البروفسور أنطونيوس أبو كسم*
في حين أن دولة فلسطين هي دولة طرف في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية منذ العام ٢٠١٥، بالمقابل إنّ إسرائيل ليست دولة طرف في هذه المعاهدة. وبالتالي، إن السلطات الإسرائيلية غير ملزمة بالتعاون مع المحكمة أو تنفيذ طلباتها، مذكراتها وأوامرها.
إن إصدار مدعي عام المحكمة قرار اتهام بحق عدد من الأشخاص، إن صدور مذكرات توقيف بحقهم يتطلب موافقة الغرفة التمهيدية وتصديق التهم، قبل أن تصدر مذكرات توقيف بناء لطلب المدعي العام.
حاليا، إن الغرفة التمهيدية تعكف على دراسة الملف، والاطلاع ما إذا كانت الأدلة كافية بحق المتهمين. بعد فترة زمنية، ستصدر الغرفة التمهيدية قراراتها، فإما أن تصادق على قرار الاتهام المقدم من المدعي العام وإما تطلب منه تقديم أدلة إضافية وإما تعديل التهم وأوضح تعديل الجرائم المدعى بها.
وفقا للسيناريو الطبيعي المستند على مصادقة الغرفة التمهيدية على قرار اتهام المدعي العام، وإصدار مذكرات توقيف بحق المتهمين من أجل السير بالمحاكمة، إن دولة فلسطين والدول ال- ١٢٣ الأطراف في نظام روما، ملزمة بتسليم المتهمين الفلسطينيين للعدالة. أما بشأن نتنياهو، إن إسرائيل غير ملزمة بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتسليم المجرمين. هذا لا يمنع أطراف نظام روما الأساسي ال ١٢٤ دولة من توقيف المتهم في حال دخل أراضي إحداها.
إن نتنياهو بحصانة شبه موضوعية، لا تسلمه حكومة إسرائيل إلا إرادياً وهذا مستحيل التحقق لعدة أسباب، تتعلق بالتحقيق بالجرائم المرتكبة في النزاع المسلح في غزة. في حال وافقت إسرائيل على التعاون، يعني ذلك تسليم مكتب مدعي عام المحكمة معلومات عسكرية تتعلق بالهجوم على السكان في غزة، وأخرى تتعلق بالقيادات الامنية والسياسية والعسكرية التي تخطط وتعطي الأوامر.
إن التحقيق في الجرائم المرتكبة خلال النزاعات المسلحة، يقتضي التحقيق مع كافة أطراف النزاع. فالقانون الدولي. الإنساني يحدد الجهة التي لم تحترم قواعد القتال وصولا إلى قتل الابرياء، مهما كانت الجهة المقاتلة معتدى عليها أو معتدية.
على مستوى التطبيق، إن تسليم المتهمين أمر شبه مستحيل، كون الجهات الداعمة لأطراف النزاع غير منضوية تحت نظام روما بل مناهضة له، بدءا من بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن كالاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأميركية. وتبقى عدالة المحكمة الجنائية الدولية استنسابية وغير ملزمة، وهي في طور النموّ. إلا أن حسناتها أنها تشكل آلية لإنفاذ القانون الدولي الإلزامي.
من أبرز تحديات المحكمة، إضافة إلى عدم تعاون الدول، عدم استطاعتها إجراء محاكمات غيابية في غياب المتهم. إنه يجوز فقط الشروع في محاكمات غيابية فقط خلال المرحلة أو المحاكمة التمهيدية. وبالتالي، لا تقوم المحكمة بإصدار أحكام إذا لم يحضر المتهمون المحاكمات.
فتثبيت التهم لا يعني الادانة من قبل المحكمة، حيث يتمتع المتهم بقرينة البراءة حتى صدور الحكم أو القرار القضائي بحقه. إن الإفادة المعنوية للرأي العام أنها تشير إلى بعض أهم المتهمين لتقول أن القانون الدولي موجود بالرغم من عدم فعاليته.
*محامٍ دولي وعميد كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الحكمة