الساعة تقترب من خيوط الفجر، بقايا الليل تجهز نفسها للانقضاض على الفواصل الزمنية، الوقت ينسحب من جلده دون ضجيج، يصافح يد المستحيل ويجلس فوق مقعد الضباب يشاهد تناثر سلاسله الحديدية فوق لهاث الروح، الكلمات التي عصفت بالمكان حوّلته إلى كتلة بركانية تنساب فوق صفيح الرغبات .
لم تكن تعلم صاحبة قلم الرصاص التي كانت تعبث بالأوراق البيضاء أن السطرين اللذين خطّهما قلمها ذات مساء سيدخلانها في وتين الأمكنة والأزمنة، سيشقان كاحل الرّمان لتتساقط حبيباته فوق ثغر العشق الممنوع.
كانت شهقة الفجر تودّع أجفان الليل الغارق بالسهر عندما أرسل لها الريح رسالته الأولى، قبضت على عنق الرسالة، تدافعت كلماتها بقوة، أحست بسيل جارف يجتاح روحها، قرأتها عدة مرات حتى لفح وجهَها ضوءُ الشمس، ارتجف القلم بيدها، لم تعد تعرف كيف تخربش به كما كانت تفعل كل يوم، تباً لك أيها الشقي، لماذا أُصبت بالعجز في منتصف الحنين؟
سأجرب صوتي ما زال لديه القدرة على الغناء؛ أطلق صوتها كلمة مزّقت رحم المسافات.
أنا هنا
أمسّد رأس سنابل القمح،
أجمع حبيبات الرمان المتناثرة على زند الضياع لأسقي أوردتي الجافة،
أرى كل أشيائي من خلف الزجاج الكفيف.
شكراً لك أيها القلم الشقي الذي أدخلتني في هذا السحر المرسوم على كتاب سيبقى يتحدى المستحيل ....