من المؤكّد أننا جميعا نريد السلام، ولكن هذا لا يعني أننا نريد السلام بأيّ ثمن.
- كارل بوبر
ما هو دور مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة؟
سؤال لا ينتظر جواباً.
لمن يعرف طبيعة الصراعات الكونية. الجواب يصبح من غير جدوى، لأنّ الصورة اتضحت مند نهاية الحرب الكونية الثانية حين اشتد الصراع بين القوتين العظمتين أو بمعنى أدق الإمبرياليتين الولاية المتحدة الأميركية والاتّحاد السوفياتي على السيطرة على برلين. وتقاسم مناطق النفوذ.
يستغرب المثقّف كثيراً عندما ما يطلق لفظ الإمبريالية فقط على الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية بصفة عامة. واقع الحال يقول إن هذه الصفة في الحقيقة تطلق مند الأزل على جميع الامبراطوريات، سواء كانت ذات نفوذ سياسي أو اقتصادي أو ديني. وغالباً ما كانت تجمع الثلاثة. لأن جلّ الإمبراطوريات تقوم على أساس الهيمنة وطمس هوية المهيمن عليه. وفي هذا المجال لا يختلف الشرق عن الغرب، والجنوب عن الشمال.
إن القوى المهيمنة ترى في خريط العالم مناطق نفود ومصالح، وأسواق استهلاك ومناطق تجارب لمختلف الأسلحة والتكنولوجيا الجديدة.
بعد تفكيك الاتحاد السوفياتي، أصبحت الولاية المتحدة الأميركية تسيطر على جميع الفضاءات شئنا أم أبينا، إلا المجال الاقتصادي التي تنافسها فيه الصين. فرغم الانتقادات والسخط وعدم الرضى على سياساتها تجاه عدّة دول، خاصة في الشرق الأوسط، خاصة القضية الفلسطينية، وبعض دول أميركا اللاتينية والأفريقية. فالجميع يسعى إلى التقرب منها علناً أو سراً لينال رضاها.
فالجميع داخل بيت طاعتها بما في ذلك الدول الغربية. لأنها كانت المخلص في الحربين العالميتين. وبما قدّمته من غداء وعتاد عسكري، وبرنامج مارشال.
اليوم يجب علينا أن نقرأ الحرب في اوكرانيا من جميع الجوانب، وأن نضع موقع كلّ من فرنسا وبولندا والمانيا تحت المجهر، وكذلك الدور الانغلوسكسوني في هذا الصراع.
هل الرئيس بوتين لم يستخلص العبر من دروس الماضي أم يريد إعادة كتابة التاريخ على طريقته؟
يقول نيتشه:
"إذا غطّسْت نظرتك لزمن طويل في الهاوية، فإن الهاوية ستنظر إليك أيضاً".
من أنتج الجماعات المسلحة المتطرفة أيديولوجياً ودينياً".
لماذا تدخل الدول الغربية وغيرها في عدة حروب غير أخلاقية ودون أي خوف، ودون أي اعتبار للذات الانسانية.
- احتلال فلسطين
- الحرب الأهلية في روندا
- حرب أفغانستان
- حرب يوغسلافيا
- حرب العراق
- حرب ليبيا
- حرب السورية
- حرب اليمن
واللائحة طويلة.
بغضّ النظر عن الأسباب الظاهرة والخلفية لهذه الحروب التي كان من المفترض أن يتدخل مجلس الأمن بحزم لحلها، لأنّه الراعي لحماية الدول، أصبح هو الطرف الفعال في اشعالها أو غضّ الطرف عنها. مخترقاً بذلك مبادئها.
مند مدّة وأنا اتابع بعض القنوات وحملتها على روسيا عموماً، وعلى رئيسها فلاديمير بوتين. وعلى الدول العربية والأفريقية، وعن الإسلام مرّة تلميحاً وأخرى صراحة.
لمَ هذه الحملة؟ وهل حقاً أن الولاية المتحدة الأميركية والدول الغربية تدافع عن مبدأ حقّ الإنسان أن يعيش في كرامة وحرية، وحقّ أوكرانيا في وحدتها الترابية واستقلالها كما يقولون؟
ولمَ لم تُحارب هذه الدول روسيا مباشرة كما فعلت في العراق وليبيا ويوغسلافيا؟
ولمَ تخوض حرباً بالوكالة لاستنزاف الاتحاد الروسي اقتصادياً وعسكرياً، وتجعل من أوكرانيا حقلاً لتجارب أسلحتهم الحديثة؟
وهل سقط قيصر روسيا في الفخّ الغربيّ؟
حقيقة لم أعد أفهم شخصية الرئيس بوتن التي عرفتها مدة عشر سنوات واستطاع فيها أن يبني هياكل الدولة الروسية، والذي كنت أعتقد أنه ذكيٌّ. وباستطاعة حنكته أن يفاجئ العالم ببناء دولة روسية قوية علمياً واقتصادياً وعسكرياً اكثر مما فعلت الصين، لأن روسيا لها جميع المقومات من ثروات وطاقات علمية وثقافية تحسد عليها. لكني أراه اليوم يحطمها ويقتل أبناءها (كما فعل راس بوتين قبله) هل يفعل هذا عن وعي أم دون وعي، يفعل كلّ هذا بأخطاء قاتلة كما يقول بعض الأصدقاء الروس.
الشعب الروسي يستحقّ العيش والتقدّم لما يحمله من ثقافة وعلوم. يكفيه ما عاشه من محن على مرّ العصور. إنّ كلفة هذه الحرب على الشعبين الشقيقين الأوكراني والروسي سوف تكون مكلفة جداً ومدمّرة.
ما موقع فرنسا التي تعتقد أنها قوة عظمى (في جميع المحافل) في هذه الحرب؟
وما الدور الذي لعبته في روندا وليبيا؟
أين سياسة فرنسا والبحث عن موقعها في المعادلة الدولية الجديدة بعد أن فقدت مواقعها في أفريقيا لأسباب موضوعية؟
يتبع....