يقول مؤسس المسرح الحديث قسطنطين ستانيسلافيسكي:
"لا يوجد دور صغير ودور كبير بل يوجد ممثل صغير وممثل كبير".
انطلاقاً من هذه المقولة نجدُ أنفسنا مسؤولين كمشاهدين عن منح تركيزنا لجميع الأدوار التي تؤدى أمامنا على خشبة المسرح، بدءًا من الأدوار التي لا تتجاوز كونها مروراً لمرة واحدة، انتهاءً بالأدوار التي تُشكلُ عصباً مهماً في العمل، ليس هذا فحسب، إنما نجد أنفسنا نحملُ مسؤولية الخروج من منازلنا والتواجد في قاعة المسرح لمشاهدة عروضٍ لممثلين لم يحظوا بعد بفرصتهم الحقيقية، ومن هنا نستنجُ أن علينا أن نولي ممثلي المسرح الجامعي أهمية أكثر من غيرهم ممن حظيوا بأدوارٍ أنصفت موهبتهم.
وعلى خشبة مسرح المركز الثقافي يأتينا عرض بيت على الحدود المأخوذ عن نص سلافومير مروجيك، إخراج كمال فضة، وإشراف هاشم عزال، وتمثيل: رسيل حيرب، الليث لايقة، عبد الستار الجغيني، سرزان زلف، وليد العبدالله، ساندي سعيد، علي ديوب، أسامة مرعشلي، نور المصطفى، يوسف السيد علي، حكمت باش بيوك، علي الجهني، مصعب مزوق، مقداد حمودة، يارا جبيلي.
يتحدث العمل عن منزل لعائلة عادية يتم تقسيم المنزل بقرار دولي إلى قسمين على منطقتين حدوديتين، ويتبع كلّ قسم لقوانين الحدود التي يُمثلها، بطابع كوميدي أسود يوصل لنا العمل كيف تتم القرارات الأُممية على حساب مصلحة المواطنين اليومية.
بدأ العمل من حيثُ انتهى، في حديثٍ للشخصيات التي ماتت في الحياة الثانية، ثم عودة بفلاش باك لمعرفة الطريقة التي ماتت بها الشخصيات، يتميز العرض ببداية قوية وجذابة، ثم تتحول إلى نوع من الملل في الوسط حيث فلت النص من يد الكاتب المعالج للنص الأساسي، ومال بعض الشيء إلى المماطلة، فيما جاءت النهاية على قدرٍ أقل إقناعاً من البداية، ولكن يُحسب للعمل السلاسة في طرح الفكرة، والسينوغرافيا الجميلة (لوفاء غزال) رغم ضعف الإمكانيات، والأداء الجيد للكثير من الممثلين على الخشبة.
ومن الأدوار التي أحدثت فرقاً في العمل كان دخول الشاب مصعب مزوق بدور "المهرب" حيثُ أتقن مزوق دوره بشكل احترافي ابتداءً باللعب على نبرة الصوت التي جاءت مناسبة للكراكتير وصولاً إلى الأزياء ولغة الجسد، والإحساس الواضح بالشخصية، التي تجعل المشاهد يشكُ للحظة أن مزوق هو مهرب حقيقيّ على أرض الواقع، وذلك بدليل تفاعل الجمهور مع دخوله لمرتين على الخشبة، رغم صغر حجم الدور المسند إليه إلا أنه استطاع أن يجعل من المساحة الصغير مساحة نابضة بالحياة، تشع واقعاً على خشبة المسرح.
وهنا نرفعُ القبعة لكلّ ممثل يعمل بشغف وضمير وحبّ، ويعطي الدور المُسند إليه كلّ ما لديه من طاقة وتفانٍ حتى يخرج للعالم بأفضل حلّة.
على أمل أن نشاهد أعمالاً أكثر لطلاب المسرح الجامعي، وعلى أمل أن نشهد نهضة جديدة للمسرح السوري تنفض عنه غُبار الإهمال.