماء وأسماء تخال نفسك أمام لعبة إنترنت أو شخصيات كرتونية محببة لفيلم سينمائي للأطفال، لتكتشف أنها لائحة بكنيات لمجرمين خطيرين يتعدون على مجتمع بكامله، يضربون أروع ما فيه وهو براءة الأطفال.
تصح تسمية ما يجري حالياً بحفلة الجنون المخيفة يتشارك فيها الجميع؛ من سلطات رسمية وأجهزة أمنية وقضائية وعصابات متقاتلة ومشاهير ومؤثرين وصحافيين، من دون أيّ نتيجة إيجابية واحدة، فكل يوم يمر تتشابك فيه القضايا ويختلط الحابل بالنابل، حتى تخال نفسك تعيش على قطعة منفصلة من هذه الأرض، تحكمها الوحوش من دون أي قوانين وضوابط.
بعد مرور أسبوع كامل، تزداد الأمور تعقيداً، يتحول البطل من مكشف للقضية إلى متهم، لا بل إلى مجرم، والمحامي الى متواطئ وشريك، وبعض القوى الأمنية الى مروّجة لأخبار زائفة، ويتظهر جليًّا عجز القضاء وقدراته الضعيفة في مواجهة المافيات والعصابات، بالإضافة إلى هزال القوانين التي يجب أن تحمي الناس وخصوصاً القصّر والأطفال منهم. يسقط بعض الإعلاميين سقطات مهولة تحت شعار التراندينغ، فيما يتحول بعضهم إلى محقق وقاضٍ، وآخر من سارق أخبار إلى مصدر موثوق ليزيد الرعب رعباً.
ومع هؤلاء جميعاً، يسقط جزء كبير من المجتمع في حملة تعميم خطيرة تطال كل من عرف وتعاطى مع هؤلاء المجرمين، فيصبح كل من مرّ أو تكلم أو تصور مع هؤلاء، وهم من المشاهير أو من أصحاب المتاجر ومحلات الحلاقة، شريكاً معهم أو أحد ضحاياهم، ويتحول في النهاية إلى ضحية حتمية لهذا المجتمع.
من إيطاليا والسويد وبعض العواصم العربية، إلى بيروت وبعض الضواحي، قصّر وأطفال وأفلام إباحية واغتصاب ومخدرات، انتحار على الهواء، صراع شبكات وعصابات وشهرة ومشاهير وتشهير، شكلت جميعها سلسلة لتكوّن صورة رهيبة.
أمام هذا المشهد، لا بد من صرخة ممن تبقى ونجا من هذه المجزرة، وما تبقى من دولة، للمسارعة في إنقاذ ما تبقى من صورتها وتقديم إجابات فورية عن عشرات لا بل مئات التساؤلات، والضرب بيد من حديد لوقف هذه المهزلة فوراً، رحمةً بالناس.
انها صرخة أب، أصبح كمن يدور في فراغ، لا يعرف من أين يبدأ وكيف ينتهي، يشكك بنفسه وبكل ما يحيط به، يعيش تحت سيطرة الخوف، يخاف الحلاق، وسائق الباص، وأستاذ المدرسة، والطبيب والمحامي والعنصر الأمني، يعدّ ساعات النهار بقلق، ينتظر انتهاءها ليعود إلى جانب طفله يتفقده ويتأكد أنه نجا، قبل أن يدخل في مدار قلق جديد مما سيحمله يوم آخر آتٍ.