يُنشِدُ المؤمن(ة) في هذا الأحد- المَدخَل إلى الصوم المُبارَك: "أيُّها الهادي إلى الحكمة، وواهبُ الفِطنَة، ومُثَقِّفُ الجُهَّال، ومُجيرُ المَساكِين، شَدِّد قلبي وامنَحهُ فَهمًا، ايُّها السيِّد. وأعطِني كلامًا، يا كلمةَ الآب".
يا ربّ، أنتَ تُنادي:"يا بُنَيّ اعطني قلبَك، ولْتُلاحِظ عَيناكَ طُرُقي" (أمثال 23: 26) ".
وأنا أُجيب: قلبي مُستَعِدٌّ يا الله" (مزمور 108).
أنتَ قِبلَتي، وقلبي بين يدَيك ( متّى 6: 21).
نعَم، يا ربّ، أنتَ حبيبي !
كيفَ لا وقد اتَّخَذتَني "ابنًا(ة) حبيبًا(ة)" (مرقُس 1: 11؛ متّى 3: 17).؟
لِذا باستِطاعَتي أن أُنشِد: "أنا لِحَبيبي، وحَبيبي لي" (نشيد الأناشيد 6: 3)
֎֎֎
إذ يَنبُضُ القلبُ بالحياة، يضُخُّ الدَمَ والأُوكسيجين، فنَحيَا.
ويضُخُّ "القلبُ" المَعنى خُصوصًا، فنَحيَا. ينبُضُ قلبُنا بالهَدَف، فتَستَحيلُ حياتُنا إبداعًا.
يَحيَا المؤمن(ة) في قلبِه، وبِقَلبِه. وبِذا يتَجاوَزُ الاستِهلاكَ المُميتَ للأشياء ولِلنَفس بآنٍ معًا. لأجلِ ذلِك، لا يعيشُ المؤمن(ة) "للطعام والشراب خَوفًا من أن يَموت"، ولا بأحاسيسِه وحَسب، بل للَّذي قالَ:"أنا الحياة" (يوحنّا 14: 6)، في خطِّ الرسول المُنادي:"لستُ بعدُ أنا الحيّ بل المسيحُ حيٌّ فِيَّ" (غلاطيَة 2: 20).
֎֎֎
المؤمنُ(ة) الحقُّ يَرتَضي العِبادَة "بالروح والحقّ"(يوحنّا 4: 24) لا في أماكِنَ مَسكونَة بالحَرف ومهجوسَة بالمادَّة لأنّه تقبَّل حكمتكَ وبِكَ صار فَطِنًا.
نحنُ نُنشِدُ في يوم القيامة أنَّ يسوعُ هوَ "حَكمةُ الله"
هذا، والحكمةُ هيَ إحدَى مواهب الروحِ القدُس(يوحنّا 14: 26)، يَطلُبُها المُؤمِن(ة) بوصلَةً
لِطريقه. فيَتصرَّف بِفِطنَةٍ في مَعارِجِ الحياة، ومع أشباهِه لِيبقى العالَمٍ يليقُ بالإنسان -في أجيالِه المُتَعاقِبَة- وسائر الخلائق.
المؤمن(ة) الحكيمُ يَعمَل أيضًا وأيضًا (يوحنّا 5: 17) ويَومًا فَيَومًا على تِثقيف الجُهَّال، بتَوكيلٍ مِن الذي نُنشِدُه لِ"يُثقِّف الجُهّال"، ويَجعلُهم قُرَّاءَ للحياة ولِعَلامات الأزمنة فيها، فتَعمَّ المعرفة ويَسُود الحقُّ والخَيرُ والجمال. هوَ يَقبلُ الضعيف في الإيمان وفي الفِكر "بِغَيرِ مُباحَثةٍ في الآراء" (رومة 14: 1) لأنَّ "اللهَ قد قَبِلَهُ" (رومة 14: 3) .
المؤمن(ة) القِيامِيّ يأبى عَبادَةَ "بَعل وعَشتَروت أي السُلطة والجِنس" بِحسَب قَول المطران جورج(خضر). نعَم، "المُجتمَع عِندَه مَكانُ الإبداع" على كلِّ صعيد. ولكِن وأوَّلًا، هوَ "مُجيرٌ لِلمساكين" إذ تشَدَّدَ قلبُه بِكلمةِ الله. وفهِمَ أنّ الحياةَ تَليقُ بِمَن يُحِبّ ويُحَبّ، وبِمَن يَرحَم فيُرحَم. يُصلِّي، فيَدخُلَ في صِلَةٍ تفاعُليّة من الذات إلى الله، ومن الله إلى "القريب" (لوقا 10: 25-37) ، لِيَصدَح صَوتُه مُنشِدًا:
"أنا لِحَبيبي، وحَبيبي لي" (نشيد الأناشيد 6: 3).